ذكرت فى مقالي الأول أن موضوع تناسخ الأرواح تحدث عنه الكثير ممن سبقونى وكانوا بين مؤيد ومعارض. وأنا لست مساند لهذا الرأى وغيره ولكن مثلى مثل أى كاتب أو أديب هدفه الأول تحريك التساؤلات فى ذهن القارئ مشجعا إياه على البحث والتقصي عن مبدأ أو فكرة تناسبه وتناسب ديانته ومعالم حياته فيعتنقها أو يبحث عن بديل لفكرة مقالى فيأخذ بها. فهدفي ليس تبنى فكرة بعينها لكنى أؤمن أنى قد أكون صائب وقد أكون مخطئ فأنا باحث وأعرض ما قد يشغل تفكير البعض أو الغالبية. ونبدأ برأي الدين في التناسخ. في الديانة المسيحية: وحتى إنعقاد المجمع أو المؤتمر المسكوني الخامس في القسطنطينية والذي عقد في سنة 553 م ( من تاريخ 5 أيار ولغاية 2 حزيران من نفس السنة ), آمن المسيحيون بالتقمص وتناسخ الأرواح, وكان الفيلسوف والعالم المسيحي أوريغينيس (أوريجين) الإسكندراني 185 - 254 م والذي كان رئيس مدرسة اللاهوت في الإسكندرية بمصر كان أول من كتب وحلل موضوع التقمص في المسيحية وتبعه في ذلك الكثير من الكهنة وعامة الشعب. ولكن في المجمع المذكور سالفاً والذي لم يحضره بابا روما ( وهذا المجمع الأول والوحيد الذي لم يشارك به بابا روما ), تقرر إلغاء الإيمان في التقمص وهدر دم كل مسيحي يؤمن في التقمص وإعتباره خارجاً عن الديانة المسيحية وإعدامه حرقاً. وهذا ما حل بالراهب الدومينيكاني "جوردانو برونو" (1548-1600م) الذي قُدّم إلى محكمة الإعدام الكنسية وأعدم حرقاً في 17 شباط من سنة 1600م بسبب معتقداته الفلسفية والدينية الخاصة حول التقمص وتناسخ الأرواح. وحسب المصادر والمراجع يقال بأن السبب في إلغاء الإيمان بالتقمص في الديانة المسيحية هو خلافات داخلية بين الأساقفة وآخرين حيث يقولون بأن السبب هو ديني صرف. وإليكم بعض الآيات من الكتب المقدسة التي ذُكر بها موضوع تناسخ الأرواح: في الإنجيل المقدس: إنجيل متى الإصحاح 12:17 : على لسان السيد المسيح "ولكني أقول لكم أن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك إبن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم". السؤال كيف جاء إيليا النبي وبأي صورة. إنجيل متى 13-14: 11 : "لأن جميع الأنبياء والناموس تنبأوا إلى يوحنا وإن أردتم أن تقبلوا فهو إيليا المزعم أن يأتي". أيضاً في إنجيل متى 13-14: 16 "لما جاء يسوع إلى قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلاً من يقول الناس أني أنا إبن الإنسان. فقالوا. قوم يوحنا المعمدان وأخرون إيليا وآخرون أرميا أو واحد من الأنبياء". إنجيل يوحنا 3:3 : عندما سأله نيقودومس "فأجاب يسوع وقال له الحق أقول لك إن لم يولد أحد ثانيةً فلا يقدر أن يعاين ملكوت الله". وفي هذه الآية هناك نقاش , هل المقصود الولادة الثانية أي التقمص أم المقصود بالولادة الثانية هي المعمودية ؟؟؟؟؟؟ في الديانة اليهودية: هناك الكثير من الآيات في بعض الأسفار في التوراة وبالذات في "سفري الجامعة والمزامير" التي ينسب في تفسيرهما إلى التقمص أو تناسخ الأرواح, وكثيرين من رجال الدين اليهود يعملون في حقل التقمص وتناسخ الأرواح. في الديانة الإسلامية: هناك بعض المذاهب والفرق الإسلامية التي ئؤمن بالتقمص منها المذهب التوحيدي "الدرزي" ومذاهب أخرى مثل الشيعة, الإسماعيليين والنصيريين والطائفة النصيرية المعرفة بإسم العلوية واليزيدية, وقد ذكرت عّدة آيات قرآنية حقيقة التقمص إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ولكن كما في المسيحية هناك الكثير من المفكرين المسلمين بالذات من السنّة الذين يرفضون تفسير الآيات المذكورة لاحقاً كدلالة على وجود التقمص في الإسلام. والإمام الغزالي في كتابه "التهافت" لم ينكر تناسخ الأرواح وأكد بأن البعث والتناسخ يرجعان إلى واحد أي إلى نفس المعنى. ومن هذه الآيات القرآنية التي تتحدث عن التناسخ على الأقل حسب تفسير الشيعة وأتباعها نذكر: في القرآن الكريم: سورة البقرة, الآية 28 : "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يُحييكم ثم إليه تُرجعون". سورة طه, الآية 55 : "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نُخرجكم تارةً أخرى". سورة الزمر, الآية 6 : "يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً بعد خلق". سورة الروم, الآية 19 : "يُخرج الحيّ من المَيت ويخرج المَيت من الحيّ ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون". سورة العنكبوت, الآية 57 : "كل نفسٍ ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون". طبعاً هذه الآيات وغيرها تؤكد رجوع الروح للجسد, أي بما معناه تناسخ الأرواح أو التقمص, وهناك مفسرين للكتب السماوية الذين يختلفون معي وربما يُطرح السؤال الأهم والذي أسمعه دائماً, ما فائدة المعرفة من كُنت ومن أنا في السابق؟ لأن المهم هو الحاضر والمستقبل وما أنا عليه الآن؟ هذا السؤال منطقي وموضوعي أيضاً. وجوابي هو أن عملية الرجوع إلى السابق "التقمص" (لمن يرغب) تستطيع أن تعطي الكثير من الأجوبة للتساؤلات التي تراودنا أو لشعور نشعر به ولا نجد له أي تفسير منطقي في عالمنا هذا. أو ربما هناك بعض الأمراض أو العاهات التي نعاني منها وسببها الحياة السابقة, وهناك عدة حالات تم علاجها تشهد على هذه النظرية