اللواء عبدالحميد خيرت قام في كتابه 'الحصاد الأسود' بفضح مخطط الإخوان للقفز على أحداث 25 يناير والوصول للسلطة بالعمالة مع أجهزة مخابرات غربية.
كشف كتاب صدر مؤخرا بالأسواق والمكتبات المصرية عن أسرار مخططات ما يُعرف بـ”الربيع العربي” وأجندته المؤامراتية التي اعتبرت مصر جائزتها الكبرى، وتم الاستعداد لإسقاطها عبر ما حدث في 25 يناير 2011، قبلها بسنوات، وفق ما عُرف بـ”الشرق الأوسط الكبير” ونواته الأولى التي نشرت لأول مرة في مجلة “كيفونيم” الفصلية العبرية في عددها الصادر في 14 فبراير 1982 تحت عنوان “خطة من أجل إسرائيل في الثمانينات” للصحافي والدبلوماسي الإسرائيلي السابق أوديد يينون.
وركَّز الكتاب الذي جاء تحت عنوان “الحصاد الأسود.. ما فعله الإخوان بمصر” لمؤلفه اللواء عبدالحميد خيرت، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، ورئيس مجلس إدارة المركز المصري للبحوث والدراسات الأمنية، على فضح مخطط تنظيم الإخوان وجماعته في مصر، للقفز على أحداث 25 يناير، والوصول للسلطة بالعمالة مع أجهزة مخابرات غربية.
كانت إمارة قطر محطة مهمة في التآمر وتنفيذ المخطط من خلال أوهام قياداتها، ومعها أداتها “قناة الجزيرة” التي باتت- وفق الأجندة- صوت التنظيم الدولي، ومنصة الجماعة الإرهابية لضرب استقرار مصر وكل منطقة الشرق الأوسط. ومن خلال 9 أبواب، ضمَّت 41 فصلا، تنوعّت ما بين سرد جذور المؤامرة الكبرى، وكبار عملائها ونخبتها السياسية ودكاكينها “الثورية”.
تناول اللواء خيرت خفايا اللعبة الدولية والإقليمية والتواطؤ الداخلي من قبل جماعة الإخوان ورموزها الإرهابية لضرب مؤسسات الدولة المصرية، وعلى رأسها جهاز الشرطة، لتسهيل المهمة لبثِّ سمومهم تمهيدا لقمع بقية المؤسسات الأخرى (الجيش/ القضاء/ الإعلام/ الأزهر/ الكنيسة) ومن ثم كبت الشعب وترويضه عبر مخططات الأخونة والتمكين، لتحقيق حلمهم في حكم البلاد لما لا يقل عن 500 عام كما اعترفوا لاحقا.
وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق اعترف في مقدمة الكتاب بأنه لا يؤرخ لهذه المرحلة، ولكن يحاول أن يجعلنا نفهم ونستوعب حقبة “الربيع العربي” إقليميا، ومن منظار ما حدث في مصر يحاول لفت الانتباه إلى أهمية معرفة الإجابة على السؤال الأخطر: هل ما حدث في 25 يناير 2011 ثورة شعبية، أم مجرد موجة احتجاجية عادية، تواجد مَن يشحن لها قبل أن يستخدمها نحو هدف أبعد وأشد لؤما يطال الوطن الكبير؟، دون أن يغفل الدور السرِّي لمراكز الـThink Tank والتي ظاهرها مؤسسات فكرية بحثية، بينما هي بالأساس مراكز لجمع المعلومات وتدريب النشطاء و”الحركات الثورية” على أعمال التخريب والعنف والفوضى.
وبخبرة أكثر من 35 عاما في متابعة عناصر تيارات الإسلام السياسي في مصر، يحاول اللواء خيرت في كتابه إيضاح لماذا تم اختيار يوم 25 يناير بالذات موعدا لبدء الموجة الفوضوية، وتحويلها من ذكرى وطنية تخلد بطولة قسم شرطة الإسماعيلية عام 1952 ضد الاحتلال، لتكون طعنة في خاصرة الدولة الوطنية باسم “الثورة”، وكيف كانت عملية “التحويل الذهنية” هذه هدفا في ما بعد لجماعة الإخوان الإرهابية للقضاء على كل المناسبات الوطنية في الذاكرة المصرية وتزويرها وأخونتها وصناعة تاريخ آخر خاص بهم.
ومن هذه النقطة ينطلق الكتاب ليوضح وبالتفصيل كيف كانت 25 يناير عنواناً للبلطجة السياسية والدينية، التي أدت في النهاية إلى وصول مرشح الإخوان محمد مرسي للسلطة، مع شرح موثق لكل ما حدث خلال العام الأسود من فترة حكم المرشد، من تجاوزات مهينة لكل ما هو مصري، وبالأساس ترسيخ مفهوم الإرهاب الفكري والترهيب المعنوي ليكون مقدمة منطقية نستطيع أن نفهم من خلالها ما يجري حاليا من إرهاب دموي على يد الجماعة وميليشياتها التكفيرية والإجرامية.
وبالكثير من التفاصيل، يسرد لنا اللواء خيرت بطولات شباب الضباط الذين تصدوا لمخطط الجماعة وعرضوا أنفسهم للخطر في وقت صعب لا يقبل الحياد، لنفهم كيف انحازت الداخلية لحضن الشعب رغم كل ما تعرضت له من تشويه ومؤامرات، ونعي أكثر من خلال مجريات أحداث هذه الأيام كيف أن نفس شباب الضباط والأفراد هم وقود الحرب الحالية على عناصر التنظيمات الإرهابية.
وبالتوازي مع ذلك، يشرح أيضا دور الكتلة الصامتة “حزب الكنبة” وفي القلب منها المرأة المصرية، وبروزها كفاعل رئيس في عملية عزل مرسي وإزاحة نظام حكم المرشد في مصر، في ثورة 30 يونيو 2013 والتي أهالت التراب على المشروع الإخواني في الشرق الأوسط، وشيَّعته إلى زبالة التاريخ.