بدأت أحداث هذه الجريمة قبل ٦ شهور، استمرت خلالها التحقيقات والعمليات الحسابية حتى اتضحت تفاصيل القضية رقم ١٠٣٧٦ لسنة ٢٠١٧ جنايات الموسكى والمقيدة برقم ١١٢٥ لسنة ٢٠١٧ كلى وسط القاهرة وبرقم ٣٧ لسنة ٢٠١٨ جنايات أموال عامة عليا.
القضية تضمنت محاولة كل من «محمد. أ. ح»، ٣٨ سنة، مساعد مكتب بقطاع الشئون القانونية للبريد «محبوس»، و«سهير. م. م»، ٣٣ سنة، ربة منزل «هاربة»، و«عاطف. م. ع»، ٤٠ سنة، محام، «هارب»، الاستيلاء على مبالغ مالية من أموال دفتر بريد أحد المواطنين المتوفين والتجهيز لعمليات مماثلة، إلا أن الاشتباه فى المعاملات المالية عجّل بالقبض عليهم وإحالتهم للنيابة العامة.
وكشفت التحقيقات عم وجود محضر محرر من إدارة البريد بشرطة النقل والمواصلات، يفيد بورود خطاب من مدير إدارة التفتيش بحضور سيدة لمكتب بريد القاهرة الرئيسى وتدعى «سهير. م»، وبحوزتها دفتر توفير مستخرج من مكتب بريد المعادى وبرفقتها «محمد. أ»، مساعد مكتب بالشئون القانونية للهيئة القومية للبريد، وترغب فى سحب ٥٠ ألف جنيه من حساب الدفتر.
وبفحص الدفتر تبين أنه ملك «محمود. ح»، متوفى، وأن السيدة مضافة على الدفتر كـ«وصية»، بتاريخ يسبق توجهها لمكتب البريد بيوم واحد فقط، كما أن الدفتر بختم إدارة التركات بالشئون القانونية.
وبسؤالها عن قيمة ما ترغب فى سحبه، ارتبكت السيدة وقالت: «أى مبلغ»، ما أثار شكوك موظفى البريد، فتم توقيفها، لكنها فرت أثناء الانشغال بالحديث مع الموظف الذى جاء معها، وقبل وصول رجال مباحث البريد، تركت دفتر التوفير وبطاقة الرقم القومى الخاصة بها، وقرر المتهم الذى كان بصحبتها أنها قريبته وأن بينهما علاقة عاطفية.
وقال «تامر. ص»، ٣٨ سنة، وكيل مكتب بريد القاهرة الرئيسى، الذى قدم البلاغ ضد المتهمين، إن المتهم الرئيسى مساعد مكتب الشئون القانونية بالبريد، حضر إليه بدفتر توفير وطلب سحب ٥٠ ألف جنيه منه، مبررًا ذلك بأنه توجه إلى مكتب شبرا ولم يكن به المبلغ المطلوب.
وبعد إطلاعه على الدفتر وجد وكيل المكتب عملية سحب ملغاة من بريد شبرا، ما أثار الشك لديه، فاتصل بمدير مكتب شبرا، مستفسرا عما حدث، فأجابه بأنه ألغى عملية السحب بسبب شكه فى الأمر أيضا. وأكدت تحريات مباحث البريد استيلاء المتهم الرئيسى بصفته الوظيفية على الدفتر الخاص بالمتوفى «محمود. ح»، من إدارة التركات بالهيئة القومية للبريد، وختمه بخاتم الشئون القانونية رغم أن هذا إجراء خاص بمحكمة الأسرة.
وحسب التحريات، فإن المتهمين ذهبا إلى مكتب بريد القاهرة الرئيسى بالعتبة لصرف ٥٠ ألف جنيه، ومنح المتهم «عاطف» المتهم الرئيسى ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إنهاء عملية الصرف، واتفقا على ١٠ آلاف جنيه أخرى يتقاضاها موظف البريد عند إتمام العملية.
وكما خطط المتهمان، فإنه فى حالة نجاح العملية يصرف باقى المبالغ من الدفتر فى أوقات مختلفة، إلا أن الشك فى أمرهما لم يمكنهما من إتمام جريمتهما.
ولفتت التحريات إلى أن المتهم الرئيسى سبق مجازاته بالخصم ٤٥ يومًا من جهة عمله بهيئة البريد لاتهامه فى واقعة اختلاس.
أما تحريات إدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام فأفادت بأنه قبل ٣ أشهر من الواقعة، توفى «محمود. ح. م»، صاحب دفتر توفير مبلغه ١٧٨ ألف جنيه صادر من مكتب بريد المعادى، وعلى إثر ذلك نُقل الدفتر إلى إدارة التركات بهيئة البريد تمهيدا لتسليمه إلى ورثة المتوفى.
وأشار فحص الإدارة إلى أن المتهم الأول، موظف البريد، اتفق مع الثانى على الاستيلاء على دفتر التوفير وتسليمه للمتهمة الثالثة لصرف قيمته، كما أضاف بإحدى صفحاته ما يفيد بأنها وصية على المتوفى، فضلا عن تزويره خطابا منسوب صدوره لقطاع الشئون القانونية يفيد ذلك.
وأمرت نيابة الأموال العامة العليا بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات، ووجهت للأول اختلاس دفتر توفير، وتحصله بغير حق على خاتم لإحدى الهيئات المملوكة للدولة واستعماله استعمالا ضارًا بمصلحة خاصة، والشروع فى الاستيلاء بغير حق على أموال مملوكة لجهة عمله. كما وجهت النيابة للمتهمين الثانى والثالث، أنهما اشتركا مع الأول بطريق الاتفاق على ارتكاب الجريمة.
وأرفقت النيابة بمذكرة الإحالة قائمة بأدلة الثبوت على ارتكاب المتهمين الجرائم المنسوبة إليهم، وشملت أقوال ١١ شاهدا منهم موظفو بريد، وضباط أجروا التحريات، علاوة على تقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى، والذى أكد أن الخط الوارد بدفتر التوفير فى خانة الوصاية يعود إلى المتهم الرئيسى، ما يشير إلى ارتكابه جريمة التزوير.