اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس عن مجموعة من الاسلحة النووية الجديدة في احدى اقوال الخطابات التي دافع عنها منذ سنوات، مشيرة الى انه يمكن ان يصيب اي نقطة في العالم ويهرب من درع صواريخ اميركية. وكان بوتين يتحدث قبيل الانتخابات التي جرت في 18 اذار / مارس الماضي والتي تشير الى انه يجب ان يفوز بسهولة. وقال ان اى هجوم نووى على اى من حلفاء موسكو سيعتبر هجوما على روسيا نفسها ويوجه ردا فوريا. ولم يكن من الواضح ما اذا كان لديه حليف روسي معين مثل سوريا، لكن تصريحاته كانت تحذيرا لواشنطن بعدم استخدام اسلحة نووية تكتيكية في ساحة المعركة. وقد لقيت تصريحاته شكوكا فى واشنطن حيث اثار المسؤولون شكوكا حول ما اذا كانت روسيا قد اضافت اى قدرات جديدة لترسانتها النووية خارج تلك التى كانت معروفة بالفعل للوكالات العسكرية والاستخباراتية الامريكية.
واعلنت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) التي اعلنت مؤخرا عن اعادة النظر في سياسة نووية في اطار موقفها من موسكو، انها لم تفاجأ بعرض بوتين. وقالت المتحدثة باسم البنتاغون دانا وايت "اننا نراقب روسيا لفترة طويلة، ونحن لسنا مندهشين". وقالت فى مؤتمر صحفى "ان هذه الاسلحة التى تمت مناقشتها ظلت فى طور التنمية لفترة طويلة جدا دون معالجة اى من ادعاءات بوتين الخاصة بالقدرات الجديدة. ورفض جون رود، وزير الدفاع الامريكى للسياسة، التعليق على المعلومات المخابراتية الامريكية حول القدرات الروسية. بيد ان رود، الذى خاطب محفلا فى واشنطن، قلل بشكل عام من عرض بوتين قائلا "اعتقد انه يتفق بشكل عام مع الامور التى ذكرها المسؤولون الروس".
واتهمت ادارة ترامب موسكو من جديد بانتهاك معاهدة حقبة الحرب الباردة التى حظرت الصواريخ الباليستية والقذائف التسيارية النووية التى تطلق من الارض وتتراوح مداها بين 500 و 500 كم (300-3400 ميل). وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرز "ان الرئيس بوتين اكد ما تعرفه حكومة الولايات المتحدة على طولها، وهو ما نفته روسيا: ان روسيا تقوم بتطوير نظم الاسلحة المزعزعة للاستقرار لأكثر من عقد فى انتهاكات مباشرة لالتزاماتها التعاهدية". وكثيرا ما استخدم بوتين الخطاب العسکري لتعبئة الدعم ودعم سرده بأن روسيا تحت الحصار من الغرب. وقد أدى ضمه لقرية القرم الأوكرانية عام 2014 إلى رفع تصنيفاته إلى مستوى قياسي، وألقى تدخله العسكري في سوريا لحظة فذة لموسكو. وفى يوم الخميس، سعى الى دعم خطابه مع مقاطع فيديو لما قال انه بعض الصواريخ الجديدة. وقد عرضت الصور على شاشة عملاقة خلفه في قاعة المؤتمرات في وسط موسكو حيث كان يتكلم مع النخبة السياسية الروسية.
وقال بوتين "انهم لم ينجحوا فى اعادة روسيا"، مشيرا الى الغرب الذى قال انه تجاهل موسكو فى الماضى، ولكن سيتعين عليه الان الجلوس والاستماع. واضاف "الان عليهم ان يأخذوا في الاعتبار حقيقة جديدة وان يفهموا ان كل ما قلته اليوم ليس خدعة". ومن بين الاسلحة التى قال بوتين انها فى طور التطوير او الاستعداد كان صاروخا باليستيا عابرا للقارات "مع مجموعة غير محدودة عمليا" قادرة على الهجوم عبر القطبين الشمالى والجنوبى وتجاوز اى منظومات دفاعية صاروخية. كما تحدث بوتين عن محرك صغير يعمل بالطاقة النووية يمكن تركيبه على ما قال انه صواريخ كروز تحلق على ارتفاعات منخفضة للغاية، مما يعطيها مجموعة غير محدودة عمليا. كان المحرك الجديد يعني أن روسيا كانت قادرة على صنع نوع جديد من الأسلحة - الصواريخ النووية التي تعمل بالطاقة النووية بدلا من الوقود التقليدي. وقال بوتين لجمهوره "لا شئ مثل العالم". "في مرحلة ما قد تظهر على الأرجح (في مكان آخر) ولكن بحلول ذلك الوقت سيكون لدينا الرجال قد ابتكر شيئا آخر." وشملت الأسلحة السوبر الجديدة الأخرى المدرجة الطائرات بدون طيار النووية تحت الماء، سلاح الأسرع من الصوت وسلاح الليزر. وفي واحدة من مقاطع الفيديو كليب، يبدو سلاحا تحوم فوق ما يشبه خريطة لولاية فلوريدا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت فى مؤتمر صحفى "انه من المؤسف بالتأكيد مشاهدة الرسوم المتحركة التى صورت هجوما نوويا على الولايات المتحدة". "نحن لا نعتبر ذلك سلوك لاعب دولي مسؤول". وكثيرا ما وقف جمهور بوتين، المكون من مشرعين روس وشخصيات بارزة أخرى، وأشاد بعرضه الذي توج بالنشيد الوطني الروسي الذي لعب. وفى وقت سابق من هذا الخطاب، اثار نغمة مختلفة جدا، الامر الذى طلب من المسؤولين خفض عدد الروس الذين يعيشون فى الفقر الى النصف من خلال زيادة الانفاق الاجتماعى والبنى التحتية بشكل حاد فى الملعب الواضح للانتخابات قبل الناخبين.
