شدّ نظري قبل قليل نبأ أوردته إحدى الصحف الإليكترونية بفاجعة وفاة أحد المطربين العرب ، فذهبت أبحث عن مصدر هذا الخبر والتحقق من صحته ، فوجدته عارياً عن الصحة ، حيث قام المطرب نفسه بتكذيبه .
لا أدري ما الغرض من مثل هذه الأخبارالمفبركة ؟ هل باعتقاد أصحاب هذه الصحف السُذّج بأنها ستزيد من عدد قرائها ؟ في الوقت أن الحقيقة تقول بأن مصداقية هذه الصحف حين الوقوف على كذب هذا الخبر ، ستنهار عاجلاً أم آجلاً ، شاؤوا أم أبوا ، وحينها سينطبق عليهم القول : جذع جذيمة أنفه .
وفي هذا السياق ، تذكرتُ حادثةً واجهتها شخصياً ، حين لم يكن الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي قد انتشرت بشكل واسع وأُتيحت للعامة كما هي اليوم ، وإلاّ ما كانت قصتي التالية أن تقع أحداثها .
حين كنت أعمل في إحدى دول الخليج ، وأثناء أن كان وطني لبنان يئِنُ من ويلات الحرب الأهلية ، وبعد فترة غياب ليست بقصيرة عن الوطن ، قررت ومهما كانت التضحيات ، أن أذهب لزيارة الأهل ، وبالفعل سافرت ، ومضت مدة إجازتي على خير والحمدلله ، وعدت ثانية إلى الدولة الخليجية التي أعمل بها .
وفي عادتي عند كل إجازة وعلى عكس ما يعمد إليه الكثيرون ، أعود قبل الموعد المحدد لإنتهاء الإجازة بعددٍ من الأيام وليس في اليوم الذي يسبق تاريخ مباشرة العمل ، وذلك بغرض إعادة ترتيب أموري وتجهيز بيتي بعد فترة إنقطاع .
وصادف بعد عودتي مباشرةً أن أصبت بعارض صحي بسيط ، فقررت زيارة الطبيب الذي هو في الأساس صديق حميم لي ، وكعادتي وحين أتأكد من عدم وجود مريض عنده ، أفتح باب عيادته وأدخل إليه مباشرةً .
وما أن فتحتُ الباب ودخلت إليه ، إلا وقد هبّ الرجل واقفاً متراجعاً نحو الخلف ، وقد التصق ضهره بنافذةٍ تقع خلف مكتبه وبه من الرعب ما به ، وأخذ يتمتم بآياتٍ من القرآن الكريم ، علّه يبعد عن نفسه شبح صديقه الميِّت الذي هو أنا بالطبع .
وما أن ذهب الروع عنه بعد أن تأكد بالفعل بأنِّي حيٌ أُرزق ، جلس على كرسيِّه والعرق يتصبب منه يخبرني بأنّه قد قابل قبل عددٍ من الأيام صديقنا المشترك "مبارك" والذي يعمل معي في نفس الإدارة فسأله عني وعن أخباري ، فأبدع أخينا ومثّل الدور كما يجب وأخبره بأنِّي قد انتقلت إلى رحمة الله تعالى من أثر الإنفجار الأخير الذي كان قد هزّ العاصمة اللبنانية وأوقع العديد من القتلى ، حيث كنت واحداً منهم .
حسبي الله ونِعم الوكيل بك يا "مبارك" ، هذا ما قاله صديقنا الطبيب ، متوعداً أن يرد إليه الصاع صاعين .