أنتجت الأزمة التي تلت ٢٥ يناير خلال سنواتها الماضية جيلاً جديداً من الأثرياء ومن الساسيين الفاسدين ومعظمهم لم يكن معروفاً من قبل.. لا بل لم يكن لهم أي وجود على خارطة العمل الاقتصادي أو السياسي.
المبدأ الأول لكل تلك الفئات، هو المال، هو الآمر الناهي، وهو الحياة والموت، حتى ولو كان ملوثاً بالخيانة والدم، فهناك اعوان يتولون عمليات التنظيف، وبعدها يمرر بقنوات شرعية، بنوك وبورصات وشركات عقاريةواحزاب سياسية ومؤسسات خيرية ومصانع، ويتحول أصحابها إلى نجوم في المجتمع المصري.
أثرياء ٢٥ يناير ليسوا فقط أولئك الذين تتضخم حساباتهم البنكية خلال فترة الاضطربات أو بعدها، بل أيضاً الذين تنتفخ أسماؤهم في السياسة والذين يصنعون مجداً زائفاً ومسروقاً!
ويخرج هؤلاء من شتى طبقات المجتمع، كالسياسيين الذين ظهروا علي انقاض الاضطرابات التي تلت ٢٥ يناير والمتاجرة باسم الوطن الممولون من اعداء الوطن أو المتاجرون بقوت الشعب المصري في هذه الأزمات وكذلك من تفنن بالاستيلاء علي الأراضي وغيرها من الممتلكات
ان قنوات الوصول السريع كثيرة في زمن الازمات، وهناك من أتقن استغلالها لتكوين ثروات خيالية وخلال فترة زمنية قياسية وكذلك تكون مراكز سياسية من خلال الخداع والالعيب والمتاجرة بالوطن بدءاً من المتاجرة بقوت الناس ومعاناتهم ومصائرهم والوعود الزائفة وشراء الاصوات إلى الأعمال غير الشرعية كالنهب من استغلال الوظائف اثناء عملهم في فترات العمل بالحكومة وسرقة الاراضي باستغلال النفوز والإلتفاف حول القوانين.
وتأكيداً على هذا النوع من الثراء، يتداول الشارع وصفحات الفيس بوك فضائح قصص عن بعض هؤلاء الأشخاص الذين تاجروا بالوطن وأصبحوا ذات مناصب وحققوا ثروات من ممارساتهم لبعض الحيل والجرائم المخفية والالعيب السياسية .
أثرياء ٢٥ يناير هم أصحاب الجريمة المنظمة و«لوبيات» الضغط السياسي حاليا والفاسدون المتاجرون بكل شيء، وأول هذه الأشياء، أوطانهم، ويشكلون جميعاً حكومات ظل، تملك قوة موازية لقوة الحكومة الرسمية .
وإذا كان من الصعب اليوم سؤال هؤلاء عن مصدر أموالهم الطائلة، لاسيما وأن هؤلاء باتوا يتمتعون بنفوذ قوي وكبير يجعلهم فوق أي قانون، فإنه لابد من معرفة مصير أموالهم وثرواتهم…أين تستثمر؟ وأين هي موجودة؟ وكيف يجري تبيض هذه الأموال؟
فهنال ثلاث طرق رئيسية لجأ إليها هؤلاء المنتفعين الجدد لتبيض أموالهم أو إخفائها لفترة ما قبل أن يعود بعضهم إلى إدخالها في دورة العمل في البنوك بحجة ممارسة العمل الاقتصادي وتوفير ما يحتاجه من سيولة.
أولى تلك الخيارات وأهمها تتمثل في قيام أثرياء الحرب بتحويل السيولة المالية التي يمتلكونها من الجنيه المصري إلى الدولار الأمريكي، حفاظاً على قيمتها وللمضاربة بها وتحقيق بعض المكاسب الإضافية في بورصة النقود.
والإجراء الآخر المتمم لهذا الخيار يكمن في تهريب الدولارات إلى الخارج، إما لاستثمارها في بعض الدول أو لإبقائها في أمان بعيداً عن أي تطورات محتملة مرتبطة بسؤالهم من أين لك هذا?
