لا أحد ينكر أهمية توجه الدوله للإستثمار لأنه جزء كبير من عمل أي حكومه تتولي مهام إداره شئون الوطن فالإستثمار علم كبير له أسس وقواعد حاكمه والتى دائما وأبدا تهدف إلي تحسين ورفع مستوي معيشة الفرد والمجتمع وتعمل على تعظيم موارد الدوله والإستفاده بها للحاق بركب التطور والتقدم ، ولايتعارض الإستثمار والفكر الإستثماري مع الأمن القومي للوطن لأنه من المفترض أنه يعمل فى إطار منظومه متكامله هدفها تحقيق الامن القومي للوطن والمواطن .
وللإستثمار أنواع كثيره لسنا فى مجال الحديث عنها الان , ولكننا في صدد الحديث عن الفكر الإستثماري المرتبط بالقوه البشريه التى يمتاز بها هذا الوطن والتي تعتبر من الموارد الهامه له وقد تكون الاهم ضمن خيراته الكثيره ، فالموارد البشريه جعلت مصر تعد من الدول الفتيه والتى تتميز بقوتها البشريه بمستوي متوسطات أعمار الشباب فيها , والذي يعطيها التميز في منطقة الشرق الأوسط بل التميز بين دول العالم أجمع .
وبالرغم من ذلك فأننا لا نجيد إستثمار هذا المورد ولا يتم أستغلاله لتحقيق معدلات عاليه من التنميه لكي نستفيد منها , والتى قد لا تتحقق لدول أخري في منطقتنا العربيه والشرق الاوسط ،
فالقوه البشريه قوه تشتري حاليا من الدول المختلفه ويتم العمل على إجتزابها وتقديم الإغراءات والتسهيلات للحصول عليها ، هذه القوه التى تسببت في تعطيل تقدم دول كثيره ومنها أوروبا التي أصبحت تسمي أوروبا العجوز ،
ومع ذلك فأننا لازلنا نصورها على إنها الزياده السكانيه التى تعتبر عائق للتقدم ومصدر من مصادر إستنزاف موارد الدوله ،
وهذا يمكن أن يكون صحيحاً عندما تكون القوه البشريه غير مؤهله وغير معده للمساهمه في الإستثمار ، ولا يتوفر لها المناخ الإستثماري الذي يجعلنا قادرين على الإستفاده من هذه القدره البشريه ، وإختيار النموذج المناسب للإستثمار في الموارد البشريه والقطاعات المسئوله عن ذلك في تخطيط متكامل تكون مخرجاته التطوير الشامل في جميع المجالات.
وبالنظر للقطاعات المسئوله عن ذلك نجد أنا الإستثمار في الموارد البشريه لابد ان يكون منوط به وزارات التربيه والتعليم والتعليم العالي والشباب والرياضه والثقافه والدفاع والإستثمار كلهم فى بوتقه واحده ، وبالنظر للواقع الحالى نجد إننا إلي الان لا نسير علي الطريق الصحيح للإستثمار فيها ،
فكل قطاع من هذه القطاعات يسير برؤيه وتوجه وكأنه فى جزر منعزله عن القطاعات الاخري فيحدث تضارب بين هذه القطاعات يؤدي إلي فشل في تحقيق النتائج المرجوه .
فتكون النتائج إهدار للمال العام والجهد والطاقه البشريه وعدم تحقيق الإهداف الأساسيه للإستثمار البشري في مقابل تحقيق عوائد تعتقد هذه المؤسسات إنها تحقق بها الإستثمار الحقيقي ولكنها في الحقيقه تحقق خسائر كبيره في تحقيق الهدف من التنميه البشريه وتضعف الإنتماء والولاء بين فئات المجنمع المختلفه وترسخ الطبقيه والفرقه بين أفراد المجتمع ،
وياتي هذا نتيجه عدم وجود مجموعه إستثماريه متكامله تضم كل هذه القطاعات لتحقيق أهداف يتم التخطيط لها وإدارتها وأستخدام موارد كل هذه القطاعات في تحقيق الهدف من التنميه البشريه والحفاظ على الامن القومي وتحقيق العائد الإستثماري الحقيقي الذي يعود بمدخلاته علي جميع الجوانب الإستثماريه الإقتصاديه منها والسياسيه .
