تفشت في مجتمعنا ظاهرة قل ما نسمع عن مثيلتها في المجتمعات الاخرى الا وهي الغارمات أو إن شِئت فقل سجينات الفقر. فهن يدخلن السجون بعدما ضاقت عليهن الارض بما رحُبت فاضطررن للاستدانة من الغير والتوقيع على ايصالات امانة. وعندما يحين وقت السداد يصبحن امام خيارين لا ثالث لهما اما الدفع أو الحبس.
ولكن ماذا يجني المجتمع من سجن المرأة الغارمة التى اهلكتها الديون غير انه يضعها مع المجرمات من القتلة وتاجرات المخدرات والبغاة . لما لا يكون هناك مزرعة للغارمات او مصنع او ورشة عمل تعمل فيها نهارا ثم تعود لبيتها ليلا حتي توفي دينها. لما لا تقوم لجان الزكاة والصدقة بالسداد عنهن ومما لا شك فيه أنهن من مصارف الصدقة الثمانية بنص القرأن الكريم. لما لا تُعدل القوانين التى اصفها بالظالمة والتي لا تجد بداً من سجن هؤلاء.
يا من تنادون بحرية المرأة فكرياً حرروها أولا من ديونها وأكفلوا لها عيشاً كريما تكن لكم أم ومربية وملهمة للحضارات. كيف تطلبوا منها أن ترفع رأية الوطن وتغرس في أبناءها حبه والذود عنه وبذل النفس وهي قد اثقلت كاهلها الديون وتكالبت عليها متطلبات الحياة.
وإحقاقاً للحق هناك مؤسسات وجمعيات وهبة نفسها لأنتشال مثل هؤلاء النسوة والسداد عنهن فلهم منا جزيل الشكر وعظيم الإمتنان. ولكن اعود فاقول أن هؤلاء لن يصلحوا كل ما أفسده الزمان ولكن يجب أن نتكاتف جميعاً ونتبنى حملة نسميها،، وطن بلا غارمات،، لنقضى على عوز المرأة ونضعها في مكانها التي تستحق لتخرج لنا اجيالا الكرامة والعزة لا الضعف والهوان.