أعلنت إيران في 20 يونيو/ حزيران الماضي أن دفاعاتها الجوية أسقطت طائرة تجسس أمريكية فوق محافظة هرمزغان جنوبي البلاد، وأكدت واشنطن الخبر مشيرة إلى أن الطائرة أسقطت بصاروخ أرض - جو إيراني.
إيران صعدت ورفعت درجة حرارة الميدان بعد أن قامت الولايات المتحدة برفع درجة الحصار الاقتصادي وزيادة العقوبات على طهران، حيث أردات القيادة الإيرانية أن توجه رسالة إلى واشنطن أن إيران أصبحت قوة كبيرة في الإقليم وليس من السهل التعاطي معها من باب العقوبات والتهديد.
فنقلت وكالة "فارس" بيانا للحرس الثوري الإيراني، يوم الخميس 20 يونيو/ حزيران جاء فيه "طائرة التجسس الأمريكية هي من طراز غلوبال هاوك، وكانت قد انتهكت الأجواء الإيرانية فجر اليوم الخميس فوق هرمزغان".
وتابع البيان بأن قوة الجو فضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني أسقطت الطائرة في منطقة "كوه مبارك " التابعة لمحافظة هرمزغان جنوب غربي البلاد. وأشار إلى أن "الطائرة المسيرة التي تم إسقاطها تحمل 900 كغ من الأجهزة التجسسية، وصنع غلافها من الألومنيوم، وتستطيع التحليق على ارتفاع 65 ألف قدم ويتحكم بها في غرفة الإدارة أربعة أشخاص".
بعد 3 أيام من إسقاط الطائرة، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن واشنطن تمارس الإرهاب الاقتصادي على بلاده، وذكرت وكالة "مهر" الإيرانية نقلا عن الرئيس الإيراني روحاني الذي قال "أطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه هذه السياسة الأمريكية في المنطقة".
وأضاف قائلا "واشنطن شرعنت الإرهاب الاقتصادي ضد شعبنا وفرضت عقوبات تشمل الأدوية والمواد الغذائية".
لم ترد أمريكا عسكريا على إسقاط الطائرة الأمريكية، لأنها تدرك حجم الخسائر الكبيرة التي ستترتب على أية عملية تصعيد عسكري في المنطقة، وتدرك أن الأسلحة المتطورة التي تمتلكها إيران قادرة على مفاجأة الجميع وقلب كل الموازين، والتصريحات الإيرانية العسكرية والسياسية تشير إلى جهوزية عالية للتحدي على كل المستويات العسكرية، بل وقد يكون التصعيد العسكري هو مخرج بالنسبة لإيران التي من المؤكد أن العقوبات الأمريكية أثرت باقتصادها سلبا.
في الرابع من شهر يوليو/ تموز، أعلنت سلطات جبل طارق عن احتجاز ناقلة نفط إيرانية، وبررت احتجازها بأن الناقلة كانت متجهة إلى سوريا (وهذا عذر أقبح من ذنب حيث تتفنن الدول الغربية بمحاصرة الشعب السوري والدولة السورية وقطع موارد الطاقة والتنمية عنه)، الأمر الذي نفته طهران لاحقا وأكدت أن الناقلة لم تكن متجهة إلى سوريا.
الحكومة الإيرانية اعتبرت خطوة احتجاز ناقلة النفط تأتي بعد طلب الولايات المتحدة ذلك، وطالبت إيران، يوم الجمعة الماضي، بريطانيا بالإفراج الفوري عن ناقلة نفط احتجزتها في جبل طارق، وقالت وزارة الخارجية في بيان إن مسؤولا كبيرا بوزارة الخارجية وصف الخطوة البريطانية بـ"غير المقبولة"، في اجتماع مع السفير البريطاني، الذي تم استدعاءه لإبلاغه بالاحتجاج الرسمي، وذلك بحسب وكالة "فرانس برس".
يذكر أن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف نشر مساء يوم الأربعاء 3 يوليو/ تموز، تغريدة عبر حسابه في "تويتر"، بمناسبة الذكرى السنوية لفاجعة إسقاط طائرة الركاب الإيرانية، أكد فيها بأن "العدوان الأمريكي ضد إيران لم يبدأ من ترامب".
أوروبا لا تريد التصعيد مع إيران، وأمريكا تريد الضغط على إيران اقتصاديا بعد اقتناعها أن الرد العسكري ستكون آثاره مدمرة، وإيران بدأت برفع تخصيب اليورانيوم في مفاعلاتها، وأسقطت الطائرة الأمريكية، وأمريكا لم ترد عسكريا، ولن يكون هناك تصعيد عسكري، إنما أصبح الميدان هو الحرب الاقتصادية، وهنا تكمن القوة الأمريكية الكبيرة في تأثيرها، ولكن أيضا القوة الإيرانية ستلعب دورا في جلب واشنطن إلى طاولة المفاوضات، وتوقيع اتفاق جديد مع طهران، ترفع بموجبه العقوبات، وإلا فالجميع أصبح يدرك حجم الأوراق بيد طهران، من مضيق هرمز إلى الأسلحة المتطورة بعيدة المدى القادرة على ضرب مناطق بعيدة عن إيران، إلى التأثير الكبير في الملف اليمني والذي أصبح يأخذ أبعادا مؤثرة.