مع قصة نبي الله صالح عليه السلام ، والله عز وجل قد بعث صالحا إلى قومه حين راهق الحلم ، و كان رجلا أحمر إلى البياض سبط الشعر و كان يمشي حافيا ، وقد أرسل الله تعالى نبيه صالح إلى قوم ثمود وهم قَبيلَة مَشْهُورَة، يُقَال لَهُم ثَمُودُ بِاسْمِ جَدِّهِمْ ثَمُودَ أَخِي جَدِيسٍ، وَهُمَا ابْنا عاثر بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ، وَكَانُوا عَرَبًا مِنَ الْعَارِبَةِ يَسْكُنُونَ الْحِجْرَ الَّذِي بَيْنَ الْحِجَازِ وَتَبُوكَ ، وأما عن نسبه فهو صَالح بن عبيد ابْن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثَمُود بن عاثر بن إرم بْنِ نُوحٍ .
واختلف المؤرِّخون في أصل ثمود وزمنِ وجودهم ، فقال بعضهم : إنهم بقيةٌ من قوم عاد ، وقال آخرون : إنهم بقيةٌ من العماليق ، انتقلوا من غرب الفرات إلى الحِجر ، ويرى بعض المؤرِّخين من المستشرقين : أنهم قومٌ من اليهود سكنوا تلك الناحية ولم يدخلوا فلسطين ، وهذا الرأي لا شك أنه باطل ، لأن اليهودَ لم يُعرفوا إلا بعد خروج موسى عليه السلام ببني إسرائيل من أرض مصر فكيف يكونون يهوداً ؟ وأصح الأقوال أنّ قومَ ثمود كانوا عرباً من بقايا عاد ، ويؤيِّدُ هذا الرأي قول الله تعالى " واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عادٍ وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين " فكان بعض قوم ثمود يسكن الأحقاف وبعضهم يسكن الحِجر ...
وأما عن زمن وجودهم : فقد قال ابن كثير رحمه الله : وأما زمنُ وجودِهم فلم يُعلم بالضبط ، إلا إنهم كانوا بعد عادٍ وقبل ميلاد زمن موسى عليه السلام ، بدليل قولِ مؤمنِ آل فرعون "وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يومِ الأحزاب ، مثل دأبِ قومِ نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلماً للعباد" وكان قوم ثمود يتمتعون بقوةٍ هائلةٍ في الأجسام ، فنحتوا الجبال وجعلوها بيوتاً ، ومَنْ رأى مدائنَ ثمود التي مرَّ عليها الآلاف من السنين وكيف تفنَّنوا في نحت الجبال وتزيينها ، ويدرك صدق القرآن حينما قال "وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين" ومع قوةِ أجسامهم فهم لم يكن معهم قوةً في العقول ، فآثروا الكفر على الإيمان والباطل على الحق ، فعبدوا الأوثان من دون الله لأنها عبادةُ من سَلَفَ من آبائهم وأجدادهم .
وما أصعبَ خُلُق الإنسان وصلابته حين يَنّشأُ في بيئةٍ عاشت على الضلال وعلى الغواية حتى اعتقد أنها على الحق وغيرها على الباطل ، وإن هذا الإنسان الذي عَمِيَ قلبهُ عن الحق في حاجةٍ إلى منفذٍ ينتشله من هذا الجوِّ الموبوء ، ولهذا تجلَّت رحمة الله في هؤلاء القوم حين بعث لهم رسولاً كريماً منهم يعرفون حسبه ونسبه وخُلقَه يدعى صالح عليه السلام ، فبُعث صالِّح إليهم يدعوهم إلى الله تعالى ويذكِّرهم بنعم الله عليهم ، لأن الإنسان قد يتقلَّب في نعم الله في صباحه ومسائه ، ثم مع إلْفِهِ للنعم يجحد النعمة وينسى شكر المنعم جل جلاله ، فذكَّرهم صالح بنعم الله عليهم علَّهم يتذكرون ، وعلَّهم تلين قلوبهم .
