ناعمة كالحرير نقية كنقاء الثلج الأبيض في شهر شباط، طاووس جميل ولكنه يسكن في أرض ليست أرضه، كعصفور كناريا جميل محبوس في قفص ذهبي داخل قصر من المرمر ولكنه وحيد فيتساقط ريشه وتذبل روحه ويموت الماً وكمداً وحسرة، إمرأة تحتاج إلي إعادة ترميم من الداخل. جراح السنين امتدت آثارها إلي وجهها في خضم عذاباتها ورحلة الشقاء معه تناست أنها ملكة جمال العالم وتجلس علي عرشه دون منازع ولكنها كانت حريصة علي إخفائه في عباءة فضفاضة أو في إسدال طويل فلم تكن من نوعية النساء اللاتي يتاجرن بالجسد ولم تصبها الحمي التعويضية جراء الإهمال فينعكس ذلك علي سلوكها ناحية الجنس الآخر، ودون أن تشعر كل ماكانت ترتديه يشي بجمالها الصارخ وخصوبة جسدها الممشوق فمن الذي يستطيع تشويه الجمال وتغيير هوية الخالق. كانت تعلم أن عينيها النجلاوين كفيلتان بإشعال حرائق وعواصف وبراكين وحروب بمجرد أن ترمق بهما من أمامها فكانت تغمضهما أو تخفيهما حياءً وراء نظارة سوداء كبيرة من طراز السبعينيات أو نظارة طبية خشية تلصص الذئاب الجائعة علي حرمها وسكونها. كان كل حلمها أن تكون له هو هو فقط دون غيره علي الرغم من أنه سبب تعاستها وانكسارها وذبولها. لم يخفق قلبها له ولو مرة واحدة ولكنها لم تفكر إلافيه وفي كيفية إرضائه كعادة (الست الشرقية الأصلية والبيئة المصرية المحافظة). كانت علي علم اليقين أنه بلاقلب ولايفكر إلا في شهواته ونزواته ولايقدر جوهرته الثمينة التي لطالما كانت حلم الرجال ولكنها لاتعرف غيره استيقظت منذ نعومة أظفارها وهي في سن السادسة عشرة علي ذلك القريب فكان أول رجل يطرق باب الطفلة وأول حضن يعانق جسدها البرئ، يطأ محرابها تنصهر أنفاسه في أنفاسها يرقد بجوارها ولايتذكرها إلا عندما يقرر تحطيم غريزته وإشباع فحولته فينقض عليها كثور هائج وعندما ينتهي يركلها بقدمه في سلة المهملات. أي نوع من النساء أنتي ياسيدتي(!) رغم كل هذا القهر وكل هذه الالآم والمعاناة مازلتِ تتمسكين بخيط ضعيف وتتشبثين به مستسلمة للعادات والتقاليد والنصيب(!)...