ان الانسان يتمتع بصفات كثيرة ليس لها حدود مبنية على اسس كثيرة منها الخير ومنها الشر وهما نقيضان في صراع دائم في نفس البشرية لا يمكن ان يلتقيان في مسار واحد ابداً ..فهل يمكن ان يختلط الزيت مع الماء ؟
تلك مشيئة الله عز وجل بأن يجعل فارق بين هذين النقيضين ويضع فاصل بينهما لكي نميز من خلال عقولنا الطريق الصالح من الفاسد...ان الشر و الخير اعرابهما يمكن يحتاج الى عدة مقالات واقلام كثيرة بألون مختلفة يمتزج فيها الطابع الديني والنفسي والاجتماعي وغيرها...ولكنني سوف اقتصر في موضعي هذا وبقلمي البسيط وكما ذكرت عن جانب مهم في بناء النفس التي تجعلنا في المكان الامثل امام الله اولاً وبين انفسنا وامام الاخرين
ثانياً ... وهي حب الخير اللاخرين ... أعتقد أنه من أروع الصفات الحسنة التي يمكن أن توجد في نفس الإنسان أن تُحِبَّ للناس ما تُحِبُّ لنفسك…..
سلوكٌ فيه قمة الأخلاق،وصفاءُ النفس،وبهاءُ الرّوح،ورِقَّةُ القلب
فيه خروج عن الأنانية وحُبِّ الذات
فيه خروجٌ عن الكراهية والبغضاء
وفيه خروج من الحقد والحسد
وفيه خروج من الكبرياء والغرور
وفيه من التواضع ما فيه
إنّ حب الخير للآخرين ليس بالأمر السهل .. والغريب أننا نردده إذا احتجنا للآخرين ... ولكن هل نطبقه على أنفسنا .....؟
هل نذكر أنفسنا به إذا احتاجنا الآخرون ؟
وحديث الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) خير دليل على ذلك حيث ربط الايمان بالله سبحانة وتعالى بهذه الصفة التي لو تحلينا بها لأصبحنا مترابطين فيما بيننا في كل خير ..فهل يكون الايمان بالله متكامل بدون هذه الصفة ..وهل يجوز بأن نؤدي شعائر الله من صلاة وصوم وزكاة وغيرها ونمنع الخير للأخرين ..ان حب الخير للاخرين يحتاج الى تضحية والى إيثارًا ومجاهدة النفس ..كيف لشخص يريد ان يجعل له مكانه بين اوساط مجتمعة وتكون له المنزله الطيبة بينهم وهو يريد ان يفرض عليهم حب الذات ويمنع حب الخير لهم ..ام نحن الان نعيش في زمن السيادة للقوي وعلى الضعيف الطاعة ...ولكن اخطر ما في النفس البشرية هو ان تصنع صورة وهمية عن شخصيتك امام الاخرين بأن تصور لهم حب الخير وتسوقهم على هذا النهج ومن ثم يقعون في فخ حب الذات والانانية..وما اكثر هذا التصور في ايامنا هذه..ان من اهم اسباب الفرقة والانشقاق والتناحر في اي مجتمع يرجع الى عدم تمني الخيرللغير كما نتمنا للأنفسنا..وهذا ما يجعل اواصر المحبة والترابط بأن تنكسر بين اوساطنا مما يجعلنا اقل قوة واكثر ضعفاً لذلك اصبحنا فريسة سهلة لمن يريد لنا المكائد والخداع .
فقد كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: " إني لأسمع بالمطر في أرض ِ قوم ٍ فأفرح .... وليس لي عندهم حاجة " .
ففي دراسة علمية تؤكد أن مساعدة الآخرين تعالج التوتر النفسي حيث أكد الخبراء في مجال علم النفس أن مساعدة الآخرين من شأنها أن تخفف توتر الأعصاب فالانخراط في معاونة الآخرين يحفز إفراز هرمون "الإندورفين"، وهو هرمون يساعد على الشعور بالراحة النفسية والنشوة .... أن معاونة الآخرين تساعد على تقليل حدة الضغط العصبي حيث إن مساعدة الفرد للآخرين تقلل من تفكيره بهمومه ومشاكله الشخصية ومن ثم يشعر بالراحة النفسية وإذا نظرنا إلى عالمنا اليوم ومجتمعنا .... وبعيدًا عن علماء الصحة وما استنتجوه .... نجده عالمـًا يفتقر إلى الحب الحقيقي لمساعدة الآخرين ... يفتقر إلى من ينسى نفسه ويتذكر من حوله .
وقال الشاعر
ازرع جميلا ولو في غير موضعه ........ فلن يضيع جميل أينما صنـع
إنّ الجميل وإن طــال الزمان بــه ....... فليس يحصــده إلا الذي زرع
وكيف لنا بأن لا نضع لهذه الصفة شأن و مكان في بناء انفسنا ونحن في شتات ونحتاج الى بعضنا البعض في مواجهة ما يدور من حولنا من افرازات التشتت التي جعلتنا بأن نتقاتل في ما بيننا من اجل حب الذات ,,فعندما افكر في الخير اللاخرين وغيري يفكر بالخير لي سوف نتجاوز اي ظروف من شانها تـُعكر صفوتنا ..انها صفة يجب ان تكون متلازمة مع النفس الصالحة والساعية الى الخير ... وفي الختام قال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) .