بولندا تشهد عودة معاداة السامية حول التشريعات المعلقة التي من شأنها فرض أحكام بالسجن لمقترحات بأن الأمة كانت متواطئة في المحرقة، كما حذرت جماعات الأقليات المحلية، حيث أن الضغط يتصاعد على الرئيس للاعتراض على مشروع القانون. واعتمد البرلمان هذا الاجراء يوم الخميس، مما يثير الغضب من اسرائيل وانتقادات الولايات المتحدة وادانتها من عدد من المنظمات الدولية. ولدى الرئيس اندرج دودا 21 يوما ليقرر ما اذا كان سيوقع على القانون.
وسوف يفرض مشروع القانون عقوبات بالسجن تصل الى ثلاث سنوات لذكر مصطلح "معسكرات الموت البولندية" واقتراح التواطؤ "علنا وضد الوقائع" من جانب الدولة البولندية أو الدولة البولندية في جرائم النازية. وقتل أكثر من ثلاثة ملايين من يهود بولندا البالغ عددهم 3.2 مليون يهودي من قبل النازيين، وهو ما يمثل حوالي نصف اليهود الذين قتلوا في المحرقة. تم إرسال اليهود من جميع أنحاء أوروبا ليتم قتلهم في معسكرات الموت التي بناها ويشغلها الألمان على الأراضي البولندية، بما في ذلك أوشفيتز، تريبلينكا، بيلزيك وسوبيبور.
ووفقا للارقام الواردة من المتحف التذكارى للهولوكوست الامريكى، قتل النازيون ايضا ما لا يقل عن 1.9 مليون من المدنيين البولنديين غير اليهود. وفي عرض نادر للوحدة، حثت الأقلية البولندية والمجموعات الإثنية، بما في ذلك اليهودية والأوكرانية والروسية، دودا وغيرها من السلطات على التصدي لجميع أشكال كراهية الأجانب والتعصب ومعاداة السامية، على الرغم من أنهم لم يطلبوا مباشرة من الرئيس استخدام حق النقض مشروع قانون.
وقالت المجموعات فى البيان "ان قلقنا واعتراضنا الخاصين يرجع الى المظاهر العديدة والصاخبة لمعاداة السامية التى نشهدها هذا الاسبوع بعد ان مرر البرلمان (مشروع قانون المحرقة)".
وقد سعت بولندا، التي اجتازت نقاشا عاما مؤلما في السنوات الأخيرة بعد نشر أبحاث تظهر بعض البولنديين في الفظائع النازية، إلى تثبيط استخدام مصطلح "المعسكرات البولندية" للإشارة إلى المخيمات النازية على أراضيها، أن العبارة تعني التواطؤ.
وكان وزير الخارجية الالمانى سيجمار جابرييل قد قال يوم السبت ان استخدام عبارة "معسكرات الموت البولندية" كان خطأ. وقال غابرييل في بيان "ليس هناك أدنى شك في هوية من كان مسؤولا عن معسكرات الإبادة وتشغيلها وقتل الملايين من اليهود الأوروبيين هناك، أي الألمان".
وقال مسؤولون إسرائيليون إن التشريع يجرم الحقائق التاريخية الأساسية. اعلنت وزارة الخارجية الايرانية اليوم الخميس ان اسرائيل "تعارض بشدة" موافقتها على مشروع القرار. وقالت السفارة الاسرائيلية فى وارسو فى وقت متأخر من يوم الجمعة ان اسرائيل لا تعارض معركة بولندا من اجل ضمان استخدام عبارة "معسكرات الموت البولندية". وقالت السفارة في بيان لها "نود ان نغتنم هذه الفرصة لنكرر ان اسرائيل تقف مع بولندا في استخدام المصطلح المناسب لمخيمات الموت - المخيمات النازية الالمانية". وقالت السفارة انها تلقت "موجة من التصريحات المعادية للسامية" في الاسبوع الماضي.
بولندا هي واحدة من أكثر البلدان متجانسة عرقيا ودينيا في أوروبا، ولكن قبل الحرب العالمية الثانية اليهود يشكلون 10 في المئة من السكان والبلاد أيضا كبيرة الأوكرانية والألمانية والبيلاروسية وغيرها من الأقليات. ويذكر ان الحزب البولندى الحاكم، وهو حزب السلام الشعبى المحافظ اجتماعيا، اثار من جديد النقاش حول المحرقة كجزء من حملة لتغذية الوطنية منذ ان اجتاحت السلطة فى عام 2015. ويقول الحزب ان مشروع القانون ضروري لحماية سمعة بولندا وضمان ان المؤرخين يدركون ان البولنديين واليهود كانوا ضحايا النازيين.
وقال جيروسلاو كاكزينسكي رئيس مجلس السلام والوزير الواقعي لزعيم البلاد للاذاعة العامة جدينكا يوم السبت ان بولندا ترفض "معاداة السامية بشكل جذري جدا". واضاف "لكننا ايضا دولة ذات سيادة وعلينا واجب ان نبدأ لان هذه ليست سوى البداية والكفاح ضد هذه الحملة التشهيرية العظيمة ضد بولندا وهي اساءة بولندا ومساءلتنا عن تصرفات شخص آخر".
وقد أثار نقاد مشروع القانون مخاوف من أنه سيحد من حرية التعبير ويمكن أن يستخدم ضد الناجين من الهولوكوست أو المؤرخين. وحثت فرقة عمل تابعة للكونجرس الامريكى حول مكافحة معاداة السامية وعدد من الجماعات اليهودية دودا على الاعتراض على مشروع القانون.
قال مجلس اوسفيتز الدولى، وهو هيئة استشارية لمكتب رئيس الوزراء البولندى، ماتيوس موراويكى، يوم الجمعة ان عدم الدقة فى مشروع القانون يثير "المخاوف المشروعة بشأن تقييد الحرية فى اكتشاف الحقيقة حول المحرقة". ولم يعلن دودا ما اذا كان سيوقع على مشروع القانون الا ان المتحدث باسمه قال للاذاعة الحكومية البولندية تروجكا "ان الرئيس يعتقد ان بولندا، كأي دولة اخرى، لها الحق فى الدفاع عن اسمها الطيب ... ولها الحق فى الدفاع عن حقيقة". وقال كاتشينسكي ان دودا يجب ان توقع على القانون. ويجب ان نتحدث الى حلفائنا بطريقة تسمح لهم بفهم ان ليس لدينا نية للتخلى عن كرامتنا".