فى بعض الأحيان نجد أنفسنا نعود إلى الماضى الجميل ونتذكر بعض المواقف التى أدخلت علينا البهجة والسرور ونحن فى أحلك اللحظات التى تدمرنا حتى نغوص فيها ونخرج مما نحن فيه من أمور تكاد تقتلع قلوبنا من جوف صدورنا من شدة الألم والأوجاع التى تكاد تميت هذا القلب عاطفيا وإنسانيا بل من كل الصفات الطيبة التى يحملها القلب الطيب السليم .
فقد بات هذا الرجل والذى يحمل من العلم والمعرفة بل الكثير والكثير من الخبرات الحياتية حبيس حبه وأشواقه داخل قلبه رغم أنه عاش حياته الطبيعية وأصبح له زوجة وأولاد ولكنه لم يجد نفسه بين كل هؤلاء بعد أن قدم لهم كل وسائل الراحة ... والحب ... والعطف ... والأمان ... قدم كل وسائل الرفاهية والمرح وأدخل فى نفوسهم البهجة والسرور بقدر إمكانياته وقدراته .
بل قدم لهم عمره من أجل إسعادهم وعلمهم وزرع فيهم القوة والتماسك وحب الخير ومساعدة الغير .
ولكنه بعد حقبة من الزمان وبعد أن توالت عليه بعض النكبات فى عمله وأصبح مورد دخله أقل مما كان . فتأثر بذلك أسلوب معيشتهم فأهملوه وتركوه يعانى صراعا رهيبا جدا بينه وبين نفسه مما جعله يغلق على نفسه وعلى ألامه وأوجاعه ويجعلها حبيسة قلبه وسجينة صدره .
ورغم ذلك كان ومازال يتعامل مع الجميع بالطيبة والإبتسامة والصدق ويسير بين الجميع يصنع الخير ... ويساعد الغير ... وينشر البسمة والعلم والمعرفة بصدق وحب وأمانة ولا يدخر أى جهد أو مجهود لأى وجه من وجوه خدمة البشر فى أى مكان أو زمان وقطع على نفسه عهدا بذلك .
وكرس حياته الباقية ليعيش فى عالمه الخاص وبعيدا بقدر الإمكان والمستطاع عن العالم الملئ بأصحاب المنافع والمصالح وحب النفس والأنانية حتى وإن كانوا أقرب الناس إلى قلبه فقد إهترأ وتمزق قلبه من كثرة مالاقاه منهم جميعا لأنه إنسان بالفعل عكس كل هؤلاء .
وكان بالفعل قراره أقرب إلى الحكمة والصواب بأن يجمع بقاياه وما تبقى من إنسانيته وأدميته ويحاول بقدر المستطاع أن يحافظ عليهم بكل ما تبقى له من قوة .
بعد أن أرهقه البحث والتنقيب عن من يهتم به ويتفهم شخصيته ويتعايش إمكانياته القليلة ومع قدراته الزائدة فى كل شئ ومن كافة شئ مما جعله شبه مميز فى بعض الأمور وهذه قدرة الله فى خلقه . يؤتى الحكمة من يشاء . ويعز من يشاء ويزل من يشاء . بيده الخير وهو على كل شئ قدير . وإليه المرجع وإليه المصير . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
ولكنه أدرك أخيرا بأن العالم الذى يعيش فيه هو عالم المال والأعمال ... عالم الشقق الفاخرة ... عالم البنوك والسلطة وأدرك أنه يعيش فى وهم كبير إسمه الحب من أجل الحب .. وهم كبير جدا بأن هناك من تحب العلم والعلماء ... وهم كبير جدا بأن هناك من تبحث عن الرجل بمعنى الكلمة ... وهم كبير جدا بأن هناك من تبحث عن الرعاية والحب والإهتمام .
ولكنه وجد من تبحث عن المال ... السلطة ... المكانة الإجتماعية ... السفر والرحلات
وفى إعتقادهم بأن المال يشترى كل شئ حتى السعادة والحب المال سوف يشتريهم .
فقرر أن يجمع بقاياه ويعيش ما بقى له من عمره يصارع مابداخله وما يحمله حتى يأذن الله تبارك وتعالى ويرسل له مايجمع بقاياه ويعمل على ترميمه وبنائه من جديد ليعود بالفعل وكما كان فى الأصل إنـــــســـــان وليس كما كان يعيش ( بـــقـــايـــا إنـــســـان ) .
وسوف نجد الكثير والكثير ممن هم مثل هذا الرجل ولكنهم يغلقون على أنفسهم وعلى بقاياهم معهم حفاظا على كرامتهم أو ما بقى منها هى أيضا .
فرفقا بمثل هؤلاء لأنهم بالفعل يحملون صفات الإنسان