وعلى مستوي القطاعات المسئوله نجد ان تبني الفكر الواحد أدي إلي أخفاقات كثيره منها على سبيل المثال في قطاع الشباب والرياضه نجد تحويل ملاعب مراكز الشباب إلي ملاعب كره قدم فقط وممارسة النشاط بالإيجار كان من أسباب تدني مستويات الالعاب الاخري كالسله والطائره واليد .... وغيرها من الألعاب علي المستوي المحلي و على مستوى المنتخبات القوميه , وساهم الفكر الإستثماري الخاطئ في جمع اموال عن طريق الإيجارات من عوائد تأجير الملاعب عموماً وللمناسبات والأفراح في تفشي الفساد المالي في هذه المراكز والتي لم تحقق العوائد الماديه المرجوه وساهمت في إحجام الشباب عن ممارسه الرياضه المنتظمه والمخطط لها بمنظومات رياضيه وخطط تدريبيه ومنافسات بل حولت هذه المراكز لمراكز ترفيه مدفوعه للقادرين وساهمت في توجه الشباب للسقوط في براسم التدخين والمخدرات وغيرها من المدخلات التي تسببت فيها التكنولوجيا الحديثه والانترنت والذي لم يُعد الشباب له الإعداد الصحيح لإستخدامها والاستفاده منها ,
وفقدت بذلك مراكز الشباب دور كبير من ادوارها التى تم إنشائها من أجلها نتيجه الفكر الإستثماري الخاطئ , وكذلك ما حدث في إنشاء شركة إستادات التى أستحوزت على المنشأت الرياضيه لإستادات المحافظات والتابعه لمديريات الشباب والرياضه والتى تم تطويرها وتحولها إلي أنديه خاصه للقادرين وحرمان الغير قادرين من ممارسة الرياضه في منشآت الدوله كنوع من الفكر الإستثماري الخاطئ الذي يعود بالسلب علي المجتمع والذي لم يحقق الإستثمار حتي المادي بل ساهم في تعطيل برامج الشباب والرياضه القوميه والطبيعيه من مراكز تدريب الناشئين وبرامج الرياضه للجميع وبرامج الرياضه لكبار السن كل هذا تم بسبب الفكر الخاطئ في الإستثمار المادي دون النظر للإستثمار القيمي والوطني والمجتمعي الذي نحتاجه للبناء وبدون التفكير في توفير بدائل مناسبه لقطاع عريض كانت تخدمه هذه المنشآت .
وبنفس الفكر تعاملت وزارة التربيه والتعليم والتعليم العالي مع النموذج التعليمي بدخول الفكر الإستثماري المادي فقط من خلال فكر تطوير التعليم بإنشاء مدارس نوعيه بزعم تنويع الشكل التعليمي بمدارس يابانيه ومدارس النيل ومدارس اللغات .... الخ والتى ركزت الدوله عليها دون النظر في أهميه التعليم كإستثمار حقيقي تكفله الدوله من أجل الدوله , بل حولت التعليم لتعليم القادرين علي الدفع علي مستوي التعليم العام والجامعي بانشاء الجامعات الاهليه كمنافس للجامعات الخاصه فى تحول التعليم إلى سوق التعليم التجاري الذي لم يلتفت لجوده التعليم ومخرجاته ويحوله للنظره الإستثماريه الماديه دون النظر فى تطوير المؤسسات الحكوميه التعليميه التى تخدم قطاع كبير من الشعب المصري بما فيها من معلمين وطلاب ومنشآت وأنشطه وأمكانيات متاحه نستطيع من خلالها تقديم نموذج تعليمي مرضي حسب الامكانيات المتاحه يحقق اهداف الدوله من الأستثمار الحقيقي في الموارد البشريه بتخريج عقول تستطيع مواجهه تحديات العصر الحالي وتساهم في إظهار المبدعين والفنانين وتساهم في البناء الحقيقي للمواطن المصري الذي هو استثمار طويل المدي للدوله ودرع لمواجهة التحديات الداخليه والخارجيه .
ويشارك في هذا وزاره الدفاع الدرع الحامي لهذا الوطن ومصنع الرجال التى لم يتم إشراكها في هذه المنظومه الإستثماريه لتضع مميزاتها كبصمه لجودة الأداء وتجنيد أفكارها وامكانيتها الكبيره في إحتضان شريحه من شرائح المجتمع وهي شريحة أطفال الأيتام التي نستطيع من خلال هذه المؤسسه القويه والعريقه والوطنيه تحويلهم لمواطنين صالحين قادرين على الأستفاده منهم بتربيتهم وتعليمهم وأستخدامهم في العمل في المشروعات القوميه بدل من تركهم لمؤسسات الإيواء التى يوجد عليها علامات إستفهام كبيره ويكون نسب التسرب والتشرد بينهم نسب كبيره وتزداد لهؤلاء الفئه التي قد تتحول إلي قنابل موقوته داخل المجتمع الذي يستغلهم فيها الفئات الضاله لممارسة السلوكيات السيئه وتحوليهم إلي مجرمين وضحايه لعدم إحتوائهم وإستغلالهم في بوتقه تحتضنهم وتحولهم لمواطنين صالحين أكثر انتماءً وولاءً لهذا الوطن .
ويكمل هذه المنظومه وزاره الثقافه بمنشآتها وبرامجها التي تثري الحياه الأجتماعيه والثقافيه والتنويريه عندما تقوم بدورها المنوطه به والذي يسع كل الأشكال والانماط والاتجاهات والأفكار كلاً في أختياره فتكون منبر للتنوير في غياب هذا الدور الان .
كل هذه النماذج تعمل في حاله من التفرد نحتاج إلي توحيدها مع فكر إستثماري ناضج وواعي يفهم المتطلبات الوطنيه وذو رؤيه علميه متمثل في وزاره كبيره كوزارة الإستثمار وكلهم يعملون في منظومه متكامله كمجموعه إستثماريه يكون النجاح فيها نجاح للوطن وبناء للجمهوريه الجديده الحديثه والقويه بشعبها وتلاحمها وإنتمائها لهذا الوطن العظيم .