ما وصلنا إليه الآن من أكاذيب وإشاعات وأقوال باطله كل ذلك يدعوا الى زعزعة الأمن والاستقرار فى البلاد ويجب أن نتصدى بكل قوه الى هذا الإرهاب الغاشم الذى يحاول بل يسعى مجاهدا على تفتيت الوحده وتفريق الشمل بين صفوف ابناء الوطن ويجب أن نعلم جميعا أن الإرهاب يطلق على جميع الأعمال العدوانية التي تحدث الخوف في القلوب، والرهبة في النفوس، والاضطراب في الأمن، ولكن الذي لا يصح قوله أن يتخذ ذريعة ضد الإسلام وأهله، والدعوة إلى الخير .
فالإرهاب صناعة غريبة على المسلمين، أتت من خارج بلدانهم، وهي من صنع أعداء الله الماكرين ليكون ذلك دافعا لهم للوقوف أمام المد الإسلامي الجارف على مستوى العالم بأسره، وكلمة الإرهاب التي نقصدها هي قتل المؤمنين، وتخويف الآمنين، وهتك حرمة المعاهدين، واستهداف الأبرياء، وتدمير المنشآت، وتشويه سمعة الدين ، وتفتيت الوحده بين أبناء الوطن الحبيب .
فكل أعمال العنف التي ترتكب باسم الإسلام، تجر المسلمين إلى متاهات معتمة، ومشاكل جمة، وتستعدي عليهم العالم بأسره، وتجلب لهم المشقة والعنت، وغير ذلك مما هو واضح البيان للقريب والبعيد ، لذا وجب علينا فهم هذا المسمى، وأثره على المسلمين، وأن من يتلبسون بسمت الإسلام، ويقعون في مثل هذا العمل هم بعيدون كل البعد عن نهج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان يؤذى في نفسه وأهله وأصحابه فكانت وصيته لهم بالصبر وتقوية الصلة بالله رب العالمين، ولم يأمرهم حينئذ برد العدوان على كفار قريش، أو القيام بأعمال عنف، أو قتل، أو نهب، أو غير ذلك، بل كان السبيل الأوحد عندهم هو الصبر والكف والصفح حتى على ما يصيبهم في دين الله.
إن الإسلام برئ من كل دم يسفك باسمه ظلمًا، وإن الله سبحانه وتعالى برئ من كل نفس تُقتل ظلمًا مهما عدَّها القاتل في سبيله، إن الإسلام برئ من كل ترويع للآمنين واعتداء على المسلمين الموحدين، إن الإسلام برئ من كل فكر خارجي يكفِّر المسلمين ويستحل دماءهم، والإسلام كذلك برئ من كل ما يرتكب باسمه من مخالفات واعتداءات، والإسلام برئ من الإرهاب كله بشتى أصنافه وأنواعه وأشكاله وصوره، فما لدين السلام والسماحة والرفق والمحبة بذلك الركام النتن من سفك الدم المحرم والاعتداء على الآمنين خاصة إن كانوا من المسلمين الموحدين.
فدين الاسلام الحنيف يعتبر مجرد الإشارة بالسلاح إلى إنسان بسلاح أو بحديدة عمل محرم يأثم فاعله، فعن أبي هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه” رواه مسلم .
ودين الاسلام العظيم يأمر بالإحسان إلى الحيوان والرحمة به حتى عند ذبحه لأكله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته” رواه مسلم.
ودين يجعل زوال الكعبة أيسر من سفك دم مسلم بغير حق، فعبد الله بن عمر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: “ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله، ودمه، وأن نظن به إلا خيرا” رواه ابن ماجه.
ودين يرحم من رحم عصفورًا من الذبح، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من رحم، ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة” رواه الطبراني
ودين يأمر أتباعه حتى أثناء الحرب ألا يقتلوا طفلًا وألا يمثلوا بجثة، فعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: “اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا…” رواه مسلم.
وإنه دين يغفر لمن رحم كلبًا وأشفق عليه مهما بلغت ذنوبه، فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها، فاستقت له به، فسقته إياه، فغفر لها به”
وإنه دين يأتي نبيه صلى الله عليه وسلـم يوم القيامة خصيمًا لمسلم موحد ظلم ذميًا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة” رواه أبو داود
بل ويحرم الجنة على من قتل معاهدًا، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما” رواه البخاري .
ويجب أن نعلم جميعا أن لكل زرع حصاداً، والغراس الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا، ، ومن يحرث بمحاريث الطيش، ويبذر الفتنة، ويرويها بالعنف، سوف يتجرع غصة الشوك في حلقه، وسوف يكتوي بناره.
