قريتي طنان التي كانت...

قريتي طنان التي كانت...

طنان التي في خاطري وفي ملامحي أحملها في قلبي أينما حللت ونزلت شوارعها، حاراتها، أزقتها، جامعها الكبير العتيق والروايات والأساطير التي مازالت تُنسج حوله، حجر الجامع الكبير الفرعوني في الباب البحري المنقوش عليه كتابات هيروغليفية... تقول الأسطورة التي توارثناها كابراً عن كابر من يقراء هذا النقش يُفتح له الكنز قرأناه عشرات المرات ولم يفتح لنا الكنز!

ممالاشك فيه أن أسفل الجامع مدينة فرعونية ستغير مجري التاريخ فطنان التي كانت تسمي في العصر الفرعوني (تنور) كما جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي كان لها شأن كبير جعلت فرعون موسي في (يوم الزينة) يختار أمهر سحرة مصر ليجابهوا سحر موسي فاختار من طنان ساحراً ويقال ساحرين ليشاركا في هذا التحدي العظيم الذي بالطبع حسمه سيدنا موسي وسجله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز قال
تعالي:"فألقي السحرة سجداً قالوا ءامنا برب هارون وموسي"
هذا الجامع له خصوصية في نفوس أهالي طنان فعندما تدخله تشعر بالسكينة والهدوء والطمانينة، روحانيات قلما تجدها في مكان أخر.

هذه المنطقة منطقة الجامع الكبير، السوق، المخزن، سوق العراقي، ميدان الباخوري لب طنان القديمة العتيقة الجميلة التي تزداد جمالاً وأضواءاً وحركة ونشاطاً وازدحاماً في ليالي رمضان.

مازال منزلناً القديم بشارع القصبة صامداً أمام عوامل الزمن والتعرية يقاوم الأبنية الحديثة التي طاولت بناءه القديم وأساساته التي ينطق كل حجر فيها بتاريخ الأجداد وأنفاسهم، مازلت أحن إليه، لذكرياتي فيه، لرائحة الأصالة والعراقة، لأهل شارع القصبة الودودين.

مركز شباب طنان كان بالنسبة لي هو العالم السحري فقد كان بمثابة احتكاك مبكر كنا نتصارع فيه مع من هم أكبر منا سناً علي الكرة وعلي الملعب فزادتني هذه الأيام قوة وصلابة ونضجاً.

لم تعد قريتي طنان كما كانت القرية البكر، البسيطة، الهادئة فقد اخترقتها المادة، والحداثة، والمعارض، والموبيليا، لم أعد أحفظ شوارعها عن ظهر قلب كما كنت في الماضي اتسعت بشكل مخيف.

اخترقت البنايات المسلحة الأراضي الزراعية وصارت كالمتاريس التي أكلت الرقعة الزراعية وشوهت اللون الأخضر الذي كان يميز طنان.
الطنانيون أنفسهم أصبحوا كترس في آلة لاتهداء ولاتتوقف بحثاً عن المادة.

الصحبة ولمة الأصدقاء أصبحت من مخلفات الماضي أفتش عنهما في دفتر ذكرياتي القديمة من وقت لأخر حتي أتأكد أنها مازالت تسكنني ولم تراوح عقلي الباطن فهي وقودي لما هو آتٍ وأول ماأطمئن عليه هو ذكري حبي الأول وبراءة ونقاء إحساسه فمازال حنينه في قلبي كطنان القديمة...

 

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;