الصناعة الخضراء هي الصناعة التي تعمل على تلبية الاحتياجات الانسانية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية دون الإضرار بالبيئة والموارد الطبيعية، من خلال الاستثمار الامثل للموارد المتجددة والحد من المخلفات،والاعتماد علي إعادة الإستخدام واعادة التدوير للتقليل من التاثير السلبى على الصحة والبيئة وتحسين كفاءة الطاقة، مما يؤدى الى الحفاظ على الموارد الطبيعية وكذلك الحد من انبعاثات غازات الدفيئة اعتمادا على استخدام تكنولوجيات متوافقة مع التقدم التكنولوجي.
وجدير بالذكر ؛ بأن تدخلت التكنولوجيا كافة المجالات سواء فى التجارة أو الصناعة أو الطب أو الاقتصاد أو الهندسة ..الخ
ومن هنا أدرك الكثير من دول العالم من أجل اللحاق بالتقدم والتطور الحادث فى العالم؛ ضرورة الاعتماد على التكنولوجيا للأسباب التالية :
أ- تنوع مصادر الدخل القومى بدلاً من الاعتماد على مصدر واحد .
ب- رفع مستوى معيشة الأفراد وتحقيق حياة كريمة لهم.
ج- الوصول إلى النهضة الملموسة للدول المتقدمة ورفع مقومات الدول الدول النامية سواء الداخلية أو الخارجية.
**ومن أهم التكنولوجيا المستخدمة هي الرقمنة:
تُعد الرقمنة إحدى المُستجدات الإلكترونية التى اعتمد عليها مختلف المجالات منذ أكثر من عقدين من الزمن ؛ إذ أدت إلى استحداث طرق حديثة لإتاحة المعلومات.
وتعرف الرقمنة بأنها عملية تحويل مصادر المعلومات بإختلاف أشكالها من ( الكتب، والدوريات، والتسجيلات الصوتية ، والصور ….) إلى شكل مقروء بواسطة تقنيات الحاسبات الآلى، وفى سياق نظم المعلومات بإستخدام نوع ما من أجهزة المسح الضوئى التى تسمح بعرض نتيجة ذلك على شاشة الحاسوب.
وعملية الرقمنة ليست قاصرة فقط على الوثائق الرقمية ومصادر المعلومات المطبوعة فقط ؛ بل تتضمن أيضاً التسجيلات الصوتية والميكروفيلم ؛ إذ يتم رقمنة الأصوات سواء كانت كلاماً أو قطع موسيقية من خلال برامج مُتخصصة يتم تثبيتها على الحاسب الآلى مع ربط الحاسب بواسطة ميكروفون ينقل الصوت إلى الحاسب الذى يقوم بتحويله إلى الشكل الرقمى وتخزينه على مستواه.
أهداف الرقمنة
قد نلجأ إلى استخدام تقنية الرقمنة، لعدد من الأهداف تتمثل فى الآتي:
١- الحفظ :إذ تكون الوسائط الرقمية أقل عُرضة للتلف والضرر بالمقارنة مع الوسائط الورقية التى تتعرض لمجموعة من الأخطار.
٢- التخزين : قد يتم تخزين آلاف الصفحات على قرص مضغوط ؛ فما الأمر إذا تم التخزين على قرص رقمى DVD؛ إذا الرقمنة توفر لنا الكثير من المساحات .
٣- الحماية : إذ تُمثل الرقمنة أداة فاعلة من أجل حفظ المعلومات النادرة، ومن ثمَّ لايمكن الإطلاع عليها ، إضافه إلى أهميتها فى تقليص أو إلغاء الإطلاع على المصادر الأصلية من أجل عمل تنسخة بديلة فى شكل إلكترونى فى متناول المستفيدين.
٤- السرعة :إذ تُمثل الرقمنة أداة هامة فى استرجاع المعلومات عندما يتم تحويل المواد المكتبية والوثائقية إلى الشكل الرقمى يُمكن للمرء استرجاعها فى وقت صغير للغاية.
ج- الربح المادى من خلال بيع المنتج الرقمى أو إتاحته على الشبكة؛ليس المقصود منها الإتجار بقدر ماهو الحصول على عائد مادى يُغطى هامش من التكلفة لضمان استمرار العمليات.
** تعتبر الصناعة حجر هام فى القضاء على التخلف؛ وركيزة أساسية فى اقتصاد الكثير من الدول بل والمحرك لعملية التنمية ، لذا فإن مهامها تختلف من حيث الجوهر بشكل عام ، حتى أصبح هناك تداخل بين استخدام مصطلح والصناعة وهذا راجع للأهمية التى تكتسبها الصناعة فى التنمية الاقتصادية.
