فن الخداع والمراوغة

فن الخداع والمراوغة

فى عصرنا هذا يزدهر فن المراوغة والتى هى فى ابسط تعريف لها "استخدام الكلمات المنمقة للتغطية على النيات الغير طيبة او الافعال الغير سوية للنفس البشرية"... أو بمعنى آخر اظهار الوجه الثانى للإنسان وذلك باسلوب زكى لطمس الحقيقة بغلاف وهمى .. ومن يتمتع باسلوب المراوغة يعتبر ذكيا لانه يستطيع انقاذ نفسه من اى موقف حرج او مشكلة قد تكون مستعصية عليه مستقبلا فهو اسلوب يشبه لعبة الشطرنج لايربحها الا الحريف . وتعتبر الشخصية المراوغة من اصعب الشخصيات التى نتعامل معها لانها ليس لها مبدأ أو معيار أو رأى ثابت يمكن الاحتكام اليه اذا لزم الامر.. فهى شخصية التوائية مائعة تتشكل وفق المواقف التى تواجهها أو توضع فيها .. وتجدها كالحية تتلوى لاتستخدم الطريق المستقيم ابدا .. وتتلون كالحرباء حسب الاجواء المحيطة بها. هذه الشخصية يمكنها التكيف ومسايرة الظروف وتستطيع النفاذ من المواقف المحرجة او تهيئة الظروف لما يناسب اغراضها ويصعب جدا ان تحاصرها بالحجة والمنطق لانها شخصية لها منطقها الخاص . وللشخصية المراوغة علامات تميزها وتكشف عنها منها كثرة التبريرات ,فعندما تحاصره اخطاءه تجده يلجأ الى تبرير الاخطاء بالاسباب التى ادت اليها فتنتفى بذلك تهمة الوقوع فى الخطأ وحينما تتكرر الاخطاء مرة اخرى يلجأ الى تكرار التبريرات ولكن باسباب مختلفة فى كل مرة ... ومن ضمن علاماته ايضا التهوين والتهويل كالموظف الذى يهول من حجم المهام التى توكل اليه لانجاز عمله ويصفها بانها فوق طاقة اى بشر وفى نفس الوقت يهون من العائد الذى يحصل عليه نتيجه هذا العمل الشاق .. ومن العلامات المميزة للمراوغ ايضا هى قدرته على التلاعب بعقل المتلقى او المستقبل بالمغالطات التى تبدوا منطقية .. فنجده يحاول اثارة المشاعر والتعاطف معه بدلا من تقديم الحجج المناسبة التى تؤيد وجهة نظره ... ويمكن وصف المراوغ بانه عديم الاحساس بغيره فهو يهتم فقط بتحقيق اهدافه وغاياته لارضاء نفسه فيجبر من حوله على طاعته والتنازل له دون الاكتراث بمشاعرهم ورغباتهم وقد تصل الى حد الاساءه اليهم كونه شخصية انانية لايؤمن بالاخلاق والمبادىء والقيم فتلك امور لاتعنى له شيئا. ولانه لسانه احلى من العسل وكلماته منمقة جميلة تلمس القلوب يعطيك وعودا كثيره ولكن لاتتوقع منه تحقيق شىء منها لان اكثر مايميزهم ان "اقولهم غير افعالهم"فهم بالرغم من انهم يظهرون لطفهم فى التعامل معك وقدرتهم على القيام باى عمل يوكل اليهم إلا أنك ستجدهم عديمي الفائدة والمنفعة، عاجزين عن تحقيق وعودهم. هذه الشخصية يساعد على نموها فى المجتمع انتشار الامية وضعف حصول الانسان على حاجاته الاساسية .. فانعدام العقلية الواعية الناقدة التى تستطيع ان تحلل ما يساق اليها من مقال او راى او حجة يساعد على انتشار مثل هذه الشخصيات فى المجتمع. ولان المجتمعات العربية تعانى شعوبها من الامية وبعض الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فهى من اكثر الشعوب التى تكثر فيها تلك السلوكيات المراوغة... وليس بين الشعوب فقط ولكن بين الساسة العرب حتى يمكن ان نقول ان السياسة فى حد ذاتها هى فن الخداع والمراوغة.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;