قالوا قديماً أن قرية أصابها الجوع فذهبوا إلى حاكمها يشكون إليه حالهم فقال لهم الحاكم ليس عندي ما يكفيكم ولكن انظروا سنصنع قدراً كبيرا ويقوم كل منا في المساء ليضع كوباً من اللبن في هذا القدر وأنا أولكم
حتى اذا امتلئ القدر باللبن قمنا في الصباح فقسمناه بيننا فنشرب جميعا ونرتوى، فاتفقوا على ذلك ولما حل الظلام خرج كل واحد منهم ليضع اللبن في القدر دون أن يراه أحد.
ولما كان الصباح اجتمعوا عند القدر ولكن كانت المفأجاة أن القدر قد امتلئ عن أخره ولكن ليس باللبن بل بالماء.
فتعجبوا جميعا كيف حدث ذلك وهنا تظهر الحقيقة التي يعلمها كل واحد منهم بما في ذلك الحاكم وهي أنهم لما جنى الليل قال كل واحد منهم في نفسه لو أني ادخرت اللبن ولم اضعه في القدر ووضعت مكانه الماء لكان خيرا لي ولن يكتشف ذلك اهل القرية لأن الماء الذي اضعه لن يظهر وسط اللبن الذي يضعه الناس.
وبذلك يتضح أنهم جميعا احتالوا على انفسهم فكان ذلك الجزاء الذي هو من جنسِ عملهم ايضا.
فتلك القصة اما العبرة فهي أن فساد الفرد يؤثر بالسلب علي المجتمع كله ،وأن من يتوهم أنه لن يصلح الكون بمفرده كما يقال فهو مخطئ لان صلاح المجتمع يبدأ من صلاح الفرد.
كذلك لا يجب علينا أن ننتظر أمة تبني وتعمر ونحن بيننا من يقوض ذلك البناء بمعول الفساد والهدم.
فكما أن الشجرة إذا تهيأ لها الماء والتربة الصالحة تنبت طيب الثمار فإن المجتمعات أيضا إذا تهيأ لها الغرس الصالح وسقيت بماء المراقبة والاخلاص وأزيلت من حولها اشواك الغدر اخرجت لنا من ينشلونا من ظلمة الفساد لنصحو على فجر جديد يبشر بصلاح الأمم.