شُرُودُ الرّيحِ

شُرُودُ الرّيحِ

لا تَسلْ عن حالي
يا صاحبي..
ولا تُنِخْ رَحْلَكَ عند تُخومِ
وجعي..
سيلتفُّ حول عُنقكَ حبلُ
السّؤالِ..
و يذبحُني الجوابُ..
كيف أن أشفيَ غليلَ فُضولكَ
و جسدي مسيّجٌ بالقفار!
و نبضي.. العقمُ ضرّجهُ !
و جفّ من رجع الصّدى..صوتي !
****
هذا أنا المُمزّقُ بين الأصقاع
ظلُّهُ..
شجني على جُرح الماء
يصلبُني..
تشهقُ مِقصَلتي،
تفورُ أوردتِي،
و تُقيمُ عرْسهَا الجوارحُ على
مسْلختِي..
و أنتم...تشربون نخْبَ محرقتي !
إليكم، يباسُ دمي ..
اِضفروه لعودكم وترَا..
و اِعزفوا على نُشافِ أضلُعي
لحنَ أغنيةٍ..
******
آه...كم أوجعْتَني يا زمنُ !
و كم بسهامكَ رميْتني !
و الأصحابُ..أين هم
و الأحبّةُ ؟
أتاهتْ في الخِضمِّ خُطانا ؟
أم دربُنَا ضَيّعَنَا ؟
من شرفة المسافات المعذّبة،
لاح لهم طَيْفي،
يغرقُ في العتمةِ..
يتلظّى في الفراغْ..
صرختُ فيهم:
"أنْ لمْلِموا نُثارَ روحي
من الرّكامِ..
من اليمِّ..
من الضّبابْ..
ريحٌ شرودٌ تترصّدُ بي
تُريدُ مُقلتي أن تحصِدهَا..
لم يأبهُوا..
ظللتُ أصرخُ:
"اِزرعوني عطرًا يضوّعُ
مِسكًا في سراديب اليبابْ..
انْثُروني نغمًا في مرْج الأرزِ
و بيادر القمحِ
و حقول السّكرْ"
مدَدْتُ لهم يدي..
بترُوا أصابعي
و مرّوا..
***
سيزيفُ..أنا
و هذي الصّخرةُ..
وشْمٌ على خارطةِ الوجعِ
مُمتدٌّ من أقاصي أنَايَا..
إلى أطرافِ محاجركُم الضّريرة..
فلا تمُرّوا..دونَ أن تتعطّروا بعبقِ
رمادي..
لا تمرّوا...
فغدا...تُزْهِرُ حرائقي..
و يُورِقُ نبضي..
***
صخرتِي المتمرّدةُ..
أنا روّضتُهَا،
كَسرتُ عُتيّهَا،
ألجمْتُ صوْلجانها،
فتّتُها بين أصابعي
غُبارًا تَذْروهُ حِمَمِي
و ملحًا..
فخرّتْ لي ذَلولاً
حملْتُها على راحتي
هَوْنًا..
أودعْتُها مرجهَا الأخضرْ
توّجتْني مَلِيكَهَا
***
إن كان أمسي قد خلعني..
و حاضري تبرّأ منّي..
فغدًا.. تبزُغُ شمسي
و أغزِلُ من خيوطها الوهّاجةِ
بُردةً ترفلُ في وشيها
الفصولُ السّبعةُ..

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

فيس بوك

a
;