أجلس فى شرفتى المطله على حديقتي الداخليه فهى محدده بسور من خشب الغاب تنام عليه زهرة الأوركيد بكل ألوانها .. إنها صديقتى التى أحكى لها أسراري نحن فى وحده مع القلم لتكون السطور ذخيرة الذكريات عبر الأيام ! ليلة أمس مرت كحلم من أحلام الكرى ! ارتديت ثوم من الشيفون الفذدقى الهفهاف أظهر فى جمالا لم أعرفه ! وصلنا المكان يدعى تاون هول فيه أبداع وعظمه كالأفلام التاريخيه - على اليمين جلست الفرقه الموسيقية للعزف والجانب الأخر للموائد حيث جلسنا - توافرت الأعداد وبدأ العزف لموسيقى الفالس الكبير مدويا لأشتراوس نقلتنى إلى عالم بعيد فى لحظه ما هذا الخاطر الذي أتى يأخذ منى ذاتى ! أفقت على صوت مستز جروموف تدعونى للرقص وهى تقدم لنا ممدوح سماحه الشاب المصرى مدير مكتب العلاقات بين مصر وسيلان المراكب تأتى محمله بالكلنكر - الأسمنت - وتعود بالشاى .. كما ذكرت ثم جاء صوتها تقول : مصر ستفتح الرقص مسز أمين ومستر سماحه كابل لأئق .. ذهلت لذلك ! لكن زوجى أشار بالموافقة فنهضت - دخلنا الحلبه لأجدنى معه وحدنا - الموسيقى صاخبه - تكلم كثيرا لكنى لم أسمع شيئا مما قال لأنى سابحه مع لحن اشتراوس شعور غاب من زمن مر عليه أكثر من سنوات عشر لكن تبدل الفارس بهذا الغريب ربما هو نفس الوسامه والطله الجميله .. كنت فى ذاك الوقت أعيش روعة الحب مع خطيبى الذى أخذ قلبى كاملا - كان حديث التخرج من الطب العسكرى يرتدى زى الطيران - نرقص دائما على لحن اشتراوس فى اسطوانه فى هول بيتنا بالحلميه وسط أخواني وصديقاتهم وبنات العائله - كيف تبدل هذا الفارس والناس والمكان ولم يتبدل الجوهر - كيف الأن أتخلى عن ذاتى والروح التى تصورتها قد رحلت مع الأحداث كأنها تصور لى أنى فى أحلام الكرى - عادت تدق ديار القلب بعنف لتخلعه من كيانى ! أنتبهت لأجد الراقصين أعدادا وانتهى اللحن ليعزف غيره لكنى عدت إلى المائده فى سكون كأنى لا أسمع شيئا سوى صوت الماضى وتذكرت بعض أبيات قرأتها لأبن الرومي وهو يحدث ابن داود يقول : يا بن داود يا فقه العراق أفتنا فى قواتل الأحداق هل عليهن فى الجروح قصاص أم مباح له دم العشاق ! 
فرد عليه : 
كيف يفتيكم قتيل صريع بسهام الفراق والأشتياق وقتيل التلاقى أحسن حالا عند داود من قتيل الفراق
فأجتاحتنى مشاعر جميله كيف طرت من أقاصى الأرض إلى هناك ! فشعرت فعلا 
 بروعة الحب الذى مات وهو شباب