** لكن على الرغم من أهمية الصناعة فى مساعدتها على رفاهية الفرد وتطوير سُبل معيشته ؛ إلا أنه ينتج عنه آثار سلبية تتمثل فى التلوث البيئى إلى جانب استنفاذ الكثير من الموارد الطبيعية المحدودة لاستخدام فى الصناعة، أو عدم الاستغلال الأمثل فى استخدام الموارد؛ إلى جانب زيادة معدل النفايات الناتجة عن استخدام الموارد فى الصناعة.
وبالتالى؛ كان من الضرورى استخدام التقنية التكنولوجية فى قطاع الصناعة نظراً لما لحق بالبيئة من آثار سلبية نتيجة المخلفات الناتجة عن عملية التصنيع البدائية؛ لذا لجأت الكثير من دول العالم إلى تبنى تكنولوجيا حديثة فى المجال الصناعى المُستدام من أجل تقليل الأخطار البيئية من ناحية، والمحافظة على الموارد الطبيعية من ناحية أخرى التى تُحافظ على حقوق الأجيال المستقبلية من ناحية اخرى.
وبالفعل؛ شهدالمجال الصناعى تطوراً ملحوظاً فى اعتماده على استخدام التكنولوجيا بالمقارنة مع القرن العشرين وذلك لإستفادتها من الثورة التكنولوجية بكل مقوماتها؛ إذ أصبحت الآلات الإلكترونية هى المتحكمة فى إدارة الماكينات وتنظيم سُرعتها مما قلل الإعتماد على العمالة البشرية ؛ ومن أهم الدول التى واكبت التقدم فى استخدام التكنولوجيا فى الصناعة هى اليابان .
تأثير الصناعة الخضراء على التنمية المستدامة:
تكمُّن التنمية المستدامة؛ التحول فى القاعدة التكنولوجية للحضارة الصناعية، وأضاف آخرون بأننا فى حاجة إلى تكنولوجيا جديدة تكون نظيفة وأكثر كفاءة قادرة على إنقاذ الموارد الطبيعية ؛ حتى يتمكن الحدم من التلوث، والمساعدة على تحقيق استقرار المناخ.
**ويمكن تلخيص آثار استخدام التكنولوجيا فى القطاع الصناعى إلى التنمية المستدامة في:
١-القضاء على البطالة الإعتماد على تكنولوجيا نظيفة يعنى تحولاً إلى اقتصاد يتطلب عمالة من أجل إنجاز العمل .
٢- خلق بدائل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا منخفضة الكربون التقدم فى استخدام الطاقة المتجددة مما تُعزز فى النمو الاقتصادى .
٣- تحسين كفاءة استخدام الطاقة فى قطاع النقل بالإعتماد على استخدام الوقود النظيف مما يُسهم فى تحقيق فوائد اقتصادية.
٤- تخضير القطاعات الاقتصادية يؤدى إلى انخفاض نسب الكربون.
تحديات استخدام التكنولوجيا فى الصناعة:
مع زيادة اهتمام دول العالم الاعتماد على التقنية التكنولوجية؛ إلا أنه يصطدم ببعض التحديات قد تؤدى إلى عدم إستخدامها مثل:
١- الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية، والطاقة.
٢- ضعف معدل الاقتصاد الكلي متمثلًا في ارتفاع معدلات بطالة الشباب بشكلٍ خاص.
٣- التفاوت في التقدم الاجتماعي، خاصًة بين المناطق الحضرية، والمناطق الريفية.
٤- ارتفاع معدل الفقراء قد يصل إلى 70 مليون نسمة في المنطقة العربيه.
٥- تفاقم زعزعة البيئة السياسية؛ نتيجة الاضطرابات الأمنية، والنزاعات الإقليمية.
٦- ارتفاع عدد الوظائف في قطاعات معينة يُقابلها زيادة في الوظائف المطلوبة في قطاعات أخري.
٧- تفاوت الفرص المتاحة من بلد لأخرى، ومن منطقة لأخرى، ومن قطاع لآخر.
