يدفعنا الغضب دائما من ضغوط الحياة وتخبط الأحوال الى للوم المجتمع وإهانة الوطن والرغبة في تركه والهروب منه ان لم يكن منا من اتخذه عدواً لدوداً له، وكأن الوطن هو المسؤول عن تعاستنا وضيق معيشتنا وظلام مستقبلنا ، والحقيقة ان الأرض ماهي إلا تربة ملساء طاهرة ونقية، مستوية لنا تنتظر منا ان نضع فيها بذور الحب والسلام والتعاون ونرويها بالعلم والعمل الدؤوب حتى تثمر لنا الرخاء والنظام والرفاهية كما نراها في شعوب وبلدان أخرى وكما نأمل أن نتذوقها يوما ما. وأتساءل بيني وبين نفسي ماذا زرعنا في الوطن حتى يُعطينا ظهره بهذا الشكل المريب ويلعن من يسيرون على ترابة ويعيشون في احضانة؟ والإجابة حقا مؤسفة وتشعرني بالخجل، لقد زرعنا الحقد بيننا والتنافس الغير عادل والكسب غير المشروع والمقارنات الظالمة ، زرعنا الغش والنفاق والتدليس واتباع الهوى وشهادة الزور ، زرعنا الرشوة للوصول لما نريد بأسهل وأقصر الطرق ، زرعنا الوساطة والمحسوبية والمجاملات على حساب الحق والكفاءة ، والكثير الكثير من البذور الهدامة والفاسدة غرسناها في وطننا حتى اصبحت عنصرا مهما وسمة رئيسية في حياتنا. فماذا كنا ننتظر ان نُجنيه ونحصل عليه؟ في الحقيقة لقد حصدنا مازرعناه ليس للوطن ذنب فيما نعيشة ونشعرة ، وهل اليابان والمانيا وطناً من تراب وحجارة غير التي نعيش عليها في مصر ؟ ام ان البذور التي ذُرعت في أوطانهم غير البذور التي ذرعناها ! بالطبع هم حولوا الركام والانقاض والدمار الى امبراطوريات من العلم والنمو والازدهار . ولكن أما آن الأوان ان نُغير بذور زرعنا ونطهر ماء رينا حتى نحصد العلم والصحة والرخاء والعدل ، إن كل المحن التي نلصقُها على جبين الوطن والمجتمع انما هي نتيجة صناعتنا وسوء عملنا وغضاضة احقادنا . دعونا نطهر نفوسنا ونحسن عملنا ونحترم بعضنا لا يتفاخر غني على فقير ولا عالم على مُتعلم ولا مدير على عامل ، دعونا نحي الأخلاق ونعطي الفُرص ونُمجد الانسان والإنسانية ، نحن في حاجة ماسة إلى ان نُعطى الوطن الخير كي يعطينا أيضا الخير فعلى قدر عطائنا سوف نأخذ . وإني على رغم المحن اعشقك ياوطن .