منذ نشأتها الأولى وحتى يومنا هذا، شكّلت لعبة كرة القدم حالة استثنائية خاصة، جمعت التشويق والإثارة، رسمت لحظات فرح وحزن، مرّ عليها لاعبون، تفوقوا في شهرتهم وتأثيرهم على الكثير من رجال السياسة والثقافة والفن وغيرهم.
نحن المتابعين، من صحافيين أو مدربين أو محللين أو جماهير، دفعنا باللعبة إلى مأزق حقيقي، حينما أدخلناها في صراعات المقارنة بين اللاعبين، تختلف نتائجها باختلاف الأهداف المرجو تحقيقها من طرف كل جهة، فالجماهير بتعصبها لنجومها من جهة، والوسائل الإعلامية ورغبتها في زيادة الإثارة، وبالتالي زيادة القراء من طرف آخر، والشركات الراعية من جهة ثالثة، وبينهم جهات أخرى عديدة.
من هو الأفضل ميسي أم رونالدو ؟، رونالدو أم ميسي ؟، ومن هم أعظم اللاعبين الذين مرّوا بتاريخ اللعبة ؟ بيليه ومارادونا فقط ؟، أم نضيف إليهما زين الدين زيدان ؟ أم البرغوث ؟ أم الظاهرة ؟ أم الدون ؟!!!.
في علم المقارنات بين الأشياء أو شيئين فقط، فإنّ صحّة النتائج تتطلب أن توضع تلك الأشياء في ظروف متشابهة، ونقيسُ بعدها حركة وفاعلية تلك الأشياء المختبرة، وفق آليات وأسس مُعينة، وهذه الطريقة الصحيحة في الاختبارات، لا يمكن تطبيقها في مقارنة كرة القدم بين اللاعبين وذلك لوجود اختلافات عميقة، وندرة القواسم المشتركة، فمن مارس اللعبة في الستينيات، يختلف تماماً عمّن مارسها في التسعينيات مثلاُ، والأساليب والتكتيكات والقدرات الفنية والبدنية للاعبي الخمسينيات تختلف تماماُ عن أقرانهم في العام 2017 وهكذا.
هذا الأمر يقودنا إلى بلاء العصر الحالي في كرة القدم، في البحث عن إجابة السؤال اليومي، ميسي أم رونالدو !!؟، هذا السؤال الآخذ بازدياد، ولن ينتهي بتوقف أحدهما عن اللعب، بل سيبقى التاريخ يتذكرهما ويفتعل المقارنات بينهما، كما هو الحال مع استمرار المقارنات بين من سبقهم كما ذكرنا أعلاه.
إذا، وبناءً على ما سبق، فإنّ فكرة المقارنة بين ميسي وكريستيانو ليست صحيحة، ومن الممكن ذكر عشرات بل مئات الاختلافات بينهما لدحض ذلك، فعلى سبيل المثال:
ميسي: العمر 30، رونالدو 32 / ميسي: الطول 170، رونالدو 185، ميسي: يلعب مع نادي برشلونة بمركز وأسلوب لعب يختلف تماماُ عن مركز رونالدو وأسلوب ريال مدريد، إضافة إلى ذلك، حينما يواجه البارسا فريقا ويهزمه مثلاُ بسبعة أهداف في ملعب الكامب نو ( أرض برشلونة )، ليس بالضرورة أن يكون مستوى وأداء ذلك الفريق بنفس الطريقة إذا خاض على أرضه اللقاء التالي ضد الريال، والعكس صحيح.
إذاُ، كيف نخرج من هذه الأزمة !!، ببساطة شديدة، دعونا نستمتع بأداء كلا اللاعبين، نصفّق لميسي ومراوغاته وأهدافه وتمريراته الحاسمة، ومثله لكريستيانو بجسمه المثالي واجتهاده وتسديداته القوية وشغفه بأهدافه أيضا، أسوة بالجيل الجديد منهم أمثال، نيمار وايسكو وهازارد وغيرهم من اللاعبين الذين يقدمون لنا المتعة والتشويق.