حينما كنت أتجول في شوارع قريتي ، والتي لم تكون نموذج لقري كثيرة شبيهه لها ، فهي لم تكون ككل القري ،فكانت بالأمس القريب من أعواما ماضية ليست بالبعيده ،عندما كنت تمشي في شوارعها تشعر بدفئ وحنين غريب، رحيق الزهورالذي يملئ المكان كل صباح يجعلك تشعر بالسعاده بدون مبرر، أشجار البرتقال التي كانت علامة مميزه لقريتي في كل مكان ،والتي حل مكانها الأن خرسانات الرمال والحديد التي أقتلعت الحياة لتزع مكانها أشباح صامته ،وأتذكر أنه قبل الأن كان الاحترام المتبادل بين سكان القرية هو العنوان الرئيسي ،أما الأن فالاحترام لم يعد له بين الناس مكان ،كانت قريتي تبدو في الصباح من جمالها،مثل منتجع سياحي، لكن الاهمال غير ملامح جمالها ونال منها ، وجاء اليوم وأصبح حلم بعض أهلها وقاطنيها أن يسعي للهروب منها،كما فعل سابقيهم من أهل القرية وسكنوا المدن،وكأنهم أرادوا أن يريحوا أنفسهم مما طرأ علي شخصية أهالي القري من تغيير ،فقد أصبحت السنت الناس لا تكل ولا تمل عن الحديث بغير علم ، نعم فقد فرالبعض ،من ألسنت أناسا يحاولون بكل الوسائل للوصول الي أدق الأسرار، وان لم يستطيعوا ذلك ،يبدؤن في نسج خيوط الحكايات من وحي خيالهم حتي يستسلم من يريدون أستسلامه ،ويفر هاربا من قريته التي عاش فيها طفولتة، ليذهب الي المدينة الي عالم أخر لا أحد يشغل نفسه بغيره ،لأن الناس في المدن لا يسعون لتعقبك ،لأنهم لا يريدون منك شئ، وكلا منهم يشغل نفسه بنفسه فقط ،فالبشر الذين يسكنون المدن مختلفون بقدر كبير عن من يسكنون القري ،فقد أضاع أهالي القري العادات والتقاليد سواء الدينية أو العرفية ، وأصبح هذا هو الواقع القاتم للاسف الشديد،نعم قد غابت أخلاق القرية ،وأزعم انها لن تعود ،لأن الوضع أصبح سئ للغاية،حتي المساجد التي كانت تمتلئ عن أخرها بالمصلين ،جاء اليوم لنري أكثر المصلين من تعدي عمره 60عام،أين ذهب الشباب ،أصحاب العقليات المتميزه كما يدعون ، لا تتعب نفسك كثيرا بالتفكير ، أنظر علي المقهي هناك ستجد بعضهم يدخن الشيشه بلا أسحياء،يجلسون بالساعات ،لا يسعون لفرصة عمل ليمتلكون منها قوت يومهم من عرق جبينهم ،وما يدهشك أنك ستجد بعضا منهم علي صفحات الفيس بوك يتحدثون في السياسة والفن والرياضة وفي كل المجالات وكأنهم من الزعماء،وفي حياتهم الواقعية تجدهم لا شئ وليس لهم هدف محدد ،ولا يستطيعون أن يبحثوا عن فرصة لتغيير وأقع حياتهم ،لكن أيضا ما يزيد الأمر مراره ،أنهم يطالبون اولياء أمورهم أن يزوجوهم ، وهم جالسون علي المقاهي ،والأغرب أن اولياء الأمور ينصاعون الي طلبات أبنائهم ،كيف ذلك وأبنائهم لا يسكن في جيوبهم سوي مصروف يدهم الذي يأخذونه منهم كل صباح، ولكن هذا ما يحدث ،ووصل الأمر أنك ستجد بعض الشباب لا يشغل تفكيرهم سوي أن يلبسون أفخم الثياب ويمتلكون أغلي التيلفونات المحموله ،ولهم مصفف شعر مخصوص يدفعون له المال من أجل تنعيم وجوههم ليظهرون أمام الناس كالفنانين ، فقد أصبح بعض الشاب قدوته فنان مشهور،يقلده في كل شئ ،واذا اسعفتكم الفرصة وجلستم في مجالس بعضهم في يوما من الأيام ،ستجدهم يتحدثون أمام الناس كوزراء خارجية الدول الغربية ،وفي أخر المطاف لا تجد منهم عملا أو أنجاز،سوي كثرة المشاكل وكثرة الكلام، فهل سيبقي الحال علي هذا الوضع الغير مرضي، أم أن أهالي القري سيعودون بقريتهم الي ما كانت عليه، العلم يسكنها والايمان يحيطها من كل الاتجاهات والاحترام يكون سيد الموقف في المعاملات ،فكانت قريتي قرية الشهداء قرية الجبل الأخضر قرية العظماء والنبلاء فهل تعود الي ما كانت علية أم أن الوضع أصبح أضغاث أحلام ولا أحد يستطيع أن يعوض ما كان