فبعث الله سبحانه وتعالى صالحًا عليه السلام، الى قومه ، وهم الذين فجروا العيون وغرسوا الحدائق والبساتين، ونحتوا من الجبال بيوتًا، وأمِنوا غوائل الدهر، ونوائب الحدثان، وكانوا في سعة من العيش ورغد ونعمة وترف، ولكنهم لم يشكروا الله، ولم يحمدوا له فضله، بل زادوا عتوًّا في الأرض وفسادًا، وبُعدًا عن الحق واستكبارًا، وعبدوا الأوثان من دون الله، وأشركوا به، وأعرضوا عن آياته، وظنوا أنهم في هذا النعيم خالدون، وفي تلك السّعَة متروكون ، وكان نبى الله صالح عليه السلام ، من أشرفهم نسبًا، وأوسعهم حلمًا، وأصفاهم عقلاً ، وقيل أن صالح النبي صلى الله عليه و سلم من العرب لما أهلك الله عادا و انقضى أمرها عمرت ثمود بعدها فاستخلفوا في الأرض فانتشروا ثم عتوا على الله فلما ظهر فسادهم و عبدوا غير الله .
فدعاهم إلى عبادة الله، وحضّهم على توحيده، فهو الذي خلقهم من تراب، وعمر بهم الأرض، واستخلفهم فيها، وأسبغ عليهم نِعَمه ظاهرة وباطنة، ثم نهاهم أن يعبدوا الأصنام من دونه، فهي لا تملك لهم ضرًّا ولا نفعًا، ولا تُغني عنهم من الله شيئًا ، وذكّرهم بأواصر القُربى التي تربطه بهم، ووشائج النسب التي تصل بينه وبينهم، فهم قومه وأبناء عشيرته، وهو يحب نفعهم، ويسعى في خيرهم، لا يضمر لهم سوءًا، ولا يريد بهم شرًّا، وأمرَهم أن يستغفروا الله، ويتوبوا إليه مما اقترفوا من ذنب، واجترحوا من إثم، فالله سبحانه وتعالى ، لمن دعاه قريب، ولمن سأله مجيب، ولمن أناب إليه سميع.
فما كان منهم إلا أن صمَّت منهم الآذان، وغُلّفت القلوب، وعمِيت الأبصار، فأنكروا عليه نبوَّته، وهزئوا بدعوته، وأنها بعيدة عن الحق الصدق، ثم لاموه فيها، أنّبوه على صدورها منه، وهو الراجح عقلاً، الصائب رأيًا، وقالوا له: يا صالح: عهدناك ثاقب الفكر، مصيب الرأي، وقد كانت تلوح عليك ملامح الخير وأمارات الرشد، وكنا ندّخرك لملمّات الدهر، تضيءُ ظلماتها بنور عقلك، وتحُل معضلاتها بصائب رأيك، وكنا نرجو أن تكون عُدتنا حين يحزب الأمر ويشتد الخطب، فنطقت هُجرًا، وأتيت نُكرًا.
فما هذا الذي تدعونا إليه؟ أتنهانا أن نعبد ما كان يعبد آباؤنا، وقد درجنا عليه، ونشأنا مُستمسكين به ، إننا لفي شك مما تدعونا إليه مُريب، لا نطمئنّ إلى قولك، ولا نثق بصدق دعوتك، ولن نترُك ما وجدنا عليه آباءنا ونميل مع هواك وزيْغِك ، فحذرهم صالح عليه السلام من مخالفته، وأعلن فيهم رسالته، وذكّرهم بما أسبغ الله سبحانه وتعالى عليهم من نِعمه، وخوّفهم بأسه وبطشه، وأبان لهم أنه لا يقصد من وراء دعوته إلى نفع، ولا يطمع في مغنم، ولا يتطلع إلى رياسة، وهو لم يسألهم أجرًا على الهداية، ولا يطلب جزاءً على النصيحة، وإنما أجره على الله رب العالمين، درءًا لكل شبهة قد تساور نفوسهم، ودفعًا لكل شك قد يجول في خواطرهم.
فآمن به بعض المستضعفين من قومه، أما الملأ الذين استكبروا فأصرُّوا على عنادهم، وتمادوا في طغيانهم، واستمسكوا بعبادة أوثانهم، وقالوا له: إنك قد خُولطت في عقلك، وضاع صوابك، وما نظنّ إلا أن أحدًا سلّط عليك شيطانه، أو أعمل فيك سحره، فأصبحت تهرف بما لا تعرف، وتنطق بما لا تفقه: فلست إلا بشرًا مثلنا، وما أنت بأشرفنا نسبًا، أو أفضلنا حسبًا، أو أوسعنا غنى وجاهًا، وفينا من هو أحق منك بالنبوّة، وأجدر بالرسالة، فما حملك على انتهاج هذه الطريق، وسلوك تلك السبيل، إلا رغبتك في تعظيم نفسك، وتطلُّعك إلى الرياسة على قومك.
