اسم عشقناه بجنون ، وهذا الجنون هو الذي يجردنا من المقدمات ، وهو الذي ينسينا اننا نتحدث عن امرأة عظيمة ، لاتكرر ابدا ، عشقنا رفع كل الحواجز، والمسافات ، وننسى كل شيء لأننا مجانين بها نقول : فاطمة ، ربما يحتاج الانسان التفخيم ، والتعظيم ، ويقولون سمو جلالته ، والمهيب ، والرهيب على اشخاص ، لم يسمُ ، ولم يهبوا ، ولم يرهبوا ، مجرد اصنام وضعهم القدر ، وساقتهم الحاشية لظلم الناس ، فظلموا انفسهم ، بان ساقوها لجهنم ، اما من يستحق سمو الجلالة ، والمهيب ، والرهيب ، والجبار.... ، كما يتصف بعضهم بسمات الله ، تستحقها فاطمة ، بقدر بسيط جدا من انك تفكر بوعي وتنفصل عن الجنون تجد نفسك تخاف ان تلفظ حروفها وتتلعثم حين تدرك انها سيدة نساء العالمين وابنة سيد العالمين وزوجة سيد العرب بقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : ( انا سيد ولد ادم وعلي سيد العرب ،- وأُمّ- : ... سيدا شباب اهل الجنة) ، وتدرك حينها ان الله لا يجعل في الجنة كهول ، بل كل الناس في النهاية تعود الى شبابها كما عاد أيوب وخطأت في معرفته حتى زوجته التي صاحبته من الشباب حتى البلاء ، فكيف أم سيدا شباب اهل الجنة ، حالها يقول بالسمو ، وحالنا يقول انها عالية لكنها في القلوب ، وبعيدة لكنها في العقول ، وعظيمة لكنها بالنفوس ، لازال اللسان يقول : فاطمة ... فاطمة .. فاطمة...
لا اريد ان اتحدث عن الآخر ، وعن سجل التاريخ ، الذي أعيى نفسه ، حين سجل مالا يستحق ، فهو لايستحق عن ما كتب ، لانه سجل بطولة القائد المختبيء وراء الجدر ، ونسى الجندي الذي أضاف روحه على الهواء كي تستنشق الناس العدالة والحرية ، لا اريد ان اتحدث عما يكتبه المؤرخ ، ولا المحلل ، ولا الكتاب ، اريد ان اعبر عن جنوني وجنون من صاحبني وصرخ معي وقال : يافاطمة... يا فاطمة ... يا فاطمة ... حتى تنقطع أنفاسه ولا زال للجنون نفس.
فاطمة ....
اتحدث عنها خمس حروف فقط ، الفاء مؤنث (زينب) والالف مذكر ( الحسن ) والطاء مونث ( زينب الصغرى او ام كلثوم اسمها المشهور ) والميم مذكر مذبوح ( الحسين ) والتاء جاءت للكلمة ، لتعطيها الخصوص ، والجمال والرفعة ، جاءت اليها ومنعتها من الصرف، وسقطت منها ليعود الاسم منادى بحزن عميق : يافاطمُ ، وسقطت التاء وسقط بها ( المحسن) يعود معها عند الذكر ويضم معها في الحنايا، ويسقط من بطنها ليعلن بداية الألم ، الذي انتهي بسم الحسن ، وذبح الحسين ، وحجز زينب وسمها ، واخفاء تاريخ ام كلثوم ، فضاعت بين صفاحته كما ضيع كل الجنود واخرج القادة ...
فاطمة.....
رحلة ، تتجلى بها خاطرة الفقراء، حين لايجدون دواء ، حين تسقط الجيوب من ملابسهم ، والرحى من حنطتهم ، حين يتألمون ، فيتشافون بالوجع ، ويتصبرون بالمر ، وحين تمر كلمة فاطمة ، يتلاشى كل شيء ، كل شيء ، كل شيء ، بتكرار الشيء ، يثقل اللسان وان كان ثمين فالسان ثقيل ، الا تكرار فاطمة ، كلما تكرر خف اللسان ، وازداد ولعاً بالصياح : يافاطمة .. يا فاطمة ..يا فاطمة..
فاطمة....
عليها السلام ، ولها السلام ، واليها السلام ومعها السلام يحلوا ويذاق نتحسسه ، كأنه سلام قريب ، واقرب من حديث النفس ، واقرب من روح المجانين في حب فاطمة ، السلام على بعد المسافات الزمنية ، يتداخل في زمن عفريت سليمان لعرش بلقيس ، الطرف ابعد من السلام وفاطمة اقرب من السلام ، فنترك السلام لان فاطمة هي السلام ، ونظل ننشد بها : يا فاطمة .. يافاطمة .. يا فاطمة...
فاطمة...
بذكرها لايحل الملل ولا ينتابنا الكلل ، حرفها وضوء ، وحبها صلاة ، وذكرها دعاء ، بلا مقدمات نعيش معها لانها فاطمة ، اختصرت كل الاخلاقيات ، ورفعت بنا الروح جنون للابد لا يجمح العقل القلب ، لان الحب ملاؤهُ ، والعقل جننه اسم فاطمة ..
هل يستطيع احد ان يفكر ما وجه فاطمة ؟ ابدا ، هيهات ، سيعجز الخيال ، وتنهار العقول، وهنا تظهر العظمة ، والكبرياء ، والسمو ، والجلالة ، ولا شيء تراه غير النور والنور والنور ، زهراء انت يافاطمة ...
فاطمة
لبيك ، وسعديك ، وحنانيك ، هكذا تدور الكعبة لله ، ويدور الكون لله ، والله من خص امرأة ان تكون عظيمة ، لا تنجب بعدها البطون ، ولاتأتي مثلها الأرض ، ضمتها بعيدا بعيدا بعيدا ارضنا ، لانها مثلنا تعشقها بجنون ، لاندري اين هي وفي أي القبور ، من حقها الأرض ان تدور ، من حقها ان ينام نصفها ويسهر الثاني ، في بطنها اسم فاطمة ، ومن اجله تدور وتدور ، وتصرخ ، اعشقك بجنون يافاطمة ... لبيك يافاطمة ، تلبي لها النداء ، وتبكي عليها السماء ، لكن الأرض تدور وتخضر سعادة من انها تضم الزهور للزهور : فاطمة عليها واليها ولها ومعها السلام....
فاطمة
حروفك تلاوة ، ودعاء الصباح ، وتضرع المساء، وذراع الحياة ، بذكرك حسنة وبحبك حسنة وانت حسنة ، تعلق في الاذهان وتنهل منها النفوس، فاي اجر انت وانت الاجر باجمعه ، واي عزاء انت وانت العزاء اكتعه، واي نعظم من شعائر وانت الشعائر قاطبة ، ياقطبي الحياة وشمسي الحقيقة بماذا نعزي وبماذا نقول الا لبعظنا عزاء اليتامى لليتامى : أعظم الله لنا والكم الاجر بسيدة نساء العالمين : فاطمة... في النهاية التي لانهاية لحديث فاطمة ، لانها البداية والانهاية في وجودها بالقلوب ، احدى الشاعرات الاميزيغيات قالت : بِعْنِي واشْترْ سوراً بثمني واهدي السوار ... يا بائعٌ ... لمعصم فاطمة .....