لماذا لم أولد غنيا ؟ لماذا لم أولد أميرا ؟ لماذا لست جميل الشكل ؟ .. لماذا لا أكون مشهورآ ؟ .. لماذا أخى حاله أفضل مني؟ .. لماذا أتيت لهذه الدنيا ؟!
ألف لماذا ولماذا من هذا النوع تدور يوميا في خلد ملايين الناس حول العالم ، البعض يقنع بما ناله على مضض ، قناعة من لا حيلة له ، والبعض راض بقسمته رضا القلب والروح .
الغالبية العظمى يشكر بلسانه ويكفر بقلبه ، يتقلب ألما وحسرة على فراشه، يضج ويصرخ طوال عمره ، تكاد لعناته تقارب عنان السماء .. لماذا يا ربي؟
فكرة أن يكون الإنسان منحوس أو محظوظ ترفضها الأديان رفضا قاطعا ، فهي تنقض أهم مبدأين يقوم عليهما أي دين ، الأول هو القدرة المطلقة لله سبحانة وتعالى ، فلو كانت الأمور تجري بالحظوظ والطوالع لخرب ناموس الكون منذ أمد بعيد ولاصطدمت المجرات والنجوم والكواكب ببعضها وانهار العالم الذي نعرفه مرة واحدة .
أما المبدأ الثاني فيتعلق بعدالة وإنصاف الخالق ، فلا يعقل أن يترك الله أمور الناس وأرزاقهم للحظ والنصيب ، صحيح أن حظ الناس من هذه الدنيا يبدو غير متساو وغير عادل ، فيولد بعضهم أغنياء والبعض الآخر فقراء .. بعضهم في غاية الجمال والقوة والذكاء .. وآخرون في منتهى الدمامة والضعف والغباء .. يموت قسم منهم في عنفوان الشباب فيما يعيش قسم آخر حتى أرذل العمر .
الله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا وأعلم بما يُصلحنا، فمن العباد من لا يُصلحه إلَّا الفقر، ومن العباد من لا يُصلحه إلَّا الغنى، والله عليم حكيم، يضع الأشياء في مواضعها، ويقضي للعبد ما هو أنفع له، وقد قال سبحانه وتعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"
وهذا لا يعني العجز وترك الأخذ بالأسباب ، فإن الله تعالى قدَّر للأرزاق أسبابًا تؤدِّي إليها، كما قدَّر الأكل سببًا للشبع ، والشرب سببًا للرِّي، والزواج سببًا لتحصيل الذرية.. وهكذا.
وإذا كانت الحكمة والعبرة من تباين حظوظ الناس من هذه الدنيا تبدو غير مفهومة ، فأن تذبذب هذه الحظوظ قد يبدو أشد غموضا وإثارة للحيرة ، فترى الرجل العظيم ذو الجاه والمقام والنفوذ .. تراه مريضا منسيا في آخر عمره يكاد لا يذكره أحد ، وترى المرأة الحسناء التي كانت تكتحل برؤيتها العيون .. تراها وقد حولتها السنين إلى عجوز فقيرة تتجهم لرؤيتها الوجوه وتنصرف عنها الأنظار باحتقار .. هكذا هي الدنيا.. في إقبال وأدبار .. لكن قل من يعتبر .
من حين لآخر يمتلئ بريدي الالكتروني برسائل تزعم بأني قد فزت بجائزة يانصيب قيمتها ملايين الدولارات ، وهي بالطبع رسائل كاذبة ومزعجة غرضها الوحيد النصب والاحتيال ، لذلك أنا لا أفتحها أبدا، لكني أتسأل مع نفسي أحيانا بينما أقوم بحذفها .. ماذا لو فزت فعلا بجائزة يانصيب مليونية ؟ ماذا سأفعل بالمال وكيف سيغير ذلك حياتي؟.. للحديث بقية.. يسعدنى مشاركتم .. جمعة طيبة