الديمقراطية الاجتماعية

الديمقراطية الاجتماعية

مما لاشك فيه أن الإنسان لا يمكن أن يعيش منعزلا، بل لابد أن ينشأ مع الآخرين، غير أن الوجود مع الآخرين يستلزم وجود علاقات معهم، وعلى هذا فقد وضع الإنسان قواعد تحدد كيفية التعامل والتعايش وحدد الحقوق والواجبات بعبارة أخرى وضع نظاما يحدد هذه العلاقات ويبين طريقة استعمالها ويتمثل هذا النظام في الدولة، والدولة كالأسرة تحتاج إلى تنظيم وضبط وقواعد تحكمها، وسلطة تشرف على شؤونها حتى تستقر وتضمن استمرارها وتحافظ على مكانتها، وتصون كيانها ووجودها، لهذا أوجدت أنظمة حكم كثيرة لأجل تسيير وتنظيم الدولة تحت غطاء السلطة التي تعد الجهة الرسمية التي تمثل وجود الدولة وتثبت كيانها.
ويبقى النظام الديمقراطي أفضل الأنظمة السياسية والاجتماعية، وتعتبر فكرة الحرية الاجتماعية هي التي تمثل الصدارة في إيديولوجية الديمقراطية) لأن الديمقراطية تضمن الاستقرار، بما أنها تفتح المجال للتعددية السياسية والمشاركة المتنوعة لمختلف التشكيلات السياسية، ويكون فيها البقاء للأفضل، كما أنها تشعر المواطن أنه مسئول عن خياره في اختيار من يحكمه، ويقود زمام أموره بنفسه, وأيضا حرية تكوين الأحزاب والجمعيات وحرية التعبير والصحافة وليس هناك نظام أفضل من الديمقراطية في تحرير الشعوب من قيود الطغيان والديكتاتورية، فهي تمثل محيط واسع للحريات المتنوعة من حرية الرأي وحرية التعبير والصحافة، وحرية الاعتقاد والدين، فغياب الديمقراطية يعني قتل تلك المظاهر التي تقترن بمصير حياة الإنسان وفكره، الفكر الذي يبحث دائما عن فضاء الحرية المسئولة لممارسة نشاطه بكل إبداع بعيدا عن كل القيود والمضايقات, هذا بالنسبة للديمقراطية السياسية.
أما بالنسبة للديمقراطية الاجتماعية باعتبارها وسيلة للقضاء على الاستغلال وتدعو إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وهذا ما نادي به كارل ماركس وأنجلز فهي تنادي بإشباع الحاجات الأساسية ومقاومة الاستغلال وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتكريس العدالة الاجتماعية في ظل السياسة الاجتماعية, وأن كان لا يمكن للسياسة الاجتماعية أن تحقق أهدافها ما لم تقترن بتنمية اقتصاديه ناجحة‏,‏ ولا يمكن لسياسات التنمية الاجتماعية أن تحقق أهدافها الإنسانية ما لم تقترن بالعدالة الاجتماعية‏,‏ فهذه العدالة تتطلب توزيع الاستثمارات والخدمات دون تفرقه بحيث ينال كل مواطن وكل إقليم حقه العادل في ثمار التنمية‏,‏ فالعدالة الاجتماعية مرتبطة بتوزيع ثمار العمل وتحقيق المساواة بما يكفل توزيع السلع والخدمات كل حسب حاجته وعدم ترسيخ التفرقة بين الطبقات الاجتماعية أو بين الذكور والإناث‏,‏ أو بين منطقه جغرافية وآخري‏, ولا يمكن أن يتحقق هذا المفهوم إلا بمراعاة مبادئ الشفافية والمساءلة واحترام حقوق الإنسان‏,‏ وتنميه قدرات الناس بدون تمييز, للاستفادة من فرص العمل والمشاركة في سائر مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية‏,‏ وكفالة المساواة بين الرجل والمرأة‏,‏ وضمان تعاون القطاع الخاص وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق التنمية,‏ ونشير في هذا الصدد أن هذا يتم تحت مظلة الديمقراطية الاجتماعية.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;