تتويجاً للعلاقات المتميزة بين ضفتي المتوسط بين مصر واليونان وبينهما جزيرة قبرص نظمت مصر مهرجان العودة للجذور للقبارصة واليونانيين الذين كانوا في مصر لعشرات السنوات حكم البطالمة الإغريق مصر 100 عاماً قبل الميلاد بعد غزو الإسكندر الأكبر لمصر كانت فيها الاسكندرية عاصمة الدولة المصرية انتهي حكم البطالمة بانتحار الملكة الاخيرة كليوباترا اليونان هي اقرب دول أوروبا جغرافياً الي مصر وبلاد المشرق العربي وهناك تاريخ مشترك من العلاقات والتعاون مع مصر بكل المجالات الحضارية كما حدثت زيارات متبادلة للرئيسين المصري واليوناني للتنسيق والتباحث حول حقول الغاز البحرية شرق المتوسط والمتنازع عليها مع دولة الاحتلال اسرائيل اللافت للنظر هو عدم مشاركة اليونان في حروب عدائية ضد مصر والعرب في العصر الحديث وخلال الحملات الصليبية التسعة علي الشرق رغم انها الوريث الشرعي لمملكة بيزنطة التي اكتسحها الأتراك بما فيها عاصمتهم القسنطينة ( اسطنبول حالياً ) وهو ما يفسر العداء التاريخي بينهما خصوصاً بعد قضية شمال جزيرة قبرص التي احتلتها تركيا في عام ١٩٧٤رغم ان تركيا واليونان أعضاء فعلياً في حلف الناتو العسكري ولديهم قواعد عسكرية للحلف في كلا البلدين
إلا أن اليونان وقبرص يعارضان بشدة فتح الباب المغلق لعضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي تتكون اليونان من آلاف الجزر الجبلية والخلجان بمختلف أحجامها واهميتها الاستراتيجية في البحر المتوسط أشهر هذه الجزر كريت ورودس وسان تورينيكما أن اليونان ليست دولة استعمارية احتلت دولاً اخري كما فعلت غالبية دول أوروبا تشتهر اليونان بزراعة زيتون الكلاماتا وعصر الزيت منه مع جبنة الفيتا Feta وشراب الأوزو ( ينسون) بعد خلطه بالماء
كذلك طبق mosakaa ( المسقعة) بعد تمصيره والبسترامي pastrami البسطرمة وساندوتشات الخيروس geros الأقرب الي الشاورما العربية والدونر كباب التركي كما تعرف اليونان برقصة الزوربا Zorba الشهيرة ذات الايقاع المتدرج والمتسارع وأشهر فنانيها المغني الراحل ديميس روسيس صاحب الصوت الدافئ وكانت هناك جالية مصرية كبيرة في اليونان تركزت في أثينا وسالونيك وميناء بيرييه تعمل في الصيد والمطاعم والتجارة وتوزيع الجرائد لكن اعدادها تراجعت بعد الأزمة الاقتصادية هناك ويحمل جنسية اليونان توفيق عبد الحي العائد لمصر بعد هروبه لثلاثين عاماً في قضية الفراخ الفاسدة كذلك هناك استثمارات يونانية في مصر منها مصانع كريازي وفلورا وبنك بيريوس اليوناني
كما صدرت صحف مصرية بتراخيص يونانية لتفادي الرقابة عليها في مصر وفي فترة السبعينيات أنتجت مسلسلات مصرية تم تصويرها في استوديوهات اليونان كما كانت في مصر جالية يونانية كثيرة العدد تعمل في مجالات التجارة والبقالة والمطاعم وكانت الأندية اليونانية في الاسكندرية وبورسعيد لعملهم في ملاحة قناة السويس
كما يوجد حالياً المستشفي اليوناني في القاهرة لكنهم عادوا لبلادهم بعد ثورة ١٩٥٢ بعدما تحسنت أحوالهم هناك
يعرف عن اليونانيين حبهم للسفر والهجرة غرباً الي أوروبا وأمريكا ومن أشهرهم الممثل أنتوني كوين ( عمر المختار والرسالة ) كذلك المخبر كوجاك ستافراسمن أشهر أندية اليونان أوليمبياكوس وباناثينايكوس ونادي باوك سالونيك الذي لعب له لاعبين مصريين منهم عظيمة وحسام حسن ومجدي طلبة وشيكا بالا وغيرهم كما تشتهر اليونان بسياحة الشواطئ وصناعة السفن وأساطيل الصيد والنقل البحري أشهر معالمها معبد الاكروبوليس وجبل أوليمبيا
الذي نسبت اليه الرياضة الاوليمبية الحديثة بعد إحياءها وقامت اليونان بتنظيم دورة اثينا الأوليمبية 2004 وفاز فيها المصارع كرم جابر بالذهبية
كما فازت اليونان في نفس السنة السعيدة بكأس أوروبا لأول مرة بقيادة المدرب الألماني أوتو ريهاجلتشترك اليونان مع روسيا واقباط مصر في المذهب الأرثوذوكسي بينما باقي أوروبا تتبع مذهب بابا روما الكاثوليكي والبروتستانتي
هناك بعض الحركات المتطرفة دينيا وسياسيا كذلك بعض العنصرية من جماعة white power لزيادة عدد المهاجرين واللاجئين عبر البحر مع تركيا وهو ما حاول استغلاله الثري نجيب ساويرس إعلامياً بعرضه شراء جزيرة يونانية لاستقبال اللاجئين فيها بينما جيران أبراجه الشاهقة في رملة بولاق
كانوا أولي منهم بهذا الكرم الحاتميكما تختلف الأبجدية اليونانية بأحرفها الغريبة عن لغات أوروبا اللاتينية لكنهم التزموا بطباعة لغة اليونان علي عملتهم الموحدة اليوروكانت الدراخمة هي عملة اليونان قبل اعتمادها اليورو عملة رسمية في جميع منطقة اليورو منذ عام ٢٠٠٢وهنا مقولة لسياسي أوروبي بارز عن عدم يقينه بإيمان الأوروبيين بالله
لكنه متأكد من إيمانهم بعملاتهم الوطنية !! لكنهم تخلوا جميعاً عن آلهتهم القديمة كلها لصالح الإله الجديد اليورو
اتجهت اليونان لليسار بانتخاب تسيبراس بينما تتجه أوروبا كلها للأحزاب اليمينية كما حدث بإنفصال بريطانيا عن أوروبا وفي امريكا ايضا بانتخاب الجمهوري دونالد ترامب
يعني ضياع الحلم في جمهورية أفلاطون للمدينة الفاضلة مع حكمة هيرودوت الخالدة " مصر هبة النيل " والفيلسوف أرسطو وسقراط وكل حسابات فيثاغورث مع اللوغاريتم والأوديسة والإلياذة اليونانية هناك تقليد اجتماعي يوناني معروف هو تكسير الصحون وأطباق الخزف بعد انتهاء الحفلةوربما يكون هذا التوصيف المناسب لعلاقتها حالياً مع أوروبا بعدما أثقلتها أعباء تراكم الديون اليونانيةوكما كانت بلاد الاغريق هي مهد الحضارة الأوروبية فإنها ربما تكون سبباً في وأد حلمها في أوروبا الموحدة