” الأعتذار ” من سمات الكبار

” الأعتذار ” من سمات الكبار

الاعتذار من الصفات السامية في عالم البشرية. طبيعة الإنسان الخطأ، ويتميز العقلاء بالعودة للصواب ولكن يرتقي الإنسان ويتميز نبله بقدرته على الاعتذار لمن اخطأ بحقة وان كان اصغر منه عمرا أو مكانة.. والاعتذار يمثل مظهرا حضاريا وهو انعكاس لمستوى النضج والثقة في النفس.
حث الإسلام على الاستقامة، وتجنب ارتكاب الأخطاء، ففي الحديث: “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ” وورد النهي عن ارتكاب المخالفات التي تؤدي إلى الاعتذار، ففي مسند أحمد وسنن ابن ماجه أن النبي – صلى الله عليه وسلم- وصى أبا أيوب الأنصاري فقال: “… ولا تَكَلَّمْ تعتذر منه غداً “، وقال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: ” إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره؛ فرب سامع نكراً لا تستطيع أن تسمعه عذراً ” وارتكاب الأخطاء يوقع صاحبها في الحرج، ويضطره إلى الاعتذار عنها، من أجل ذلك نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن أن يضع المسلم نفسه مواضع التهم؛ لأن عرض المسلم شريف لا يصح أن يدنسه بالأخطاء، ولا يجوز لأحد أن يتكلم فيه، ولعل هذا بعض السر في القصة التي حدثت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين كان يقف مع صفية زوجته في الغلس ( بعد المغرب ) فمر به صحابيان فأسرعا الخطى فقال الرسول الكريم: على رسلكما، إنها صفية زوجتي، فقالا يا رسول الله، أو نشك فيك ؟ قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق.إن الإسلام يحافظ على نقاء عرض المسلم، وبياض صفحته، وأن يكون مشهوراً عند الناس بالعفة والطهارة.لكن الإسلام يقرر أن الإنسان لا يخلو من الخطأ والعيب ففي الحديث الصحيح: ” كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون “، ومن هنا يأتي دور ثقافة الاعتذار التي ترأب الصدع وتصلح ما قد يفهم خطأ أو صوابا عن الإنسان.ويعتقد الكثيرون أن الاعتذار هو سمة من سمات الشخصية الضعيفة، ولكن هذا المفهوم خاطئ, ولا يوجد إنسان على وجه الأرض معصوم من الوقوع في الخطأ، فكلنا بشر حتى لو صوبنا تركيزنا كله نحو عدم ارتكاب الأخطاء لن ننجح فنحن لسنا ملائكة بالتأكيد، ولكل خطأ نرتكبه رد فعل ينعكس علينا أو على من حولنا، لذا وجب علينا التعامل مع ردود أفعال الأخطاء الصادرة منا بطريقة صحيحة، فمن نبع منه خطأ تسبب في أذى شخص آخر لابد أن يقدم الاعتذار له بشتى الطرق.
ورغم أن الكبار من سماتهم المسارعة إلى الاعتذار ، والبعد كل البعد عن التبرير والمجادلة في الباطل في الأمور التي ظهر فيها خطأهم ، إلا أنهم مع ذلك يجتنبون الوقوع فيما يُوجب الاعتذار ، مسترشدين في ذلك بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الجامعة لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه " إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع و لا تكلم بكلام تعتذر منه و اجمع الإياس مما في أيدي الناس"1 ، وإن أخطأوا يوماً أو زلت أقدامهم فإنه "لَا حَلِيمَ إِلَّا ذُو عَثْرَةٍ وَلَا حَكِيمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ
نحن في أشدِ الحاجة لغرس وتعميق هذه الثقافة في مجتمعنا وفي بيوتنا إذا أردنا النهوض والتقدم والتطور والرفعة لديننا ولوطننا ولمجتمعنا.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;