وحاولوا صده عن دينه، وصرفه عن دعوته، وزعموا أنهم إن اتبعوه حادوا عن الصراط المستقيم، وخالفوا الطريق القويم، فأعرض عن بهتانهم، ولم يستمع إلى غوايتهم، وقال: يا قوم: إن كنت على بيّنة من ربي، وآتاني منه رحمة، ثم اتبعت طريقكم، وسرت في سبيلكم وعصيت ربي، فمن يمنعني من عذابه، أو يعصمني من عقابه؟ إن أنتم إلا مفترون ، فلما وجدوا منه استمساكًا برأيه، واعتصامًا بحقه، خاف المستكبرون من قومه أن يكثر تابعوه، ويعظم ناصروه، وعزّ عليهم أن يكون المرشد للقوم، والملجأ عند الشدائد، والكوكب المنير إذا ادلهم الأمر، فينصرف الناس عنهم، ويفزعون إليه في كل شأن، ويطرقون بابه كلما حزبهم أمر وأهمهم .
ولا شك أنه سيهديهم إلى ما يقرّبهم إلى الله، ويصدّهم عما يُنئيهم عنه، فخافوا زوال دولتهم، وذهاب سلطانهم، وأرادوا أن يظهروا للناس عجزه، فطلبوا منه أن يأتيهم بآية يتبيّنون بها صدق دعوته، ومعجزة ظاهرة تصدّق رسالته ، فقام صالحُ إلى مصلاَّه فصلَّى ودعا ربَّه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا ، فأجاب الله دعاءه ، فانفطرت الصخرة عن ناقةٍ عظيمة عشراء على وجه ما طلبوا ، فلما عاينوها رأوا أمراً عظيماً ومنظراً هائلاً وقدرةً باهرةً ، ثم قال لهم صالح بعد ما خرجت الناقةُ من الصخرة أنَّ الناقة لا تُمس بسوء ، كما قال الله تعالى "ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم" وأنّ لها يوماً تشرب فيه من البئر ولا تشاركونها فيه ولكم يومٌ لا تشارككم فيه ، كما قال الله تعالى "لها شِربٌ ولكم شِربُ يومٍ معلوم " وكان من عجائب هذه الناقة أنها تشرب في يومها قدر ما يشربُه أهل المدينة جميعاً ، لأنها ناقة عظيمة ومعجزة باهرة ..
فقال لهم: هذه ناقة لها شِرْبٌ ولكم شِربُ يوم معلوم، فذَرُوها تأكل في أرض الله ، فلم يرى الناس قبلاً ناقة تستأثر يومًا بمائهم، ولم يعهدوا غيرها يَكُفُّ يومًا عن شربهم، ولا شك أن صالحًا عليه السلام قد عهد فيهم إصرارًا على الكفر، واستمساكًا بالباطل، وعلم أن المنكر يُفزعه ظهور حجّة خصمه، ويخيفه وضوح برهانه، بل يحرك كامن غيظه ومستور حقده قيام شاهده، وقوة آيته، لذلك خاف إقدامهم على قتل الناقة، وحذّرهم من الفتك بها، فقال لهم: (وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ) .
فمكثت الناقة بينهم زمنًا تأكل في أرض الله، ترِد الماء يومًا، وتصدر عنه يومًا، ولا شك أن قيامها قد استمال إليه كثيرًا من قومه، إذ استبانوا بها صِدْقَ رسالته، وأيقنوا بصحة نبوّته ، فأفزع ذلك المستكبرين من قومه، وخافوا على دولتهم أن تبيد، وعلى سلطانهم أن يزول، فقالوا للمستضعفين من قومه وهم الذين أشرق نور الإيمان في قلوبهم، وعمرت به صدورهم، واستضاءت إليه أفئدتهم: (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) فلم تلن قناة القوم، ولم يخفِّفوا من غلوائهم، بل أعلنوا كفرهم، وصارحوهم بتكذيبهم وقالوا لهم: (إِنَّا بِالَّذِى ءَامَنتُم بِهِ كَافِرُونَ) .
