بعد احتجاز أنقرة للقس الأمريكي آندرو برونسون، بداعي أنّه على صلة بجماعة فتح الله جولن المصنفة إرهابيًّا في تركيا. وعلى نحو متسارع، شهدت العلاقات بين البلدين توترًا فاق حدود المتوقع، بينما تصر الولايات المتحدة على إطلاق سراحه. وكانت السلطات التركية اعتقلت "القس برونسون" في أواخر عام 2016، وذلك لتهم تتعلق بانتمائه إلى تنظيم "الكيان الموازي" بحسب ادّعاءات القضاء التركي، حيث تحوّل برونسون فيما بعد إلى مادة دسمة على أجندة كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا. وطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمّة عقدها مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في مايو 2017 بإطلاق سراح القس. وفي يوليو الماضي، هدّد ترامب تركيا بمواجهة عقوبات كبيرة ما لم تطلق فورًا سراح القس الأمريكي الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله في تركيا، كما لوح نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس بتهديد مماثل وجهه مباشرة إلى الرئيس التركي. آندرو برونسون القس الأمريكي السجين - تمّ اعتقاله في عمليات التطهير التي حدثت بعد محاولة الانقلاب في تركيا 2016، وهو راعي إنجيلي في كنيسة القيامة البروتستانتية في مدينة إزمير، وهي كنيسة بروتستانتية صغيرة تضم حوالي 25 مصلياً. "برونسون" ولد في 1968، ويعيش في تركيا منذ 22 عامًا، وهو متزوج ولديه ابنان ولدا في تركياوكان يتأهب للتقدم بطلب إقامة دائمة في تركياحسب قول محاميه، لكنّه كان قد نشأ في ولاية كارولينا الشمالية، وهو الأكبر من ضمن سبع إخوة ومن أسرة متدينة جدًا. وانتقل "برونسون" إلى تركيا في منتصف التسعينيات، واستقر مع زوجته وأطفاله الثلاث في مدينة أزمير، وكنيسة القيامة التي يرعاها، هي من بين عدد قليل من أماكن العبادة المسيحية هناك. وقالت والدته إنّه "عندما كان صغيرًت، كاد أن يموت من مرض عضال، ولذلك السبب منحته للرب". بينما ذكرت أخته بيث: "كانت حياتنا الأسرية بسيطة للغاية، كنا نموذج الأسرة الأمريكية التي تعيش في أماكن نائية". وبحسب صحيفة "الجارديان"، احتجز برونسون مع 21 سجينًا آخرين في زنزانة مخصصة فقط لثماني أشخاص، وفي حال إدانته، فإنه يواجه السجن لمدة 35 عامًا. وقال برونسون للمحكمة التي نظرت في قضيته، إنّه لا يوجد دليل ملموس ضده، معلقًا: "لقد عانى تلامذة المسيح باسمه، والآن دوري.. وأنا رجل بريء من كل هذه التهم وأرفضها، وأعرف لماذا أنا هنا، أنا هنا لأعاني باسم المسيح". تكشف هذه المعلومات عن أنّ حياة "هذا القس" لا تتضمن ما قد يبدو مؤشرًا قويًّا لتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، وبالتالي فُرض تساؤلٌ عن الحجم الكبير في رد الفعل الأمريكي. هذا السؤال وجّه للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، خلال مؤتمر صحفي عقدته أمس الأربعاء. قالت "نويرت" في إجابتها على السؤال: "أنت تحاول أن تفرد شخصًا واحدًا وقد وقفت هنا مرارًا وتكرارًا، كما العديد من زملائي، للتحدث عن أشخاص آخرين تم اعتقالهم في ذلك البلد". وأضافت: "تتمثل مهمتنا الرئيسية بحماية المواطنين الأمريكيين.. لا شك أنّ هذه المقولة تشمل القس برونسون.. لدينا أيضًا ثلاثة موظفين محليين في الوضع نفسه ". وتابعت: "لقد تحدثت عنهم (بالأمس) وكنت واضحة جدًا معكم جميعًا بأنّ هذا يمثل مصدر قلق كبير بالنسبة إلينا.. اعتقلت الحكومة التركية أيضًا عالمًا في وكالة الفضاء الأمريكية وهذا أمر مهم بالنسبة إلينا أيضًا.. لقد سمعتم ذلك من وزارة الخارجية ومن البيت الأبيض وزملائنا الآخرين أيضا". وأوضحت "المتحدثة": "لا أستطيع قبول فرضية السؤال.. تحدثنا عن الوضع المالي في تركيابالأمس، الوضع المالي التركي قيد النظر منذ بعض الوقت ويعود ذلك إلى فرض العقوبات في أغسطس.. أعتقد أنّ ذلك كان في أول أغسطس، يتم تحضير ذلك منذ بعض الوقت ولا يمكنك لوم حكومة الولايات المتحدة على ذلك". وصرحت: "لدينا علاقة واسعة جدًا مع حكومة تركيا.. لدينا دائمًا مع جميع الدول بشكل عام وفي كثير من الأحيان مسائل لا نتفق عليها دائمًا، ولا ننظر إليها بالطريق عينها ولكن ثمة مسائل نعمل فيها معا ونتعاون، وستكون تركيا إحدى الحكومات التي نواجه معها أحيانًا مسائل نختلف عليها وثمة مسائل نتفق عليها أيضا في بعض الأحيان".