كيف وصلت الحياة الزوجيه بين الأزواج الى هذه الدرجه فى هذا الزمان وفى هذه الأيام كيف وصل بنا الحال حتى تطلق الزجه وينفصل الزوجين بعد أيام من الأرتباط والعلاقه الزوجيه لماذا وصلنا الى هذا الحد ولماذا أصبح الطلاق ابسط الأشياء بين الزوجين ولماذا تهون العشره ويفارق كلا منهما الأخر بكل سهوله ويسر ولكن يجب أن نعلم أن الحياة الزوجية، بحقوقها وواجباتها والتزاماتها، لَتمثل بناء ضخماً جميلاً يعجب الناس منظره؛ وإن أي نقص في أي حق من الحقوق الزوجية يسبب شرخاً عظيماً في بناء الأسرة المسلمة.
ولكنى أرى دائما أن الزوج يجب أن يكون لينا سمحا بشوشا مع زوجته واالواجب على الزوج أن يتقي الله، ويراقب الله وأن يعاشر زوجته بالمعروف، وبالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ولا يضرب ولا يقبح، وأن يكون كلامه طيبًا وفعله طيبًا، ويجب عليه أيضا المحافظة عليها من الفساد ومن مواطن الشبه، وإظهار الغيرة عليها، وحثها على القرار في البيت، وإبعادها عن رفيقات السوء، والحرص على أن لا تذهب إلى الأسواق بكثرة وإن ذهبت فيذهب معها، وأن لا يدعها تسافر بدونه أو من غير محرم لها وأن يستشعر أن هذه أمانة عنده ومسؤول عنها يوم القيامة .
لكن المصيبة إذا كان الزوج نفسه بعيدا عن الدين والاستقامة، واقعا في الحرام؛ فهي الطامة الكبرى؛ لأن الرجل قدوة أهل بيته، والقدوة السيئة من أخطر وسائل التربية ونجد أن بعض الأزواج تمارس الغلظه والجفاء مع زوجاتهم ويتعاملون معها كما أن تكون عبده أو جاريه لديه ولنعلم جميعا أنّ التواضع لله تعالى مع الأزواج والأهل والناس والأقارب من العبادات العظيمة التي يحبها الله عز وجل في عباده المؤمنين لأن فيه قهرًا وكسرًا للنفس ومخالفةً لها ابتغاء للثواب من الله عز وجل .
إن الذي يتتبَّعُ حالة مجتمعاتنا هذه الأيام ليدرك أن القليل من الرجال والأزواج من يحسن معاملة زوجته ويُحْسِنُ مدارتها ومعاملتها، فالكثير من الأزواج هذه الأيام لا يحسنون معاملة زوجاتهم كما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام فلا يتواضعون في خدمتهن ولا يصفحون ولا يعفون عن سيئاتهنّ بل يقابلون الإساءة بالإساءة، وهذا كله يؤدي إلى أن يمتلئ قلبا كلّ من الزوجين بالحقد والضغينة والكراهية ويكون هذا من أسباب انهيار حسن العلاقة والمعاشرة بين الزوجين، وبالتالي إلى خراب وانهيار بيت الزوجية وضياع الأبناء، وما يترتب على ذلك من ءاثار سلبية وعواقب وخيمة.
ولنا القدوة حسنة في نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم في معاشرته زوجاته، وكيف لا، والله عز وجل أمرنا بالاقتداء به والسير على منهاجه وطريقته صلى الله عليه وسلم فقال تبارك وتعالى ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا ﴾سورة الأحزاب .
وقد قال النبى الكريم عليه الصلاة والسلام : ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ” ومعنى الحديث أنا أحسنُ معاملةً لأزواجي منكم، وأنتم من كان معاملته للنساء وأزواجه حسنة فهو من أفضل المسلمين، ومن حُسن خُلُقه ومعاشرته صلى الله عليه وسلم لزوجاته أنه كان لما يبيتُ في بيت إحداهن لأجل الدَّور والقَسْم كان يخرج صباحًا يدور على كل واحدة منهن، فيقف على بابها ويسلم عليها ويقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت، فكان عليه الصلاة والسلام يبدأهنَّ بالسلام من غير أن ينتظر حتى يأتينَ هُنَّ فَيُسَلِّمن عليه، فانظر يا أخي المسلم إلى حُسْنِ خُلُقِهِ صلى الله عليه وسلم وتواضعه في معاملته لزوجاته، فأيُّ سرورٍ يدخل على زوجاته صلى الله عليه وسلم عندما يبدأهنَّ بالسلام.
وتستقر الحياة الزوجية ويسعد الزوجان عندما يعرف الزوجان ما لهما وما عليهما من حقوق، ويؤدي كل طرف حقه تجاه الآخر ويحسن إليه المعاملة ،ومن الآداب والأخلاق بين الزوجين حسن معاشرة الزوجة لزوجها وتأدية حقوقه، وحسن معاملتها له، وطاعته فيما يرضي الله تعالى ورسوله ، ومن هنا يقول النبي العظيم صلى الله عليه وسلم ” أعظمُ الناس حقًّا على المرأة زوجها ” ويقول أيضًا عليه الصلاة والسلام ” أيّما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة “.
فالزوجة العاقلة هي التي تلتزم بحق زوجها، والمرأة الصالحة هي المرأة التقية التي تؤدي الواجبات وتجتنب المحرمات، فتراعي حق الله تبارك وتعالى وتراعي حق زوجها فلا تُضَيّعُ حقوقه، وهذا الصنف قليل بين النساء هذه الأيام، ويخبرنا النبى الكريم فيقول صلى الله عليه وسلم “لا تؤدي المرأة حقَّ الله حتى تؤدي حقَّ الزوج“.
ولنعلم جميعا أنّ حق الزوج على زوجته عظيم عند الله تبارك وتعالى، لذلك قال الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم “لو كنتُ ءامرًا أحدًا أن يسجد لأحد (أي سجود تحية) لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها“ ومن جملة حقوق الزوج على زوجته والتي مطلوب شرعًا على الزوجة أن تراعيها ، أن لا تمنعه حقَّه من الاستمتاع بها إلا فيما حرّم الشرع كالجماع في أيام الحيض أو النفاس كما هو معلوم في الشريعة، فلا يجوز للزوجة أن تصدَّ زوجها عن الاستمتاع بها وأن ترفض رغبته في مقاربتها، فإن لم تستجب لزوجها في الاستمتاع بها بغير عذر فهي فاسقة وتلعنها الملائكة .
فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبتْ فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح“، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام “إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التَّنُور” (والتنور هو الذي يخبز فيه).
ولنعلم أنَّ حق استمتاع الزوج بزوجته ضمن حدود الشرع هو من أهم حقوق الزوج على زوجته، لأنَّ اهتمام المرأة بحاجة زوجها إليها في فراشه سبب مهم جدًا لسعادة الزوجين وإنَّ إهمالها لهذا الحق يُسبب النكد والشقاق بين الزوجين، وكثيرًا ما يؤدي هذا إلى انهيار الحياة الزوجية وبالتالي إلى الطلاق والضياع، ومن الملاحظ أن كثيرًا من الزوجات، يُهملن حق الزوج في الاستمتاع بها في وقت يكون فيه الزوج بحاجة ماسة إلى ذلك فتهجر هذه الزوجة فراش زوجها بغير عذر شرعي ويكون الزوج في حاجة إليها، وتوليه ظهرها ولا تلقي له بالاً وكأنه ليس زوجها، فتكون بذلك سببًا للنكد والتعاسة والحزن لدى الزوج وما يترتب على ذلك من ءاثار سلبية على الحياة الزوجية.
وهناك حقوق وواجبات تجاه الزوج على زوجته وهى أن لا تُدخل أحدًا بيت زوجها إلا بإذنه، وأن لا تصوم تطوعًا (أي غير الفرض) إلا بإذنه، لأن الصوم مانع عن الاستمتاع فإذا صامت تطوعًا بغير إذنه لم يكن باستطاعة زوجها أن يقاربها، لأنها عادة تبتعد منه، والمقاربة بالاستمتاع حقه، لهذا يقول النبي العظيم صلى الله عليه وسلم “لا يحلُّ لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد (أي حاضر) إلا بإذنه” أي في غير صيام الفرض.
وأن لا تخرج من بيته أو تسافر مع أحد محارمها أو أقاربها إلا بإذن زوجها، ومن المهم في هذا المقام أن نذكر أن الفقهاء قالوا إنَّ ملازمة المرأة وخاصة الزوجة لبيتها وعدم الخروج منه لغير ضرورة أحسن وأفضل لها، وهذا لمصلحة المرأة، لأنه ستر وصيانة لها ويقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : “أقرب ما تكون المرأة إلى وجه الله (أي إلى طاعة الله) إذا كانت في قعر بيتها“.
ويجب أن تقدّم الزوجة حق زوجها على حق سائر أقاربها، لأن حقّه عليها عظيم عند الله تعالى ، فالمرأة إن أمرها أهلها بشىء وأمرها زوجها بشىء مما ليس فيه معصية، تطيع زوجها ولا تطيع أهلها، وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام “أحق الناس بالمرأة زوجها“ وقد روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : “قلت يا رسول الله من أعظمُ الناس حقًا على الرجل ؟ قال : أمُّه، قلت من أعظم الناس حقًّا على المرأة ؟ قال : زوجها“.
ويجب على الزوجه أن لا تتأفف ولا تتسخط لضيق المعيشة أو سوء الحال، ولا تكثر الشكوى فتؤذيه في كلامها وتكسر قلبه وخاطره، بل المطلوب منها شرعًا أن تظهر له الرضا والقناعة بالمقسوم من الرزق، وتُقدّر تعب زوجها في تحصيل الرزق ولا تطلب منه فوق الحاجة خشية أن يقع في كسب الحرام، والمرأة الصالحة العاقلة التي تبتغي رضا خالقها والجنة تبتعد بكليتها عن الحرام وترضى بالمقسوم من الرزق الحلال وتحذر زوجها من مسالك الحرام وطرقه، ورحم الله تعالى نساء السلف الصالح حيث كانت الزوجة الصالحة إذا خرج زوجها من منزله للكسب تقول له : إياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع والضُّرِ ولا نصبر على النار.
ويجب حسن معاشرة الزوج وحسن معاملته، وهذا أصل عظيم في السعادة الزوجية. فمن حق الزوج على زوجته أن تُحسن عشرته بحسن الأدب والحديث والانبساط في أسباب اللذة والاستمتاع بأن تتطيب له وتتزين كما يحب منها ويرضى ، والزوجة العاقلة التي تريد رضا خالقها تُطيع زوجها فيما يُرضي الله عز وجل ولا تؤذيه في أقوالها وأفعالها، ولا تفشي سره الذي ائتمنها عليه ولو لأقاربها، وتكون مشفقة على أولادها، راعية لهم بالتربية الإسلامية التي يحبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم حافظة للسانها عن كل ما يؤذي زوجها ويسخط خالقها .
ويجب أن لا تنكر الزوجة فضل الزوج وإحسانه ، فعلى الزوجة العاقلة أن تحجم عن نكران فضل الزوج وجميله وإحسانه وهذه خصلة مهمة جدًا في استقرار الحياة الزوجية، ولا يراعيها من النساء المتزوجات إلا القليلات، إذ أن كثيرًا من النساء يُكْثِرنَ من نكران إحسان الزوج لأدنى إساءة تبدر عنه، ولهذا كانت النساء أكثر أهل النار كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام .
فلقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن النساء أكثر أهل النار، فسُئِل عليه الصلاة والسلام من قِبَلِ بعض الصحابيات عن السبب فأجاب عليه الصلاة والسلام “لأنكن تكثرن اللعن وتَكْفُرْنَ العشير” أي تتلفظن باللعن كثيرًا كلعن أولادهن أو أزواجهن، ويَكْفُرْنَ العشير (والعشير هو الزوج) أي يُنْكِرْنَ فضل ونعمة الزوج وإحسانه ويستقللن ما كان من الإحسان والجميل منه، وهذا هو الذى يحدث اليوم من الكثير من الزوجات مع أزواجهن في الحياة الزوجية، وقد بيّن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم هذه المسئلة فقال : ” فلو أحسنتَ إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك سوءًا قالت ما رأيت منك خيرًا قَطُّ “.
ويقول الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم ” إذا صَلّت المرأة خَمسَها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت “ فعلى المرأة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به في حدود استطاعتها، وهذه الطاعة أمر طبيعي تقتضيه الحياة المشتركة بين الزوج والزوجة ، ولا شك أن طاعة المرأة لزوجها تحفظ كيان الأسرة من التصدع والانهيار، وتبعث محبة الزوج القلبية لزوجته، وتعمق رابطة التآلف والمودة بين أعضاء الأسرة.
ولتعلم المرأة المسلمة أن الإصرار على مخالفة الزوج يوغر صدره، ويجرح كرامته، ويسيء إلى قوامته؛ والمرأة المسلمة الصالحة إذا أغضبت زوجها يوماً من الأيام فإنها سرعان ما تبادر إلى إرضائه وتطييب خاطره، والاعتذار إليه مما صدر منها، ولا تنتظره حتى يبدأها بالاعتذار، فأفيقوا وإنتبهوا أيها الأزواج وعودوا الى رشدكم وتوبوا الى الله لعلكم تفلحون ، فهذه دعوه الى الصفاء والمسامحه بين الأزواج .