إن العمل شرف وأمانه، وكما أن الكلمه أمانه، فينبغي على العامل المحافظة على أسرار عمله، ولأن إذاعة هذه الأسرار قد تترتب عليها كثير من الأضرار على طبيعة العمل نفسه، وكذا على المرتبطين بالعمل موظفين وعاملين ومراجعين، ولا شك أن بعض معاملات المراجعين تحوي أسرارا لا يحسن اطلاع الناس عليها، مما يتعلق بأمور شخصية ومسائل عائلية خاصة هي ملك لأصحابها، وكما أن من القيم الخلقية المهمة في مجال العمل والإنتاج هو إحسان العمل وإتقانه، ذلك لأن الإسلام يحض على إتقان العمل وزيادة الإنتاج، ويعد ذلك أمانة ومسؤولية، فليس المطلوب في الإسلام مجرد القيام بالعمل بل لا بد من الإحسان والإجادة فيه وأدائه بمهارة وإحكام فذلك مدعاة لنيل محبة الله ومرضاته سبحانه فيقول النبي صلى الله عليه وسلم.
"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" ويقول أيضا مُرغبا في هذا الخُلق الفاضل وحاثا عليه "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحد أحدكم شفرته وليُرح ذبيحته" ومن إتقان العمل هو شعور العامل بالمسؤولية تجاه ما يُوكل إليه من عمل، وحسن رعايته لعمله، وتطويره، والإسراع في إنجازه، وبذل الوسع والطاقة في اجتناب الوقوع في الأخطاء في أداء العمل وإنتاجه، وألا يفرق بين عمله في قطاع حكومي أو مؤسسة خاصة وعمله لخاصة نفسه، فهو مطالب بإتقان العمل وإجادته وإحسانه سواء كان له أو لغيره، وإن مما يعين على إتقان العمل هو أن يختار العمل الذي يناسبه ويستطيع أداءه بكفاءة ومقدرة، فمن غير المناسب أن يختار عملا لم يؤهل له ولا يستطيع أداءه، وأن يعرف العامل متطلبات العمل ومستلزماته.
كي يتمكن من الوفاء بها على الوجه الأمثل، إن إتقان العمل وأداءه بصدق وإخلاص إنما يزيد من الإنتاج وينمي الاقتصاد، وهذا يعود بالنفع والفائدة على العامل نفسه، وعلى رب العمل، وعلى المجتمع كذلك، وكذلك أيضا فإن من اتقان العمل هو الإخلاص، وإن من لوازم الأمانة هو الإخلاص في العمل وعدم التهاون به لأنه لا يمكن القِيام بالعمل على أكمل وجه وأحسنه إلا إذا تحقق فيه الإخلاص من العامل نفسه فالإخلاص هو الباعث الذي يحفز العامل على إتقان العمل، ويدفعه إلى إجادته، ويُعينه على تحمل المتاعب فيه، وبذل كثير من الجهد في إنجازه، وتوافر هذا الخلق الكريم في العامل من العوامل الرئيسة التي تحول دون وقوع الخلل والانحراف عن الطريق الصحيح في أداء العمل، فهو بمثابة صمام الأمان ضد الفساد بكل صوره وأشكاله، ومن معاني الإخلاص وصوره المتعددة.
هو وجود الرقابة الذاتية في العامل، ومبعث هذه الرقابة هو إحساس العامل واستشعاره بأن الله تعالى يرى سلوكه وكل تصرفاته في أداء عمله، وأنه سائله عنها ومجازيه عليها يوم القيامة، وكما إن صلاح النية وإخلاصها لله تعالى يرتفع بمنزلة العمل الدنيوي البحت فيجعله عملا صالحا متقبلا له الأجر العظيم عند الله تعالي فيقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" فعلى العامل في مجال عمله أن يجعل كل ما يكتبه وما يحسبه وما يكد فيه عقله ويتعب فيه يده عملا صالحا يقصد به مصلحة البلاد والعباد، ورضا رب العباد ليكون من عباد الله المخلصين الذين أثنى الله تعالى عليهم في محكم كتابه الكريم وينبغي عليه ألا يجعل إخلاصه في عمله وجده فيه على قدر ما يتقاضاه من مرتب شهري، أو حوافز مادية ومعنوية.