حينما شرع الله الطلاق بين الرجل والمرأة ، كان المقصد والغاية أن ينفصل الطرفان بعد استحالة العشرة بينهما مع وجود مساحة كافية من الهدوء والإحترام المتبادل ، فنهاية العلاقة أبدا لم تكن معناها تبادل الإتهامات أو إلقاء الشائعات والأكاذيب ولا المنافسة في كسب جولة من الجولات التى تعج بها المحاكم منذ أمد بعيد ، فما المانع أن يلتزم الجميع بالنص القرآني البديع " وسرحوهم سراحا جميلا " .
دعونا نتفق أن الانفصال يدفع ضريبته الكبرى الأبناء ، فعقلية الأبناء الصغار لا تستوعب مطلقا حجم ونوع المشاكل والصراعات الدائرة بين الأب والأم ، فهم لن يفهموا شيئا من هذه المعارك الضارية سوى أن كلا الطرفين يضمر العداوة والبغضاء للطرف الآخر ، بل وفي كثير من الأحيان يعمل أحد الطرفين أو كلاهما على استمالة قلوب الأبناء تجاههم للوقوف في صف طرف ضد طرف آخر ناسيين أو متناسين أن بفعلتهم الشنيعة هذه يمزقون نفسية هؤلاء المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة ، حيث يتفنن بعض الآباء في زرع الكره داخل صدور أولادهم بعد آن يعددوا مساوئ شركائهم وهو ما يولد غضبا وكرها لدى الأبناء .
ولكن هناك من يتسم بالعقلانية في معالجة هذه الظاهرة فترى بعض الأمهات يبررن لأولادهن أسباب الانفصال بانشغال الأب أو التباين والاختلاف فى وجهات النظر وهو ما يحفظ للأب صورته الجيدة لدى أذهان أولاده فلا يفقد احترامهم وحبهم ، ويحدث هذا بسبب نضج الأم فى التفكير وحفاظها على نفسية أبنائها من التدمير . ولهذا تم سن قانون الرؤية الذي يسمح للوالد برؤية أبنائه بعد انفصاله عن زوجته وذلك لمدة لا تتجاوز ساعات قليلة ، قد لا يستطيع الوالد فيها أن يتحدث مع الأبناء أو التعرف إلى مشاكلهم ومتطلباتهم ، وهذا إجحاف للأب الذي من حقه شرعا وقانونا أن يمكث مع أولاده يحدثهم ويحدثونه ويلبي لهم كافة احتياجاتهم المادية والعاطفية والنفسية .
أرى أنه لا بد من الموافقة على قانون الاستضافة الذي تقدم به حزب الوفد حيث يسمح للأب باستضافة أبناءه لمدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد عن 72 ساعة ، وذلك من أجل إحداث توازن نفسي وذهني لدى الأطفال فنشأوا نشأة سوية لا تشوبها شوائب ولا يغلب عليها كره الابن لأحد والديه .