عندما كنا صغاراً كنا نسمع عن بطولات النساء، عبر مقولة «امرأة عن ألف رجل»... لا أعلم لماذا الرجل هو مقياس البطولة! ولكن الذي عرفناه منذ الصغر ان المرأة التي عن ألف رجل، تجمع كل صفات الشجاعة في المواقف والشهامة والكرم والانسانية ومساعدة المحتاجين، وانها أمراة تقوم بعمل يعجز عنه الرجال.
وأيضا هي امرأة تتصدر مجلسا يضم الرجال والنساء وتستقبل كل الضيوف وكلمتها واحدة، اذا قالت، تم يعني تم! وتفتح بابها للسائل والمحروم والمحتاج. ولكن هل توجد اليوم إمرأة توصف بأنها عن ألف رجل؟ بالنسبة لي عندما التقيت بالسيدة الفاضلة الشيخة مريم، حرم المرحوم الشيخ علي صباح الناصر الصباح بالصدفة في القاهرة، وبعدها أيضا بالصدفة في مؤتمر سيدات الأعمال في الشارقة، لم اكن أتوقع فزعتها لي في مؤتمر الشارقة ووقوفها معي مدافعة عني عندما تضايقت من أحدى المنسقات في المؤتمر... وأنهت الموضوع لصالحي باعتذار المنسقة.
وعندما رجعت الكويت توطدت العلاقة أكثر واكتشفت جوانب كبيرة من حياتها تستحق ان تكتب في كتاب. لم تكن فقط شيخة وحرم شيخ، وانما كانت نموذجا للانسانية والمحبة للخير. كانت تستقبل الجميع، الفقير قبل الغني ببشاشة وجه وترحيب. ولقد اذهلتني بطاقتها المشعة بالايجابية حيث كلماتها للكل بلا استثناء عبارة عن رسائل دينية توعوية وروحانية، وهذه الروح الايمانية والانسانية لم تكن نصائح فقط وانما كانت تسعى لزرع ابتسامة على وجه كل محتاج.
فكانت منذ الصغر تحرص على مساعدة المحتاجين وتستشعر باحتياج اليتامى، فنذرت نفسها لخدمة العمل الخيري والانساني، واطلقت قافلة خير باسم الشيخة مرايم حرم المرحوم علي صباح الناصر، حيث تحرص الى يومنا هذا ان يكون اسم زوجها ورفيق دربها ملتصقا باسمها كرامة واحتراما لذكراه في قلبها. والمقربون منها يؤكدون على حسن تعاملها وأدبها في حضور زوجها - رحمه الله... يقال انها كانت زوجة من الطراز القديم أشبه بتعامل جيل أمهاتنا وجداتنا مع أزواجهم.
حبها لعمل الخير أوصلت قافلة الشيخة مرايم حرم علي صباح الناصر الصباح إلى المحتاجين في السودان واليمن ومصر وأندونيسيا، وهي بنفسها من تشرف على ايصال المعونات والمساعدات الى المحتاجين رغبة بالاجر المضاعف، حيث ان الله خص العاملين عليها بالأجر، فهي تريد أن تقوم بنفسها بايصال المعونات إلى المناطق البعيدة عن الأزمات السياسية كمصر واندونيسيا، وتريد أجر المسح على رأس اليتيم.
فالموضوع بالنسبة لها لا يقتصر على دفع تبرع نقدي فقط كغيرها من المتبرعات والمحسنات... انها امرأة لا تكل ولا تمل ولا تتعب، ما شاء الله تبارك الرحمن، فعلى الرغم من وجود لجان تستطيع إيصال تبرعاتها، إلا انها تتحمل مشقات السفر والاشراف الشخصي عليها، وتحرص على دعوة صديقاتها وقريباتها للسفر معها في قافلة الخير المتجهة الى الدول المحتاجة، وأعمالها الخيرية تعددت وتنوعت. كما تساهم في مصاريف إجراء عمليات لإعادة البصر للأيتام وغيرهم، وتنشئ مساجد لتحفيظ القرآن...
وعند الحديث والتحاور معها، تفاجئك بانها امرأة مثقفة وقارئة جيدا للأحداث في المنطقة. لديها معلومات متعددة، مفيدة وقيمة ولها معنى. في الحقيقة ان وصف الشيخة مريم المنصوري، أشبه بوصف عملة نادرة ونموذج نادر من نساء من الطراز القديم... وقد تكون للأصول الاماراتية الطيبة، دور في صقل شخصيتها المتميزة، وتستحق ان تكون «إمرأة عن الف رجل».