عندما رحل أبي ضاقت الدنيا في عيني وانقسم ظهري وأصبحت اشعر ان ظهري عارٍ ، وفقد كل شئ حولي مذاقه ، ولكن نظرت حولي انا وأخوتي وجدت امي بحاجه إلينا وأن هذه السيده التي احني ظهرها الزمن وأرهقتها الايام واصابها من الأمراض ما اصابها ليس لها غيرنا بعد رب العزه عز شأنه وبعد فقدان ابي الغالي فتيقظت ورجعت فأقمت ظهري واستعدت قوتي شيئًا فشيئاً من اجلها وظللت خمسه أعوام احاول جاهده انا وأخوتي ان نكون عونًا لها في حزنها وفي مرضها والهتنا الحياه والمسؤليه .كنت اجتهد احيانا وأُقصر احيانا اخري، متحمله صبوره أوقاتًا وأوقاتا اخري اغضب واصاب بعصبيه من ضغوط الحياه. كنا دائما انا وامي لانني أشبهها كثيرا دوما نتناغش وتنتقدني واتعصب وتصالحني واحتضنها وهكذا كنا ولكن كان اهم ما في حياتي ارضائها ان لا تحرمني من دعائها لي ولبناتي بصلاح الحال ومهما اخطأت او قصرت اعود وأقبل رأسها ويديها واتدلل عليها .امي كانت مريضه وكانت بالكاد تتحرك ودائما كانت في حاجه الي تواجدنا بجانبها لخدمتها ورعايتها .ومع ذلك كانت هي المكان الأكثر امنا وأمانًا حينما تضيق بي الدنيا اذهب واحكي وتفيض دموعي لديها. واحيانا كنت فقط اذهب لأضع رأسي بحضنها وابكي دون كلام او شكوي فقط لارتاح وارمي بعض احمالي . كنت الوم عليها دائما لإدخالي الحياه بمسؤلياتها وضغوطها مبكرا وكانت تحزن احيانا من لومي لها واحيانا تبرر واحيانا تثور عليا واحيانا تنهرني وتتهمني بالدلع والدلال ولكن في النهايه احتضنتني وقالت "النصيب"برغم عجزها ومرضها كنت اري دائما انها ملجأي الوحيد بعد الله عز وجل ، هي من أستطيع ان اذهب واحكي واشكي وابكي متجرده من كل وسائل التجميل في حياتنا .
وجاءت الاقسي والأعنف ورحلت الحافز ..القوه ..التي كنا نستمد قوانا من تواجدها ونستمد كل طاقه لنا من رغبتنا المستمرة في إرضائها ورعايتها.وكأن كل طاقات الأمل وكل فتحات النور اغلقت مع رحيلها.ان كانت الدنيا ضاقت بعد رحيل ابي، فكيف اصبحت بعد رحيل امي ؟؟لن يتخيل انسان كيف دنياي بدونهما .
اعلم جيدا ان اليتيم من مات ابيه او أمه أوكلاهما وهو صغير. ولكني اقسم انني اشعر بكل احاسيس اليتم والحزن والألم التي يمكن ان تصيب انسان.هناك مشاعر غريبه قاسيه ...
من الممكن ان اعيش حياتي وسط عائلتي وبناتي وأصدقائي وعملي وأمارس أنشطتي ويراني الجميع مبتسمه واعمل واجتهد وأحاول بكل السبل ان اسعد من حولي...اما انا فمن الداخل حزينه جدا ، روحي تتألم قلبي يبكي . واحيانا الحزن لا يكون في تكشيره اوبكاء الوجه ولكن من اقسي انواع الحزن هو ...
(الروح المتألمة والقلب الباكي)
عفوا ...رحيل ابي ومن بعده امي قتل كل احاسيس الامان واغلق كل أبواب النجاه وباعد كثيرًا بيني وبين الابتسامه التي طالما كانت علي وجهي.
رحلتي ياامي...وليس بعدك قلباً سعيدا.
رحلتي ياامي ...وليس بعدك عيدا.
عفوا...ياعيد الام ...رحلت امي