وكل ذلك وغيره حملهم على الإقدام على عقر الناقة، ودفعهم إلى قتلها، رغمًا من تحذيرهم بالعذاب وتوعُّدهم بالهلاك إن مسُّوها بسوء من نبي الله صالح عليه السلام ، ومع ذلك بقوا زمنًا لم يجرؤا على إيذائها، ولم يتقدم أحد إلى مسها بسوء، ثم عزموا على قتل الناقة، آية صالح البينة، وحجته البالغة، فانطلقوا إلى الناقة يرصدونها، وخرجوا يرقبونها، فلما صدرت من وردها، ورجعت عن مائها، رماها أحدهم بسهم انتظم عظم ساقها، وابتدرها قدار بن سالف ، عاقر الناقة ، بالسيف، فكشف عن عرقوبها، فخرت على الأرض، ثم طعنها في لبتها فنحرها: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) ، ورجعوا يزفون البشرى إلى أعوانهم، واستخفوا بوعيد الله، وقالوا: يا صالح: ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين، قالوا ذلك تحديًا.
وإن صالحًا عليه السلام قال لقومه بعد أن عقروا الناقة وقتلوها: قد حذرتكم إن أصبتموها بأذى، ولكنكم قد اجترحتم الذنب، فتمتعوا في داركم ثلاثة أيام يأتيكم بعدها العذاب، ويحل عليكم في نهايتها العقاب، ذلك وعد غير مكذوب ، ومع ذلك كذبوا وعادوا في الضلال واستعجلوا العذاب تحديًا، ثم قالوا لصالح: (اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) ، أي تشاءمنا بك وبمن معك، واجتمع نفر من قومه وتقاسموا على أن يتسللوا إليه في جُنْح الظلام، ويباغتوه وأهله والناس نيام، فيوقعوا به دون أن يراهم أحد، وجعلوا ذلك سرًّا بينهم، فبيّتوا له الشر، وأضمروا له ولأهله القتل، ظنًّا منهم أن ذلك يعصمهم من العذاب .
ولكن الله عز وجل لم يُمهلهم، بل أحبط مكرهم، وردّ إليهم كيدهم، ونجّاه مما أرادوا به، وأنقذه الله والذين آمنوا معه من العذاب، وأنزل بالكافرين عقابه تصديقًا لوعده: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِم جَاثِمِينَ) ولم يمنعهم ما شادوا من قصور شامخة، وما جمعوا من أموال وافرة، وغرسوا من جنات واسعة، ونحتوا من بيوت آمنة ، ورأى صالح عليه السلام ما حلّ بهم؛ إذ أصبحت جثثهم هامدة، وديارهم خاوية، فتولى عنهم والأسى يملأ نفسه، والحسرة تقطع نِياط قلبه: (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) سورة الأعراف .
لقد أخذتهم الصيحة التي تحصل منها الزلزلة الشديدة، فأصبحوا ساقطين على وجوههم ميتين هامدين لا يتحركون، وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على ديار ثمود ومساكنِهم وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع للهجرة ، فلما نزل بهم الحجر استقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، وأخذوا من هذا الماء فعجنوا به عجينَهم وطبخوا ، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بما فعل الصحابة أمرهم أن يُريقوا القدور ، وأن يعطوا العجين الإبل ، لأنه لا يجوز أن ينتفع المؤمنُ من متاع أو طعام أو ماءِ الأقوام المعذبين ، فارتحل بهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل بهم البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، وقال لهم لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم ، ثم تَقنَّع عليه الصلاة والسلام ( أي تلثم ) .
وارتحل من المكان خوفاً من العذاب ، وهذه فتوى من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يجوز للمسلم أن يزور الأماكن والآثار التي نزل بها العذاب كمدائن صالح أو آثار قوم عاد أو غيرها إلا أن يكون المسلم باكياً متأثراً معتبراً ، أما إن زارها ضاحكاً متنزهاً وكأنه في فسحة فإنه يحرم عليه ، لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم ، إلا أن تكونوا باكين " رواه البخاري ومسلم .
إن قصة قوم ثمود هي قصةُ التكذيب والجحودِ لنعمِ الله تعالى ، وهي قصة النكوص عن أوامر الله والأمن من عقابه ، وهي عاقبة المترفين الذين اغترُّوا بالنعم وبالقوة والرِّجال ، وظنوا من فرط غبائهم أنَّ القوة التي جعلتهم ينحتون الجبال ستمنعهم من قوة الله وبطشه وعذابه ، وتناسوا قوة الله الغالبة والتي لا ترد عن القوم المجرمين ، فتلك مدائنُ صالح باقيةٌ إلى يومنا هذا شاهدةً على كفرهم ، وتلك البئر التي كانت الناقة تشرب من مائها شاهدة أيضاً على إخلافهم لوعد الله تعالى حين قتلوها " وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " .