اعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي، و منظمة الأغذية والزاعة للأمم المتحدة (الفاو) في مصر، عن بدء العمل لإعداد نموذج إرشادي زراعي رقمي في إطار تعزيز القدرات الوطنية في مجال تبادل المعلومات ونقل التكنولوجيا لتعزيز الإنتاجية الزراعية، ضمن برنامج الإطار الوطني الذي تم توقيعه بين الفاو والحكومة المصرية للفترة من 2018-2022.
وقال الدكتور عز الدين ابو ستيت وزير الزراعة واستصلاح الاراضي، خلال كلمته في افتتاح فعاليات ورشة العمل التي عقدت بهذه المناسبة، ان التكنولوجيا الرقمية تعد عوناً لمواجهة خطر المجاعة، وتحقيق الأمن الغذائي، في ظل التحديات التي يواجهها العالم في عالم الغذاء نتيجة لسرعة وتيرة النمو السكاني مع تقلص المساحات القابلة للزراعة، فضلا عن تراجع العاملين خصوصاً الشباب عن ممارسة مهنة الزراعة، وهو الامر الذي اشارت اليه احصائيات المنظمات الدولية المتخصصة.
واكد وزير الزراعة ان دول العالم تركز حاليا على تحديث قطاع الزراعة والإهتمام بتطبيقات الزراعة الذكية، وما ستحدثه التكنولوجيا الرقمية من ثورة هائلة في عالم الزراعة وكيفية أداء العمليات الزراعية، لافتا الي ان ذلك يمكن المزارعين من الحصول على المعلومات والإرشادات المتعلقة بمحاصيلهم وصحّة مواشيهم لإتخاذ قرارات سليمة وفعالة تتعلق بكيفية إستخدام مواردهم النباتية والحيوانية على الوجه الأمثل.
واوضح ابو ستيت ان السنوات الأخيرة شهدت إنتشاراً واسعاً لأساليب "الزراعة الرقمية" في الكثير من دول العالم ، لافتا الي أن التحديات التي تعترض طريق ثورة الزراعة الرقمية مازالت قائمة في المناطق الأقل نمواً، ولاسيّما المناطق النائية التي تفتقر عادة إلى البنية التحتية لشبكة الإتصالات فى بعض الدول.
واكد وزير الزراعة أن المنافع التي يمكن أن نجنيها من الثورة الزراعية الرقمية ذات شقّين: أولهما مساعدة المزارعين على تقليل تكاليف الإنتاج وتخفيض الهدر مما يؤدى لترشيد الإنتاج، فضلا عن المساهمة في زيادة إنتاجية المحاصيل عن طريق تحسين أساليب إتخاذ القرارات إعتماداً على توافر البيانات الدقيقة.
واوضح الوزير أن الوزارة تعمل على تفعيل دور تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وإستخدام النظم التكنولوجيه فى القطاع الزراعي ورفع كفاءة دور العامل وإدارة الخدمات المقدمة بسهولة للتيسير على المواطنين فى الوصول الى الخدمات التى تقدمها الوزارة لدعم المنظومة الزراعية ونشر الوعي بين المزارعين فى مصر.
واضاف انه تم تنفيذ مشروع ميكنة منظومة الحيازة الزراعية وبناء قاعدة بيانات للحائزين على مستوى الجمهورية بما يسهم فى ضبط الزمام المنزرع لدعم اتخاذ القرار وتحديد السياسات الزراعية والسمادية والمساهمة فى التنبوء بإستهلاك المياه ونوع ومساحة المحاصيل الزراعية وتحسين سياسة تسعيرها ، لافتا الي انه يجرى حاليا تنفيذ مشروع بناء خريطه رقمية لأراضى الدولة للإستفاده منها فى تدقيق مناطق التوسع العمرانى وتحديد معدلات تآكل الرقعة الزراعية ومواجهة التعديات عليها وذلك من خلال مقارنات صور الأقمار الصناعية خلال فترات زمنية مختلفة.
وتابع ان المعمل المركزى للمناخ الزراعي، التابع للوزارة، يعمل على توفير بيانات الأرصاد الجوية الزراعية لخدمة الأنشطة الزراعية ويشمل ذلك إستخدام النماذج الرياضية لتقدير الإحتياجات اليومية من الري والتسميد والتنبؤ بالأمراض والآفات وحساب إحتياجات البرودة لأشجار الفاكهة متساقطة الأوراق، لافتا الي انه سيتم العمل على إنشاء حزم نظم خبيرة للتواصل مع المزارعين لتقديم البرامج الخدمية والمعرفية لتسهيل عملية الإرشاد الزراعى لخدمة الفلاحين.