٨- رفاهية الإختيار؛إذا ما تزال قضايا البيئة تكتسب أهميه أقل من خلال حكومات المنطقة العربية؛ فعلى الرغم من إنشاء بعض الدول -مثل مصر ولبنان والأردن- أحزابًا سياسية ذات اهتمامات بالبيئة فإن أنشطتها، وتأثيرها ذات مردود ضعيف فيما يخص مسألة البيئة، ونشر قوانين حماية البيئة، والحث على إحترامها، ثم الإلتزام بتنفيذها، والتخلص من النفايات، وهو ما يختلف عن حكومات الدول الأوروبية مثل استوكهولم،وكوبنهاجن، وأمستردام، وهامبورج؛التي نجحت في تطبيق مفهوم “النقل الأخضر”، وتبني المنتجات، والخدمات، والتقنيات القائمة على التنمية المستدامة.
٩- زيادة معدل الصراعات الداخلية في الدول العربية،وأبرزها ليبيا، واليمن، وسوريا، والعراق،والعديد من التحديات التي تعرقل تسويتها؛فمنها مايتعلق بالأبعاد النفسية؛ مثل غياب عامل الثقة، ومنها مايتعلق بالطبيعة الإجرائية، وقضايا “اليوم التالي” لعمليات التسوية ذاتها، ومنها مايتصل بمصالح اقتصادية من صالحها ديمومة الصراع، إضافة إلى الدور الخارجي “إقليمي، ودولي” ، مما يجعل الاهتمام بالاقتصاد الأخضر في بعض الدول العربية نوعًا من الرفاهية الاقتصادية في عصر يواجه بقاء الدول تحديًّا جوهريًّا.
**هناك مجموعه من الآليات المستخدمة لمواجهة تحديات استخدام المستجدات فى المجال الصناعى لتعزيز التنمية المستدامة:
أثبتت البرامج المبنية على أُسس خضراء فى الآونة الأخيرة لتكون فعّالة فى تعزيزالتنمية المستدامة ومن ثمَّ النمو الإقتصادى من خلال مجموعة من الآليات تشمل الآتى :
أ- إصلاح الدعم ؛ بمعنى توجيهه إلى صالح القطاعات المستفيدة من بقائه ؛ إذ يمكن لإستراتيجية الإصلاح إعادة توجيه الأموال إلى المجالات ذات الأولوية بالنسبة للإنفاق العام لاسيما قطاع الطاقة .
ب- تحديد الأولوية للاستثمار في القطاعات الخضراء؛ إذ يمكن استخدام الدعم الأخضر؛ مثل تدابير دعم الأسعار، والحوافز الضريبية؛ لتشجيع الصناعات الخضراء؛ مثل صناعة الطاقة المتجددة، وذلك في إطار بناء الميزة النسبية ودفع عجلة التوظيف على المدى الطويل، وكذلك يمكن استخدام الدعم الذي يتسم بمراعاة الصالح العام، أو بمزايا خارجية إيجابية كمُحَفِزقوي للتحول إلي الاقتصاد الأخضر.
ج- استخدام السياسة الضريبية كأداة لتشجيع الاستثمار فى الصناعة الخضراء إذيمكن أن تستخدم السياسة الضريبية كأداة؛ لتشجيع الاستثمار الأخضر في ظل اقتصاد السوق، ففي قطاع النقل لاتنعكس الوفورات السلبية كالتلوث، والأضرار الصحية على التكاليف، وبالتالي يُحبط الاستثمار الأخضر، أما في قطاع النفاياتفإن التكلفة الكاملة المرتبطة بمعالجة النفايات، والتخلص منها لا تنعكس على أسعار السلعة، أو الخدمة، والحل لهذه المشكلة هو دمج تكلفة العوامل الخارجية “كالتلوث، أو الآثار الصحية، أو فقدان الإنتاجية ” في سعر السلعة، أو الخدمة عبر ضريبة تصحيحية، أو رسوم معينة، كما يمكن استخدام الأدوات المبنية على السوق؛ مثل ” نظم الرخص القابلة للتداول “؛ لتجنب العديد من القضايا البيئية، فهي تعمل على تحديد سقف لمعدل التلوث المسموح به، ثم تترك للسوق المفتوحة تحديد الثمن، وذلك على عكس الضرائب التي تحدد ثمنًا للتلوث، ثم تسمح للسوق بتحديد معدل التلوث.
د- تعزيز الحوكمة الدولية؛إن الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف التي تقيم الإطار القانوني، والمؤسسي للتعامل مع التحديات البيئية العالمية؛ يُمكنها أن تلعب دورًامهمًا في تعزيز النمو الاقتصادى المستدام؛ وذلك في إطار الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.