إنها ليست كويتا وكفى... إنها بيت ومأوى ونسب

إنها ليست كويتا وكفى... إنها بيت ومأوى ونسب

قضية الفساد شغلت حيزا كبيرا من اهتمام المسؤولين، والمضحك ان ملفات الفساد تزداد كل عام، وكل مسؤول يتذمر ويستنكر... وأنا معهم أيضا اتذمر واستنكر الفساد الذي وصل الى نخاع البلد، ولكن الى متى نستنكر ونتذمر؟ ألا يوجد حل جذري يقضي على تجار الفساد والذمم؟ حل يوقف نهب خيرات هذا الوطن؟ ألا يوجد حل يمنع تفشي واسطة الوظائف والمراكز القيادية التي سحبت الكراسي من تحت أصحاب الشهادات وأبدلت كراسيهم بأصحاب المحسوبية والسهرات؟ الا يوجد حل يعيد الأمل والتفاؤل الى نفوس الشرفاء والنزهاء، بعد ان حل اليأس في قلوبهم، ومنهم من قرر الهجرة الى الخارج لأنه وبسبب الفساد قد ظلم في عمله وحاربوه في رزقه؟ للأسف الكثير من الذين الوطن في قلوبهم والخوف على خيرات الوطن نصب أعينهم يعانون من اليأس وبدأوا يفقدون الشعور بالأمن والأمان والاستقرار. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن، متى وكيف سيحل ملف الفساد؟ ولماذا أي محاولة اصلاح تحارب وتجهض قبل ولادتها وان ولدت كان مصيرها الوأد؟ لماذا ينظرون الى الكويت وكأنها دولة ذات صلاحية محدودة ويجب اكل خيراتها قبل ان تنتهي صلاحيتها؟
في الحقيقة، اعتقد ان كل ما سيكتب ويقال عنهم لا يحرك لهم ساكنا، وان قطار الفساد مستمر ولن يصل الى محطة النهاية قبل ان يأكل الأخضر واليابس. لذلك لن أوجه كلمتي للفاسدين، لأن الله قد أعمى بصيرتهم وران على قلوبهم، ولكن كلمتي سأوجهها لكل محب وشريف ونزيه وصاحب أمانة في هذا الوطن... لكل من اقسم على الحفاظ على أمنه واستقراره وممتلكاته ووفى بقسمه ووعده ولم ينجرف مع تيار الفساد ولم يركب معهم القطار، وأخص بكلامي الشباب الذين التقيت بهم أخيراً وقد اصابهم اليأس من وطنهم.
أقول لهم كونوا على يقين أن للوطن ربا يحميه وأن عدالة السماء نافذة على كل من عبث بخيرات البلد والكويت الحبيبة تستاهل منا الكثير، فهي ايضاً مثلكم تعاني من عقوق ابنائها الفاسدين. نعم عقوق الأبناء ليس فقط لوالديهم، فهناك عقوق ابناء لوطنهم. فعندما يستغل الموظف منصبه ويقبل الرشاوى، هذا عقوق. وعندما يقسم رجل الأمن على أن يكون مخلصا لدولة الكويت ويؤدي عمله بالصدق والأمانة ويخون هذا القسم، هذا أيضا فيه عقوق لوطنه. عندما يتاجر الخائن بأرواح الأبرياء فيدخل الى البلد أغذية فاسدة وبضاعة مغشوشة، هذا عقوق الوطن.
والمصيبة أن أكبر عقوق تعاني منه الكويت هو عقوق القياديين... فعندما يتأخرون في تقديم اقرارات ذممهم المالية إلى هيئة مكافحة الفساد، معناه أن ذممهم واسعة وحسباتهم متضخمة بأموال الفساد. لو استمر بي الحديث عن معاناة الأم الحبيبة الكويت بعقوق ابنائها لن انتهي. ولكن كما يقال «لو خليت خربت»، فالكويت ما زال فيها الشرفاء أمثالكم ولا بد من إشراق لشمس العدالة والنزاهة والأمانة على أرض هذا الوطن.
ولو تركنا لهم البلد وهاجرنا كما يردد البعض عن نيته بالهجرة إلى الخارج، لكنا نحن أيضا عاقين. ان الكويت ليست فقط وطن يتغنى به وإنما حضن أم نرتمي به. فلتنظروا إليها نظرة الأبناء البررة المتمسكين بها، وفوتوا على الفسادين وبائعي الذمم فرصة رحيلكم عن هذه الأرض.
ان الرحيل والهجرة من الوطن ليسا حلاً، وانما البقاء ومواجهة الفساد بالنزاهة والظلم بالعدالة والخيانة بالأمانة، هو واجب وطني. فالكويت تحتاج الشرفاء من ابنائها اليوم أكثر من أي وقت لبناء مستقبل أفضل لوطن يستحق الأفضل... «انها ليست كويتا وكفى انها بيت ومأوى ونسب».
اللهم أني استودعتك مستقبل وأمن واستقرار وخيرات بلدي الكويت، فابعدها عن أيادي الفساد. ومن أراد بأمنها واستقرارها شرا وبخيراتها عبثا وفسادا، فاللهم اشغله بنفسه واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه اللهم آمين.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;