واضاف أن وزارة الزراعة تتولى حالياً إنشاء مركز معلومات مركزى متقدم يضم قاعدة بيانات شاملة عن الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى ، ضمن البرنامج القومى لتكنولوجيا المعلومات، حيث تم رفع إحداثيات مزارع الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى وتوقيع هذه الإحداثيات وجميع المنشأت الحيوانية على الخريطة الإلكترونية لمصر، وعمل خريطة وبائية للأمراض الحيوانية ، والتى على أساسها يتم وضع خطة للتحكم والسيطرة على الأمراض الوبائية ، ويتم إستخدام تقنية الإستشعار عن بعد لمراقبة ومتابعة التعديات على البحيرات والأراضى الزراعية والعمل على إزالتها ونظام الإنذار المبكر والتنبؤ بالأمراض العابرة للحدود مثل حمى الوادى المتصدع .
وقال ابوستيت أن المنافع التى يمكن أن نجنيها من التطبيقات الإرشادية الزراعية للمحمول الموجودة بمصر والتطبيقات الزراعية الرقمية التي تم تطبيقها ببعض الدول بالتعاون مع منظمة الفاو متعددة، حيث أنها ستساعد المزارعين على تخفيض التكلفة الإنتاجية وزيادة الربحية من وحدتى الأرض والمياه عن طريق تحسين الأساليب فى إتخاذ القرارات بتوفير المزيد من البيانات الدقيقة.
وفي نهاية كلمته اشاد وزير الزراعة بالتعاون الوثيق والمستمر بين الوزارة ومنظمة الفاو، في كافة المجالات المتعلقة بالزراعة، لاسيما في مواجهة حشرة دودة الحشد الخريفية.
ومن جانبه، قال الدكتور حسين جادين، ممثل الفاو في مصر، :"نظراً للاهتمام الذى أبدته الحكومة المصرية بالخدمات الارشادية الزراعية الرقمية قامت المنظمة بتقديم نموذجها الرقمى للإرشاد الزراعى للمساهمة فى الجهود الحالية لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لتحسين الخدمات الارشادية، حيث إن استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمكن أن ييسر تدفق المعلومات والخدمات الارشادية للمزارعين والمرأة الريفية؛ كما أنها تسهل الوصول إلى الأسواق والمعلومات وفرص إقامة المشروعات".
وبناءً على دراسة استقصائية قام بها فريق عمل الفاو، فقد تم اختيار أربعة مجالات للنموذج المقترح وهي : الموالح، والتمور، وإنتاج الدواجن المنزلية، والتغذية، وسوف يعمل أعضاء فريق العمل بشكل وثيق مع المتخصصين من المعاهد البحثية لمركز البحوث الزراعية لإعداد المحتوى الفنى المناسب، الذى سيتم تحويله من خلال المبرمجين إلى محتوى رقمي، وذلك بالتنسيق التام مع خبراء المنظمة فى المقر الرئيسى بروما.
وأضاف جادين :" مشاركة الفاو وشركاؤها في تنفيذ وتطوير مبادرات الشمول الرقمي وتوسيع نطاق الخدمات الرقمية المبتكرة، و توفير الحلول الخاصة باحتياجات الأسر الفقيرة، تعد بمثابة مساهمة مباشرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتسهم هذه المبادرة بشكل خاص في مقابلة احتياجات الشباب والسيدات، مع إزالة الحواجز أمام الوصول إلى المعلومات واستخدامها من خلال التقنيات الرقمية، مما يعزز الإدماج الرقمي لأصحاب الحيازات الصغيرة".
ومن المقرر ان يتم تنفيذ برنامج تدريبى للعاملين بالارشاد الزراعى فى وزارة الزراعة لنقل المحتويات الفنية فى المجالات المذكورة، وكذلك التعريف بالتطبيق الجديد للهاتف المحمول وعقد جلسات توعية للمزارعين يتم خلالها التعريف بالتطبيق الجديد وكيفية تحميله وتشغيله، بالاضافة إلى نقل المحتويات الفنية للمجالات المذكورة وبصفة خاصة للأفراد الذين لا يمتلكون هواتف محمولة ذكية".
يجدر الإشارة إلى أنه سوف يتم تنظيم البرامج التدريبية وجلسات التوعية بالتعاون مع مؤسسة اقتصاد المعرفة، حيث سيسهم تدريب العاملين فى الإرشاد فى الحفاظ على استمرار بقائهم مصدرًا تقليديًا للمعلومات للمزارعين وأسرهم وبصفة خاصة الذين ليس لديهم الهواتف الذكية.
وفي هذا الصدد ستقوم الفاو بإجراء حملة إعلامية متنوعة الوسائل لرفع الوعي وتنشيط تبنى استخدام التطبيق الجديد، حيث سيتم الاستفادة في هذا التطبيق من البنية الرقمية لتطبيقات الهاتف المحمول في منظمة الفاو الموجودة في السحابة الالكترونية FAO web cloud والتى تم تطبيقها بنجاح في عدد من البلدان مثل رواندا والسنغال.