الطريق الثاني وهو شراء الذهب والعقارات حيث ان الله والعقارات مخزن للقيمة ورغم أن مبيعات الذهب اليومية وفق تقديرات المعنين لا تؤشر إلى وجود إقبال نوعي على شراء الذهب بكميات كبيرة، إلا أن ذلك لا يلغي أن البعض من هؤلاء الأثرياء يفضل الذهب على غيره من وسائل الادخار والاستثمار لانه مخزن للقيمة وسريع في عملية السيولة.
أما في العقارات فإن الوضع يبدو مختلفاً، إذ تشير المؤشرات إلى وجود إقبال كبير على شراء العقارات وفي مناطق متميزة بالعاصمة الإدارية الجديدة والتجمع والمعلمين والساحل الشمالي والجونا وشرم الشيخ وبأسعار خيالية أحياناً. وفي كثير من عمليات البيع التي تجري يحصل البائع على ما يريد دون الإمكان بيان ظاهرة تعدد العقارات حيث لا يقوم بتسجيلها .
والوجه الآخر للعقارات وهو الغسيل القذر حيث يتم شراء الأراضي الزراعية وتقسيمها مباني أو البناء في الابراج المخالفة بدون تراخيص حتي أصبحت غابة من الابراج العشوائة المخالفة لشروط البناء تحيط بالقاهرة ولم يدرج أسمائهم كملاك للعقارات باستخدام الشخص الكحول حتي يتهربون ون من المسئولية الجنائية وايضا من دفع الضرائب بالاتجار غي المباني والاراضي وآخرون يفتحون مكاتب مهنية ولكنها تعمل في نطاق السمسرة لكل ما هو تجارة خارج القانون ويركبون علي قمة الهرم السياسي في الأحزاب المختلفة.
أما الطريق الثالث، فيتمثل في استثمار تلك الأموال في البورصة أو بالنشاط الاقتصادي، وتحديداً في أعمال التجارة والاستيراد باعتبارها أسرع وأكثر ربحاً، والاستثمار هنا يكون إما عبر شركات تحمل الاسم بشكل صريح وواضح، أو عبر شركات ليس فيها أي إشارة لملكية هذا الشخص أو ذاك حيث يلجأ الإخوان وتجار الدين الي هذا الطريق في الغالب، لكن ضمن أوساط الرأي العام تبدو العملية مفضوحة ومكشوفة، رغم كل تصريحات وتسريبات النفي من هنا أو هناك.
من المهم أيضاً في ظاهرة تبيض أموال أثرياء ٢٥ يناير ، أن الرقابة الإدارية ومكافحة الفساد وايضا بوزارة العدل المعنية بمكافحة غسيل الأموال ووزارة الداخلية المعنية بالأموال العامة ومكافحة تمويل الإرهاب لم تنجح إلى اليوم في وضع يدها على شبكات تبيض الأموال، ومحاسبة بعض أثرياء ٢٥ يناير، وكأن حالهم يقول إما أن اليد قصيرة أو محاولة نسيان تلك الامور أو أن الشارع يبالغ كثيرا بموضوع أثرياء ٢٥ يناير وثرواتهم، التي جمعت من معاناة الشعب المصري وجراحهم وممتلكاتهم وثرواتهم
لذا لابد من ضرب الفساد بيدا من حديد عن طريق تشكيل هيئة عليا لمكافحة الفساد والتهرب الضريبي وبها جهاز قوي يقوم بحصر مليون اسم علي الاقل علي مراحل ويطلب منهم اثبات مصدر الثروات فإن عجز عن إثبات مصدر الثروات بطريقة قانونية تفرض عليهم الضريبة القانونية علي تحقيق أرباح غير عادية ..وهذا قانون معمول به في كافة الدول فيتم تحصيل علي الاقل ترليون جنيه مصري يمكن أن تحدث نقلة نوعية عظيمة وتنقل مصر الي قرن قادم اذا تم استغلالها في مجال التعليم والبحث العلمي والصحة .
دكتور مصطفي الشربيني..الكاتب والمفكر السياسي في الشئون الافريقية
الامين العام للاتحاد الدولي لخبراء التنمية المستدامة
المنسق العام للهيئات والروابط الشبابية باتحاد الزراعيين الأفارقة