وإن من آثار الإرهاب التي يراها القريب والبعيد حصد الأرواح ، وهلاك الأنفس ، وتدمير الممتلكات ، ونشر الخوف والرعب ، وزرع الضغينة البغضاء ، وتحجير الخير ، وإضعاف الأمة، وتبديد مكاسبها ، وتسلط أعداء الله وتمكنها من أمة الإسلام.
فمن ذا الذي يرضى لنفسه ولغيره تلك الأمور، فالله تعالى رفع عن أمة الإسلام العنت والحرج، وإن نصرة دين الله تعالى، وإعزاز شريعته لا تكون ببث الخوف والرعب، أو الإفساد في الأرض، أو بإلقاء الأنفس إلى التهلكة، أو التضحية بالنفس على غير بصيرة، فكل هذا مخالف لما جاء به دين الإسلام، وإنما جاء الإسلام ليحمي للناس ضروراتهم، ويعمل على حفظها، وينشر الأمن والعدل والسعادة في صفوف مجتمعاته.
وإن للإرهاب سلبيات ينبغي توضيحها، ومنها مخالفته لروح الدين ولبه ، فكل عمل يخالف ما جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة نبذ لروح الدين، ومخالفة له، ومن وقع في مثل ذلك فهو المخالف حقاً ، ومخالفة ولي الأمر وشق عصا الطاعة ، فالنصوص الشرعية دلت على وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، والصبر على غير ذلك، وأن من شق عصا الطاعة فقد أوقع نفسه في معصية الله ورسوله لمخالفته أوامرهما .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية " وأن ذلك من مصلحة أعداء الإسلام ، فالقيام بالأعمال الإرهابية داخل بلاد المسلمين، أو خارجها باسم الدين يفرح الأعداء، ويحقق مصالح كبرى لهم، بحيث تسوغ لهم هذه الأعمال التدخل في شؤون المسلمين، وكسر شوكتهم، والتسلط عليهم، واستنفاد قوتهم، عن طريق جني الأموال الطائلة، والتعويضات الهائلة، وتشوية صورة الإسلام والمسلمين في نظر العالم كله.
وكذلك من آثار الإرهاب قتل المسلمين والمعاهدين، فمن وقع في ذلك فقد خالف قول الله تعالى: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " وقول النبي صلى الله عليه وسلم " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة .
وكذلك الخيانة والغدر والجناية على الأبرياء وتخويف الآمنين، فالذي يقوم بهذه الأعمال يكون خائناً لأمته، غادراً لإخوانه، يجني على الأنفس المعصومة بغير وجه حق، ويدخل الرعب على المسلمين، وكل ذلك مناف لما أمر به الشرع الحنيف.
وتشويه صورة العلماء والصالحين ، فالذي يقوم بهذه الأعمال ربما يكون متلبساً بزي أهل العلم والصلاح، وعندما يظهر للناس يكون تأثيره على إخوانه كبيراً وخطيراً، فالسمت الظاهر يورد الشكوك والشبه حول كل من تلبس به، فيعود أثر ذلك على العلماء والصالحين، فلا تقبل منهم نصيحة، ولا يؤخذ منهم علم، ولا يرفع لهم شأن.
وكذلك يعمل الإرهاب على صرف الناس عن طاعة ربهم وتخويفهم بسلوك سبيل المؤمنين: فالناظر حوله الآن يجد أن بعض الناس ترك الالتزام بسمت الصالحين لما يسمع ويرى ما يقوم به بعض المنتسبين إليهم، فدب الخوف في النفوس، وتسبب ذلك في إضعاف وازع الإيمان في القلوب، ففرط الكثير في التزامهم بالسمت النبوي الكريم.
وكذلك فتح الباب للمتربصين ليلجوا إلى بلاد الإسلام ، ومعلوم أن الخطط التي تحاك ضد كل ما هو إسلامي أصبحت تظهر علناً بعد أن كانت تعمل في الخفاء، وذلك أن بعضاً من أبناء المسلمين قد أظهروا العداء بصورة خاطئة، بالتعامل بالقتل والتخريب والتفجير، ففتحوا الباب الموصد بأيديهم ليلج أعداء الملة إلى بلاد المسلمين.
وكذلك يحدث الارهاب على حصول الفرقة والتنازع وذلك ببث الأعمال المخالفة لشريعة الإسلام، فيكون ذلك عاملاً هاماً في بث الفرقة بين أفراد المجتمع المسلم ، وضياع الأمن والأمان، وإن التفريط في جانب الأمن جريمة كبرى، ومن ضاع منه الأمن عاش في خوف وقلق واضطراب، فبدون الأمن لا يمكن أن يعيش الناس حياتهم، والمعلوم أن انفلات زمام الأمن هو فتح لبوابة الفتن، والرعب، والهلاك، والأهواء، والعصبيات، والتناحر والتشاجر، وهي من أعظم أسباب الشر والفساد وكل ذلك من مسببات هلاك الأمة وضياعها.