تحدد التحقيقات مصير الاستثمارات والمملكة حزام أمان اقتصادى لمصر أمين المستثمرين العرب: ما حدث خطوة جادة نحو الإصلاح الاقتصادى «محاربة الفساد أول طرق الإصلاح الاقتصادى»، هى رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الأولى، التى لم ينتبه إليها الشعب السعودى فى خطابه الأول، قٌبيل عام من مبايعته ملكًا للبلاد، عندما طرح رؤية المملكة 2030 فى ثلاثة محاور، تركزت فى «مجتمع حيوى اقتصاد مزدهر وطن طموح». وقُبيل أيام قليلة من إصدار الملك قراراته الأخيرة، أمر بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولى العهد، للتحقيق فى قضايا الفساد، مؤكدًا أنه لن ينجو فاسد أميرًا كان أو وزيرًا، حتى تفاجأ العالم أجمع بقرارات اعتبرها المتلقون وكأنها من وحى الخيال، عندما بثتها إليهم وكالات الأنباء المحلية والعالمية. ففى الوقت الذى فاجأت فيه السعودية العالم كله بقراراتها الجريئة فى قضايا الفساد، والمتهم فيها عدد من الأمراء والوزراء الذين تم توقيفهم فعليًا، أكد زعماء العالم تضامنهم مع إجراءات السعودية لتطهيرها من الفساد، لتحقيق الاستقرار والسلام والازدهار للمملكة. اللجنة الملكية لمكافحة الفساد، تحملت أعباء عدة، منها حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة فى قضايا الفساد العام، والتحقيق وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أيًا كانت صفتها. التهم التى أعلنتها لجنة مكافحة الفساد فى جملة «قضايا فساد»، تم على إثرها توقيف أمراء ووزراء حاليين وسابقين ورجال أعمال تمهيدًا لتقديمهم للعدالة، وتشير التقديرات وفقًا لما أعلنته وسائل الإعلام، بأن اللجنة التى صدر بتشكيلها أمر ملكى، على أن تضم فى عضويتها رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، أعادت فتح ملفى «سيول جدة» التى تعود إلى عام 2009، والتى أدت إلى مصرع 116 شخصًا واعتبار 350 فى عداد المفقودين، بالإضافة إلى التحقيق فى قضية «وباء كورونا» الذى انتشر فى عام 2012. الاقتصاديون يروا أن عمليات الإصلاح الاقتصادى تكون توابعها السلبية على معدلات الأداء الاقتصادى محدودة جدًا، خاصة أنها تحمل فى طياتها رؤية مضيئة للمستقبل، فعلى صعيد الاستثمارات السعودية فى مصر مثلًا، أكدت مصادر خاصة لـ«الصباح» بوزارة الاستثمار، أن الاستثمارات السعودية فى مصر مستقرة لاسيما وأن الحكومة السعودية هى صاحبة الحصة الأغلب فى السوق المصرى من خلال صناديق الاستثمار. وبحسب بيانات حديثة من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، يبلغ عدد الشركات المؤسسة لدى الهيئة للمملكة العربية السعودية 4309 شركات، ويبلغ التدفق فى رأس المال المصدر 7 مليارات و218 مليون دولار، وترتيب السعودية الثانى بين الدول المستثمرة فى مصر. وأوضحت المصادر أن ما يحدث داخل السعودية، هو شأن داخلى ولن يؤثر على سعى الحكومة المصرية فى جذب المزيد من الاستثمارات السعودية لمصر. ولم تتلق مصر بمختلف قطاعاتها أى تعليمات تتعلق بتجميد أرصدة قائمة المستثمرين السعوديين أو حساباتهم أو حسابات الشركات التى يساهمون بها، كذلك لم تتلق البورصة المصرية أى أوامر بتجميد أرصدة المستثمرين السعوديين الذين يتم التحقيق معهم. على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال، أكد فى تصريحات لـ«الصباح»، أن السعودية بمثابة حزام أمان اقتصادى للمنطقة العربية واستمرارها قوية ومتماسكة يؤثر إيجابًا على قوة مصر فى المنطقة، كونهما أكبر دولتين متحكمتين فى الأداء الاقتصادى والسياسى بالمنطقة العربية. وأشار إلى أن السعودية ومصر أكبر دولتين فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وذات ارتباط وثيق بكافة النواحى السياسية والاقتصادية والأمنية، ورغم ذلك فإن توابع ما يحدث فى السعودية حاليًا قد يؤثر على استثمارات رجال الأعمال السعوديين المتهمين والموقوفين مؤخرًا حال ثبوت التهم عليهم، لافتًا إلى أن لهم استثمارات ضخمة من ضمنها 6 مليارات دولار للوليد بن طلال الذى كان يعتزم ضخ 800 مليون دولار خلال الفترة المقبلة فى مصر. وتابع «عيسى» قائلًا: «لا نستطيع الحكم على مصير استثماراتهم فى مصر، إلا بعد الانتهاء من التحقيقات وتحوّلها إلى قضايا فعلية، توقف على إثرها الأنشطة الاقتصادية الخاصة بهم». أما السفير جمال بيومى، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، فأكد أن ما يحدث فى المملكة العربية السعودية خطوة جادة نحو الإصلاح، وأن أى نجاح اقتصادى كبير لن يأتى إلا بعد قرارات صعبة، مشيرًا إلى أن توابع وأثار القرارات الأخيرة التى طالت وزراء وأمراء بالمملكة ورجال أعمال كبار لن تظهر بشكل سريع ولن يكون لها آثار سلبية إلا بثبوت التهم عليهم فقط.