أبكتنى تلك اللحظات الفارقة التى لطالما استشعرتها فى قلوب من بلغوا من العمر أرزله .. من لم يجدوا الحب والرعاية والأمان من ذويهم وهم أولى بالاهتمام والتدليل من الصغار الذين يتسابق الجميع لتدليلهم .. فقدوا والديهم .. فقدوا الكثير من الأصحاب الذين كانوا يملؤون حياتهم .. فقدوا قوة الشباب .. فقدوا من يأنس بحديثهم .. لذلك هم الأكثر حاجة للحب في عمرهم هذا .. هم أولى صدقونى .
إذا كان الصغير يبكي ويسارع الجميع لمراعاته .. فإن قلوب آباءنا وأمهاتنا تتقطع بكاءا ولايعلم عنهم أحد إلا القلوب الرحيمة والعقول الواعية الفطينة ..
فقط هم بحاجة إلى من يحسن الظن بهم ويعذرهم ويتقبل مايصدر منهم بصدر رحب .
هؤلاء هم .. أمي و أمك .. أبي و أباك .. جدتي وجدتك .. جدي و جدك .. هؤلاء من غادروا محطات المتع إلى محطات انتظار الرحيل .. ينتظرون يداً حانية وكلمة هامسة ندية ولقمة توضع في أفواههم بالصدق هنية .
هم من تألموا من كثرة ما تعلموا في قطار حياتهم .. وهم النعمة التى تتنزل البركات بركعاتهم و دمعاتهم حين السجود
فلا تجعلوهم يروا منكم صفحة الألم التي يودعون بها الحياة .. بل اجعلوهم يستنشقون عبير البر قبل أن تواروهم الثرى .
فتذكّروا
ماهي إلا سنين معدودة ونصبح بأعمارهم ونريد مثل ماكانوا يريدون