أنا طيبٌ لدرجةِ أني ألفُك في ملابس الإحرام، وأنت سابحة في ملابس البحر

أنا طيبٌ لدرجةِ أني ألفُك في ملابس الإحرام، وأنت سابحة في ملابس البحر

اتركوني وحدي، لأخلو بى مرةً، مرةً واحدةً، لأنفضَ عني انتظارَ النهاياتِ التي ماتتْ منذُ زمنٍ بعيدٍ، الطائراتُ الورقيةُ، تتركنُي علي الأرضِ ممسكًا بالخيطِ، وترتفعُ لفوقٍ، لتعقدَ صفقةً مع الطيورِ الغريبةِ، وتنظرُ إلي بعينين شاخصتين، وروحٍ هائمةٍ، فلماذا كلُ هذا الشجن ؟ أيتها السيدةُ المجنونةُ مثلي، لن أدخلَ قالبَ الثلجِ ثانيةً، ولن أظلَ منتظرًا حتى أعرفَ كيف يبهجُك حزنُ البنفسجِ، حين يعودُ لإزهارِه في الدميرةِ، الثلاجةُ ضاقتْ علي بواقي الذاتِ المكيسةِ، التفاعلُ الكيميائي في المشرحةِ فعلٌ إجراميٌ ، والسكوتُ المقيمُ فوقَ حبالِ الحنجرةِ لا يحسُه غيرُ الميتين من الضحكِ .
أنا طيبٌ لدرجةِ أني ألفُك في ملابسِ الإحرامِ، وأنت سابحةٌ في ملابسِ البحرِ، وأنامُ مستيقظًا في سماعةِ الهاتفِ حتى لو أصيبت الحرارةُ بالسعالِ، الفراغُ المجاورُ لبركانِ كبريائكِ صديقٌ غيرُ وفيٍ، هو من يشي كلَ ليلةٍ بالحرائقِ التي تشتعلُ في الملاءاتِ، وهو من يسردُ التفاصيلَ التي أحسُها عن بعدٍ، ويدسُ أريجَ الشهيقِ تحتَ الوسادةِ، هذه حريةٌ منقوصةٌ، سأجهزُ لكِ الحناءَ، وأضعُ علي شعرِك بلسمًا أحضرتهُ للتوِ من الأشجارِ الساخنةِ في البلادِ البعيدةِ، لأعودَ ثانيةً دونَ راحةٍ كي أطوفَ في الليلِ وأفي بالنذورِ التي نذرتُ، وأبكي الجنينَ المهجنَ الذي التصقَ بالرحمِ عشرين سنةً دونَ أن يزعجَ إخوتَه الخارجين للبراحِ، ونخلةُ جدي التي تحتها التقينا، صارت مباركةً الآنَ، أطفالُ قريتنِا يصبون في قلبِها (السبوعَ)، وتلفُ النساءُ الرملُ حولهَا كيما تخضر الجبالُ اليابساتُ، الشعراءُ المخضرمون قادرون علي حملِ الأشجارِ اليابسةِ علي أكتافِهم ، هم يحتفظون بجيبِ الساعةِ وعينُهم الرامقةُ علي المعصمِ، حتى ينتهوا من قراءةِ خارطةِ النبضِ .
أنا مدفونٌ في شعائرَ ميتةٍ، طفلٌ مسروقٌ من مضجعِ حرب ٍكاذبةٍ، أتحدثُ عن عاشقٍ حيٍ في الليلِ، وهو مدفونٌ في كفنِ النهارِ، لكنني أشهدُ أني مترجمٌ جيدٌ لموسيقي الثيران، وأنا مربوقٌ جنبها في المداورِ أجمعُ (الفونيماتِ) المبعثرةَ علي أوراقِ البرسيمِ، في آخرِ الأسبوعِ أأخذني لنهايةِ التاريخِ، لأنامَ بمحازةِ نسيجٍ لعنكبوتٍ فارقَ الحياةَ منذُ قليلٍ، أمسكُ عكازًا لكفيفٍ، فاته بالأمسِ، حين ألتحقَ بمبارزةٍ في سلاحِ الشيشِ، أجلسُ بجوارِ الطاحونةِ التي تدورُ دونَ توقفٍ، أسألهُا سؤلاً بريئًا يميلُ قليلاً ناحيةَ الشمالِ، هل تراجعُ فعلاً الحباتِ المائةَ التي تحتفظُ بها كلُ سنبلةٍ علي حدةٍ ، قبلَ أن تنفذَ حكمَ الطحنِ البريءِ، أم تترك الأمرَ لضميرِ الغائبِ الذي صار إلهًا من العجوي، علي الرغم من أن العصافيرَ لا تطوفُ بالكعبةِ في الليلِ، والحمامُ الأبيضُ لا يترك رسائلَ خبيثةً فوق الحجرِ الأسودِ في النهارِ، وأنا مازلتُ أنظرُ للموتِ من فوقِ تمثالِ الحريةِ علي أنه العدالةُ بعينِها، فأرقبُ الحمامَ الذي لا يبيضُ علي تمثالِ نهضةِ مصر ، ساعتَها أخشي سقوطَ السماءِ علي الملائكةِ والشياطينِ معًا في ميدانِ التحرير .
هل مسئولٌ أنا عن سكوتكِ المفاجئِ في تظاهراتِ لصدي الكلام، السؤالُ بطريقةٍ آخري، هل أقفُ علي ترعةِ الإبراهيميةِ منتظرًا الطلعَ الذي يحملُه الرياحُ المنوفيُ من جديدٍ، وما حكايةُ صرةِ الدموعِ التي سقطتْ منك في أولِ الخماسين عندَ بابِ الخديعةِ ، سعرُ الدولارِ لن يؤثرَ علي عشاءِ الفئرانِ الساخنِ، والقططُ تعرفُ أن رزقَها تحتِ أقدامِها، لكنها تعلمُ أيضًا أن كاميراتِ المراقبةِ لا تصورُ غيرَ المناطقِ السفليةِ أثناءَ مبارةٍ لمصارعةِ الديكةِ، والشهداءُ وحدَهم من يقيمون علاقةً مع الجنودِ المجهولين الذين لا يرقدون داخلَ النصبِ التذكاري، ويبتسمون في طيبةٍ حين يرون القائدَ يقرأُ الفاتحةَ لقوافلِ الكاميراتِ على الجانبين وهي تتابعُ العصافيرَ في غابةِ الذاكرةِ . الفقاعي في 15/ 3/ 2017

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

فيس بوك

a
;