بداية التعريف بالواسطة وهي أن شخصا أو كيانا يمنع عنه ضررا علي حساب الدولة أو علي حساب شخص آخر
أو يحصل علي ربح ومنفعة مادية أو معنوية بمساعدة مدير أو إداري بمقابل مادي أو أدبي أو معنوي أو إنتخابي لأبناء الدائرة والعشيرة
وهي تعطي الثقة لصاحبها طالما كان معه كارت التوصية الممهور بتوقيع صاحبه
بلون ولغة إشارة يفهمها الطرفان لتعيين أهل الرغبة والثقة علي حساب أهل الخبرة والقُدرة
لينتهي بنا الحال الي وجود الرجل الغير مناسب في موقع المسؤولية
وباء الواسطة ينهش في جسد المجتمع المصري والعربي شرقه وغربه
بنسب متفاوتة لأن المرض واحد والأعراض مختلفة
الواسطة والمحسوبية مع الرشوة من أسوأ أمراض الفساد الإداري المتفشي مع التسيب والإهمال وعدم إنتظام العمل في دواوين ومؤسسات الدولة ونراها أكثر وضوحا في مبني التلفزيون بماسبيرو
وفي مصر للطيران وأماكن كثيرة أخري فيما يُدعي بواسطة العائلات
وهناك إسماء حركية للواسطة منها مثلا( الكوسَة) وهي من الخُضَر المصاحبة للزراعات الأخري لدي الفلاح المصري بدون أن يضع بذرتها أو غرسها !!
وهناك أيضا (الواو) السلبية لدينا فيما يبهرنا العالم المتقدم ب( واو) الإبهار الإيجابية للعلم وألإنتاج والأِنجاز
وترتبط الواسطة إرتباطا سرطانيا بوباء التوريث في كافة مجالات المجتمع المهنية والإجتماعية
وحتي العلمية والدينية منها للأسف
وبعدما حاربنا وأسقطنا التوريث السياسي في مصر للأبد بعد محاولة مبارك توريث إبنه جمال لحُكم مصر علي غرار كوريا الشمالية وكوبا وأذربيجان .
فإنه مازال التوريث قائما لأبناء النواب و الساسة والعائلات الحاكمة في الأحزاب السياسية المجففة المنتهية الصلاحية
مازالت جذور مرض الواسطة تضرب باقي طبقات المجتمع
مثلا الطبيب إبنه يصبح أيضا طبيبا وفي نفس العيادة والتخصص
والمحامي أيضا إبنه يدافع في نفس مكتب ودرجة التقاضي لوالده
والمهندس يكون إبنه مهندسا لكي يدير شركة المقاولات أو مصنع أبيه
وضابط الشرطة إبنه أيضا ضابطا حتي يرفع رتبة اللواء عند خروجه للمعاش
حتي الفنانين الأن غالبا ما تجد أبناءهم في نفس مجالهم في التمثيل والغناء والشعر في الكتابة والإبداع
والأمثلة كثيرة جدا في الصحافة أيضا لكُتاب ورثوها عن آباءهم
وفي الرياضة رأينا التوريث لابناء اللاعبين بعد إعتزالهم رياضيا وهي الأقل ضررا لأنها موهبة تنافُسية ورقمية في الملاعب
وهنا يجب نشر ثقافة الإعتزال الرياضي في باقي قطاعات المجتمع عند عدم القدرة علي العطاء وثقافة الإعتذار أو الإستقالة عند الخطأ
وإلا أنه سيبقي الوضع علي ما هو عليه إجتماعيا بدون أي تغيير يُذكر
فالغفير إبنه يصبح غفيرا والوزير أبنه أيضا وزيرا لكي يرث أبنائهم خيرهم وشرهم
وجامعاتنا أيضا طالها وباء التوريث للأساتذة والعمداء والمعيدين لهيئة التدريس بجامعاتنا التي خرجت من قائمة التميز وجودة التعليم علي المستوي الدولي بسبب تدهور مستوي وكفاءة الخريجين
ولم يسلم منها حتي رجال القضاء لأنه توجه عام وعُرف في المجتمع وتقليد قديم يرسخ الطبقية وأنانية الآباء وتكاسُل الأبناء الذين يعينون في النيابة والقضاء بالوراثة
حتي بعد الثورة لم يتغير شيء في مصر ورأينا ثلاثة أبناء لوزير العدل الأسبق الاخواني أحمد مكي يحصلون علي عقود مُغرية للعمَل في قطر!!
وإبن الرئيس المعزول مرسي بمحض الصدفة يجد عملا في ميناء مطار القاهرة الجوي
وأيضا في السلك الدبلوماسي بالخارجية جذور التوريث واضحة تماما من السفراء والقناصل لأبنائهم وعائلاتهم وأصهارهم بناء علي إختبارات الهيئة لقبول تعيينهم في وزارة العائلات الأرستقراطية في مصر وهنا أذكر تواضُع الوزير الراحل أحمد ماهر
ابن العائلة الوطنية وجده احمد باشا ماهر والمستشفي الشهيرة التي تحمل اسمه
نعود الي مقولة رائجة وخادعة بأننا شعوب متدينة بطبعها لإنتشار المساجد بكثافة مع الكنائس للإخوة المسيحين وذهاب مئات الألاف من المصريين للحج والعمرة سنويا لمكة المكرمة المسلمين وبيت المقدس للمسيحيين
وتميز المصري عن باقي مسلمي العالم بعلامة الصلاة الشهيرة بالجبهة ( الزبيبة) !!!
مع اللحية والجلباب وهو شيء جيد
لكنه تدين ظاهري لانراه في معاملاتنا وأخلاقنا
بدليل قاطع رأيناه بعد سقوط عصا الأمن والشرطة أثناء وبعد الثورة
إنفرط فيها عقد المجتمع تماما وزادت معدلات الجريمة والقتل والسرقة والسطو المُسلح وقطع الطرق
وتأتي دولنا المُتدينة بطبعها في أعلي الترتيب الدولي للفساد والأمُية والفقر وفي الدخول علي المواقع الإباحية وتناول والمُخدرات والتحرش الجنسي بالمرأة !!
في بيان واضح بأنه أمامنا الكثير من العمل الجاد للإصلاح بدلا من خداع أنفسنا دائما والنفاق المجتمعي والطبقي الدائم
من مساويء الواسطة أنها تقتل الأمل وروح المنافسة والإبداع وتزرع الإحباط واليأس في الإصلاح الحقيقي
بل وتطرد الكفاءات العلمية والمهنية للخارج لعدم توافر مناخ صحي تنافسي مُجزي للعمل والتمايز بين القدرات البدنية والذهنية
مما يضعهم في اختيارات صعبة أما السفر شرقا لجمع المال أو للهجرة الي الغرب أو البقاء مضطرا للعمل في مناخ غير صحي طارد الكفاءات
في إستنزاف مدمر لخلايا تقدم المجتمع ومفاتيح لكنوز الطاقات الكامنة والقادرة علي صنع الفارق الكبير لمستقبل أفضل لبلادنا
لنري هجرة العقول شرقا وغربا ومفاتيح التقدم والنهضة الحقيقية
لكي تبقي بعض المفاتيح مع الأقفال الكثيرة المُغلقة بعدما علاها الصدأ !!