لا أعلم حتى الأن لماذا رمتنى الحياة فوق أرجوحة الأيام وجعلتنى بإستمرار أعيش لحظات بين أرواح المرفهين جداً وبين أرواح المحتاجين جداً ، ولم أكن أدرى حتى الأن إن كانت هذه لعنة من لعنات الحياة أو هى نعمة من نعم الله ، ولكنى متأكد جداً أن هذا الشعور أيضاً مازال متأرج بداخلى فبصرف النظر عن ما إن كانت نعمة أم كانت نقمة فالأهم أنه واقع قد فرض علىّ وجعلنى فى ثورة قاتلة و دائمة وكلما زادت الفجوة بين من أراهم يعيشون فى حياة البذخ دون حياء وراء أسوار منعتهم عن رؤية أصحاب الحياء لكنهم أدنى منهم حياة كلما زادة ثورة غضبى و لكن عزائى الوحيد هو قناعتى بأن الله هو خالقهم وهو سبحانه المسئول عن أرزاق العباد لكن هذا لا يمنع بأنى أيضاً على يقين أنى على أرجوحة السعى وأنى كسائر العباد أُمرت بالسعى الدائم والذى من ضمن موسوعته أن أكون همزة وصل لشكوى المحتاجين ومتطلباتهم الحياتية وبين طلب العون لهم منمن غناهم الله من العباد ولعلمى بصدق قول الله تعالى :
( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) فأنا أصبحت على علم بأن هناك أرواح تستحى أن تسأل الناس إلحافا ولكنى لربما أشعر بهم أو أقرأ بين نظراتهم الحاجة الدائمة والإحتياج القاتل
وكما هو فى الإسلوب الإقتصادى للأمور و الذى يقول أن بين الإحتياج وندرة الموارد صعوبة فى التوفيق كما هو فى صعوبة التوفيق بين الضعفاء أصحاب الحاجة والأقوياء الذين جعلهم الله مورد عون لهم ، والصعوبة هنا لها أسباب أهمها أن الأقوياء دائماً أصحاب نفوذ وذات جاه وسلطان وعلى الأكثر أن الجاه والسلطان يلبس أصحابه نظارات سوداء فلا يرون من ورائها خيوط النور التى يضيئها الله لمن يساعد المحتاجين والفقراء فلايساعدونهم ، والمساعدة ليست فى إعطاء المال فحسب ولكنها فى قضاء جميع حوائج الناس وتيسير أمورهم فكم من غنى رزقه الله بوفرة المال ليعطى فامسك وكم من صاحب منصب جعله الله عون فلا يعين وكم من راعٍ نسى رعيته حتى إحترقت ملفات شكواهم من شدة نار الإحتياج بين أصحاب ضمائر ماتت وبين قلوب نامت على وسادة باردة على مكعبات الثلج