وقال بوتين، الذى هيمن على المشهد السياسى لبلاده على مدى ال 18 عاما الماضية، ان التقدم التكنولوجى يعنى ان تكدس الناتو على حدود روسيا وبدء تنفيذ نظام امريكى مضاد للصواريخ سيصبح غير مجد. وقال بوتين "آمل ان يكون كل ما قيل اليوم من شأنه ان ينتهك اي معتدي محتمل". واضاف "ان الخطوات غير الودية تجاه روسيا مثل نشر النظام الامريكى المضاد للصواريخ والبنى التحتية للناتو بالقرب من حدودنا، ومن هذا القبيل، من وجهة النظر العسكرية، ستصبح غير فعالة". واضاف ان خطوات احتواء روسيا ستصبح مكلفة وغير مبررة بشكل لا مبرر له.
وقال وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو فى بيان بعد خطاب ان الاسلحة الجديدة التى كشفها بوتين كشفت ان درع الناتو الصاروخى الدفاعى فى بولندا ورومانيا والاسكا والعناصر المخطط لها فى كوريا الجنوبية واليابان كان مثل مظلة مليئة بالثقوب. وقال شويجو "لا اعرف لماذا سيشترون الان" مظلة "في اشارة الى سيول وطوكيو. ورفض حلف شمال الأطلسي تعليق فوري.
وتؤكد الولايات المتحدة منذ فترة طويلة ان دفاعات الصواريخ الامريكية غير قادرة على وقف هجوم واسع النطاق من جانب قوة نووية كبرى مثل روسيا والصين، ويرجع ذلك جزئيا الى العدد المحدود من اعتراضات الصواريخ الامريكية. وبدلا من ذلك، تهدف هذه التكنولوجيا إلى ما تعتبره الولايات المتحدة دولا "مارقة"، مثل إيران أو كوريا الشمالية. وقال وايت "انهم يعرفون جيدا انه ليس عنهم، وان الدفاع الصاروخى لم يكن عنهم". واضافت ان التركيز الامريكى فى معالجة التحديث النووى الروسى كان يقوى القوات النووية الامريكية لتكون رادعا.
وقال ليزبث غرونلوند، كبير العلماء والمدير المشارك لبرنامج الأمن العالمي لاتحاد العلماء المهتمين، إن إعلان بوتين عن وجود صاروخ بمحرك يعمل بالطاقة النووية، ولو كان صحيحا، لن يتغير كثيرا عندما يتعلق الأمر بالتهديد الروسي منذ روسيا لديها بالفعل أعداد كبيرة من قارات. كما اعرب بوتين عن مخاوفه من وجود عقيدة نووية امريكية جديدة قائلا ان عقيدة روسيا هى دفاعية وتتوخى فقط استخدام الاسلحة النووية ردا على هجوم.
وقالت روسيا مرارا انها حريصة على اجراء محادثات مع الولايات المتحدة حول توازن الطاقة النووية الاستراتيجية، وان بوتين يضع واشنطن وقوات نووية اخرى على علم بذلك. وقال "اننا سنرى ان اى استخدام لاسلحة نووية ضد روسيا او حلفائها، سواء كانت صغيرة او متوسطة او قوة، كهجوم نووى على بلادنا". واضاف "ان ردنا سيكون فوريا، ولا احد يجب ان يكون لديه شكوك حول ذلك". واضاف بوتين ان روسيا لم تخطط لمهاجمة اى شخص. وقال ان الجيش الروسى المتنامي قد يكون ضمانة للسلام العالمى، بهدف الحفاظ على توازن استراتيجى للقوة على كوكب الارض.