حول التعليم في فلسطين

حول التعليم في فلسطين

تتأثر العملية التعليمية في فلسطين بمعيقات متنوعة ومتفاقمة أحيانا, ونجد أن بعض هذه المعيقات أصبح مزمنا ومنها القابل للمعالجة ولكن بصعوبة ترتبط بحجم الإمكانيات وكذلك بالظروف المحيطة التي تؤثر زمنيا في انجاز المعالجة.

فلو تدبرنا الناحية النفسية للمعلمين لوجدنا أن غالبيتهم يكاد يصل إلى مكان العمل بحالة نفسية يرثى لها بسبب عناء الطريق التي تغلق أحيانا ويوضع حواجزا احيانا اخرى، وقد يضطر المعلم لاتخاذ مسالك وعرة تحتاج لمزيد من الوقت والجهد ليقطعها ويصل في الوقت المناسب, وهذا طبعا حال كل الموظفين والموظفات للأسف.

وليس هذا حال المعلمين فقط ولكن الطلاب أيضا يتجرعون من كأس المعاناة نفسه في معظم الأماكن من أجل الوصول إلى مدارسهم لتلقي العلم.

ولذلك فإن القلق والتوقعات حول إمكانية حدوث شئ ما وبشكل فجائي في الطرق والمسالك سيستحوذ على تفكيرهم, مستهلكا كما ليس بالبسيط من طاقاتهم وقدراتهم ومدى تحكمهم بأعصابهم, ما يجعلهم عرضة للغضب الشديد لأصغر الأسباب.

وبالنسبة للطلاب فإن ذلك يؤثر بعمق أيضا في قدراتهم على استيعاب الدروس المقررة وفهمها وحفظها.

كذلك من الناحية المادية فإن الظرف الاقتصادي السائد مع طلبات المدارس المتزايدة' تورث بدورها أولياء الأمور تذمرا وانزعاجا, ليولد سببا ومؤثرا آخر يضغط الطلاب نفسيا لشعورهم 
بأن العلم يشكل عبئا ثقيلا ليأخذ هذا ايضا حصته من قدراتهم وامكانياتهم. فيضعف تحصيلهم وتتبادر إلى أذهانهم فكرة ترك. مذاكرته لدروسه والتوجه للعمل لتأمين احتياجات وطلبات استكمال مسيرة التعليم.. هذا ان لم يفكروا بترك التعليم نهائيا.

وطبعا هذا سيجعلهم عرضة للاستغلال والضياع إن حدث, لان مكانهم الأمثل هو المدارس لا الورش والمعامل أو السوق للعمل بالعتالة ونقل البضائع بأجرة زهيدة لا تكاد تكفي ولا تساعد على بناء مستقبل أفضل لهم.

وكيف سيكون الحال مع الخطر الكبيرا الذي أصبح يهدد سلامة الصحة والأخلاق والسلوك لدى طلاب وطالبات المدارس, والذي بات يهاجمهم في عقر مدارسهم حيث يرسلهم الأهل للتربية والتعلّم, فيقعون فريسةً لمروجي المخدرات والسموم التي تدمرهم حاضرا ومستقبلا.

والذي من الممكن جدا مع هكذا حال أن يمتنع البعض أو الغالبية عن ارسال بناتهم وأبنائهم إلى المدارس خشية تعرضهم للإصابة بهدا الوباء القاتل والمدمر.. وهم صراحة لا يلامون على ذلك أبدا.

كذلك سأتحدث عن ظاهرة التحرش التي تفاقمت في وقتنا الحاضر إلى حد كبير نتيجة المؤثرات السلبية لأدوات التقدم والتكنلوجيا والتواصل المنفتح على مصراعيه, فنجد المتسيبين من المدارس يسطفون متربصين ببنات المدارس وما يتبع ذلك من مشاكل وحوادث يرفضها الأدب وتستنكرها القيم السامية, كيف لا وقد حدث أيضا ما هو أعظم كتحرش أستاذ بإحدى طالبات الصف.

والحقيقة إن تحول التعليم من عادي إلى تكنلوجي قد تسبب أيضا ببعض الضيق لبعض الطلاب وذويهم بسبب عدم امتلاكهم جهاز حاسوب في البيت أو خط انترنت, مع اعتماد التعليم بشكله الحديث على هذه المتطلبات بشكل أساسي.

وطبعا يعود ذلك لسوء الوضع الاقتصادي أو رفض البعض لفكرة استخدام بناتهم تحديدا للانترنت، لاعتقادهم الخاطئ وتركيزهم على الحد السلبي لهذا العالم الفضائي الواسع, متجاهلين الحد الإيجابي له تماما, لذلك تجد أن النكد والحيرة موجودان بشكل يومي في بعض بيوت هؤلاء الطلاب وذويهم, ما ينغص على مواصلة التعليم ويجعله مصدر إزعاج وتعجيز بحسب تقديرهم من منطلق قلة حيلتهم.

وفي اعتقادي إن حل كل هذه المشاكل لا يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم فقط, ولكن هناك أطراف عديدة يجب أن تشارك في وضع الحلول المناسبة وتقديم المساهمات والخطوات اللازمة للقضاء على أو التخفيف من كل ما ذكر من معيقات وعراقيل التعليم في فلسطين.

فإن الأيدي المكتوفة والاستسلام للظروف السيئة لن يجدي نفعا ولا دفعا للعملية التعليمية التي تعتبر أهم داعم لفهم ثغرات الحياة وتقييم الأوضاع بمنطقية تتناسب مع المعطيات والمستجدات المؤثرة في عمق مجتمعنا الفلسطيني الصامد والقابض على الجمر للحفاظ على مستوى راقي في جميع مرافق الحياة من صحة وتعليم ووضع خطط لمحاربة البطالة لدى الشباب بعد التخرج.

وطبعا إطلاق حملات التوعية المجتمعية وتكثيف الدعم الصحي والارشاد النفسي ومراكز التعليم المساند من أكثر الأدوات النافعة للتغيير نحو الأفضل في التعليم وفي شتى مجالات الحياة.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;