رحب المصريون بالسنة الجديدة بأخبار مبهجة من استئناف روسيا رحلاتها المباشرة إلى القاهرة بعد أكثر من عامين من تعليقها بعد حادث تحطم طائرة مأساوي. لفهم تأثير استئناف الروابط الجوية، ينبغي للمرء أن يعرف كيف يمكن لمصر الوصول إلى هذه اللحظة؟
بداية في سيناء
وفي تشرين الأول / أكتوبر 2015، تحطمت طائرة إيرباص A321، التي تديرها ميتروجيت، فوق شبه جزيرة سيناء، التي كانت تقل السياح الروس العائدين من منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر إلى سانت بطرسبرغ، مما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها.
وعلى الرغم من أن التحقيقات بين مصر وروسيا لم تكشف حتى الان عن سبب الحادث، قررت روسيا مع بعض الدول الاخرى تعليق رحلاتها المباشرة الى القاهرة وشرم الشيخ لفترة غير محددة. وأدى القرار إلى إضعاف صناعة السياحة الحيوية في مصر.
ويعتبر قطاع السياحة احد اهم اموال مصر بالعملة الاجنبية التى عانت بشدة من الحظر المفروض على السفر الذى حول 100 فى المائة من المنتجعات المحتلة الى تفريغ المبانى.
وبلغت التدفقات السياحية إلى مصر ذروتها في عام 2010، حيث زار 14.7 مليون سائح البلاد، ولكن العدد انخفض إلى 4.5 مليون في عام 2016.
ويحتل السائحون الروس والبريطانيون الجزء الأكبر من التدفقات السياحية الوافدة إلى مصر. ووفقا للهيئة المركزية للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ تدفق السياح الروس إلى مصر ذروته في عام 2014، حيث بلغ عدد السياح 3.1 مليون نسمة. وفي أعقاب تحطم الطائرة الروسية، انخفض هذا الرقم إلى 2.38 مليون في عام 2015.
وكان تدفق السياح البريطانيين يتراوح بين 800،000 إلى مليون سائح، ولكن هذا العدد انخفض أيضا بعد تعليق الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ. تقتصر الرحلات البريطانية الآن على المعالم السياحية في البحر الأحمر والمدن العليا في الأقصر وأسوان.
جهود الحكومة
وخلال تعليق الحركة الجوية الذي استمر 26 شهرا، تم نشر الكثير من التقارير الكاذبة حول استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين مصر وروسيا في وسائل الإعلام، مما يجعل المصريين يشككون في أن هذه القضية لن تجد أي نهاية.
وخلال تلك الفترة، لم تدخر الحكومة المصرية أي جهد لتسوية القضية، مستخدمة جميع القدرات الدبلوماسية لتسريع المفاوضات مع الجانب الروسي، فضلا عن الدول الأخرى التي فرضت حظرا على الرحلات الجوية المباشرة إلى مصر.
وشددت السلطات الروسية دائما على أن استئناف الرحلات الجوية لن يكون ممكنا إلا بعد أن تفي مصر بجميع مطالب الخبراء الروس بشأن ضمان الأمن في المطارات المحلية.
ومنذ وقوع الحادث، قامت مصر بتنفيذ اجراءات امنية جديدة ومشددة فى جميع مطاراتها للوفاء بالمطالب الروسية باستئناف الرحلات الجوية، مع قيام عدة زيارات من قبل الامن الروسى بالتغييرات التى تنفذها الحكومة. وخلال هذه الزيارات، أكد الجانب الروسي أن سلطات الطيران المصرية حققت تقدما كبيرا في الامتثال لمتطلبات روسيا لسلامة الطيران.
في 11 ديسمبر / كانون الأول زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القاهرة للمرة الثانية منذ أن أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية في مايو 2014. وأظهرت الزيارة اهتماما متزايدا من موسكو بتعزيز التعاون مع مصر بعد أن كانت العلاقات الثنائية صعودا وهبوطا .
وردا على سؤال حول عودة الرحلات المباشرة الى مصر قال بوتين "ان اجهزة الامن الروسية ابلغتني اننا مستعدون على وجه العموم لفتح الخط الجوي المباشر بين موسكو والقاهرة ... وهذا يتطلب توقيع اتفاق حكومي دولي بروتوكول."
في 15 ديسمبر / كانون الأول، سافر وزير الطيران المدني المصري شريف فتحي إلى موسكو والتقى بوزير النقل الروسي مكسيم سوكولوف. ووقع الوزيران اتفاقية أمن جوي تحدد الإجراءات اللازمة لتمهيد الطريق لاستئناف الحركة الجوية بين مصر وروسيا. وقال سوكولوف ان "الرحلة الاولى ستطلق على الارجح في شباط / فبراير".
السياحة المصرية تتعافى
وهناك مؤشرات تشير إلى أن السياحة سوف تتراجع، مع إعلان وزارة السياحة أن عدد السياح يقدر بنحو 8 ملايين بحلول نهاية عام 2017، مقارنة مع 4.5 مليون سائح العام الماضي. كيف يمكن أن يكون ذلك ممكنا؟
وتمثل طاقة فنادق جنوب سيناء، بما فيها شرم الشيخ، 35٪ من إجمالي الطاقة الفندقية في مصر، والتي تقدر ب 225،000 غرفة، منها حوالي 65،000 غرفة في البحر الأحمر، و 30،000 في القاهرة الكبرى، والباقي في مناطق أخرى المحافظات.
وهذا يعني أن غالبية قدرة مصر الفندقية تقع خارج المنطقة المحظورة. ومع ذلك، تمثل جنوب سيناء 40-45 في المئة من الدخل السياحي السنوي المصري، ويمكن أن تضيف 12 مليار دولار سنويا.
وفى الوقت نفسه قالت الوزارة فى بيان سابق ان تدفقا ملحوظا من السياح الاسيويين بدأ يتدفق الى القاهرة والاقصر واسوان. وقد خفف الزوار الآسيويون من الآثار السلبية لغياب السياح الروس والبريطانيين.
ذكرت وكالة السياحة الدولية الصينية، وهي أكبر وكالة سفر في الصين، أن عدد السياح الذين توجهوا إلى مصر في العام 2016 بلغ 58٪ مقارنة بعام 2015، في حين ذكرت وكالة السياحة في اليابان أن عدد السياح المتوجهين إلى مصر كان متعدد