محمد شعبان عبدالحميد إمبابي، البطل الرياضي الذي ينتمي إلى أسرة بسيطة في أعماق الريف المصري.. نموذج مشرف للإرادة الحديدة التي تنتصر على كل العقبات، ولا تعرف المستحيل.
أحب محمد شعبان إمبابي، المولود عام 1988، رياضة كمال الأجسام منذ كان في الثانية عشرة من عمره، وقرر أن يكون أحد أبطالها المرموقين في العالم، وفوجئ بالتكلفة المادية العالية التي تتطلبها هذه الرياضة الصعبة، وساعات التدريب الطويلة والمجهدة، ونقص الأجهزة الرياضية اللازمة لتحقيق الحلم، لكن كل هذه الصعاب لم تكن عائقاً أمام عزيمة الفتى الذي كرَّس وقته وجهده وحياته لتحقيق هدفه.
اختصر محمد شعبان طريقه الدراسي ليتفرغ للرياضة التي أحبها، فالتحق بالثانوي الصناعي ليتخرج وهو في الثامنة عشرة من عمره، وليبدأ العمل في هذه المرحلة المبكرة للحصول على دخل يُنفق منه على برنامج التدريب والبرنامج الغذائي المكلِّف. وخلال النهار كان يمارس مهنة النجارة التي أتقنها، ويحصل منها على دخل يقارب 3000 جنيه شهرياً، لينفق دخله كاملاً من أجل الوصول إلى المستوى الذي يتطلع إليه.
بعد سنوات من التدريب المكثف والمتفاني قرر محمد شعبان تعزيز جهوده الرياضية بالدراسة المتخصصة، فالتحق بأكاديمية بن ويدر للتدريب الدولي، وتخرج منها مُدرِّباً محترفاً لكمال الأجسام. واعتُمد مدرباً قومياً من الاتحاد المصري لكمال الأجسام، كما حصل على عضوية نقابة المهن الرياضية.
في سعيه إلى كسب رزقه ومواصلة مساره الرياضي سافر محمد شعبان إلى الكويت الشقيقة، حيث يعمل مدرِّباً لكمال الأجسام، وفي الوقت نفسه واصل تدريباته. وقد بدأ مسيرة الاحتراف عام 2016، بالمشاركة في بطولة "مستر أولمبيا الكويت" التي أحرز فيها المركز الثاني. وتوالت المشاركات بعد ذلك، حيث حصل على المركز الأول والميدالية الذهبية في بطولة "أرنولد كلاسيك جنوب أفريقيا"، والميدالية البرونزية في بطولة "أرنولد كلاسيك أوروبا"، والميدالية الفضية في بطولة "مستر أولمبيا الأردن"، وذلك تحت وزن 95 كيلو.
تطلع محمد شعبان إلى اللعب باسم بلاده وتمثيل مصر في المسابقات الدولية، فتقدَّم بطلب إلى الاتحاد المصري لكمال الأجسام لمنحه كارت الاحتراف، وظل يلاحق طلبه أشهراً دون جدوى، مما اضطره إلى مراسلة الاتحاد الدولي لكمال الأجسام للحصول على كارت الاحتراف وقد استجاب الاتحاد الدولي لطلبه بعد مراجعة سجل مشاركاته في عدد كبير من البطولات، وحصوله على مراكز متقدمة فيها.
حقق محمد شعبان قفزة رياضية في 21 يوليو 2018، بمشاركته في بطولة المحترفين للوزن المفتوح بأسبانيا، وحصوله على المركز الخامس. وكان مستواه يؤهله للحصول على مركز أكثر تقدُّما، لكن كون مشاركته في هذه المسابقة هي أولى مشاركاته في عالم الاحتراف، حالت دون حصوله على المكان الذي يستحقه.
يأمل محمد شعبان في أن تكون مشاركته الأخيرة في إسبانيا قد لفتت نظر المسؤولين في الاتحاد المصري لكمال الأجسام، أو أيٍّ من المسؤولين عن الرياضة في مصر، ويرشحه المختصون للحصول على بطولات عالمية كبرى، بما في ذلك بطولة "مستر أولمبيا" التي يُعدُّ نفسه من أجل المشاركة فيها في الوقت الحالي. وتحتاج هذه الخطوة إلى رعاية من إحدى الجهات الحكومية المسؤولة عن الرياضة في مصر، لأنه لن يكون بمقدوره أن يتحمل بشكل شخصي النفقات التي تحتاجها مثل هذه الخطوة.
إننا نعيش في عالم تلعب البطولات الرياضية فيه دوراً في تشكيل صورة الدول والأمم، وكل انجاز رياضي يضيف إلى القوة الناعمة للدول ويزيد من مكانتها واحترامها. والاستثمار في الأبطال الرياضيين أصبح صناعة تتنافس فيها الدول وتتيح للموهوبين رياضياً الحصول على جنسيتها واللعب باسمها، فهل يجد المصري محمد شعبان من بين المؤسسات الرياضية المصرية من يساعده على تحقيق حلمه، ورفع علم مصر على منصة التكريم في بطولة "مستر أولمبيا"، أكبر بطولات كمال الأجسام في العالم؟ وها هو الان يستعد لبطولة المحترفين بأيطاليا ورومانيا خلال شهر نوفمبر الجاري ونتمني له التوفيق والسداد