الولاء الضائع في القارة السمراء

الولاء الضائع في القارة السمراء

أمس أعلن رئيس دولة مالي (إبراهيم بوباكار كيتا) أنه سيترشح في الانتخابات القادمة 29 يوليوا كرئيس لولاية ثانية، وهذا تزامن مع رجوع بعض من الجيش النظامي إلي كيدال منذ انتقاله 7 سنوات خلت.
هذا يرجعني إلي وراء في تاريخ 19/9/2013 حين الرئيس (IBK) يؤدي قسمه كرئيس جديد منتخب لمالي، وأشاهده في التلفاز ، دعوته للرئيس الفرنسي آنذاك (فرنسوا هولاند)، وكتب التلفزيون الفرنسي كعنوان رئيس( مالي: بعد 7 أشهر، هولاند يرجع إلي مالي ليتوج الرئيس الجديد لدولة مالي.) حينها تميزت من الغيظ، ولم أتحمل المزيد ، هذا يعني وبكل بساطة أن الرئيس المالي ما هو إلا حاكم ولاية(ولاية مالي التابعة لفرنسا) لم لا وهم من جاءوا وأولادهم ليحرروا شقيقتنا مالي العاجزة! (هل فعلا نحن عجزة بالإطلاق؟!)
* يلاحظ أن الحدث نفسه تكرر الأمس مع رجوع بعض الحيش النظامي (17رجل) تحت حماية المجتمع الدولي(فرنسا في المقدمة) ببركة رئيس حركة أزواد(الغباس أغ انتلا).
هل تعرفون ما يؤسف في كل هذا؟ هو أن دولة مالي قبل هذه الأحداث عاشت 21 سنة من الديمقراطية، - هذا يؤكد كتاباتي دائما أن الديمقراطية لاتساعد في شئ لحل مشكلات حقيقية علي أرض الواقع- كل هذه السنوات من الديمقراطية انتهت إلي تسليم مالي كمحمية تحت فرنسا تعاني من انعدام أمن وسيادة، هذا يعني لابركة في هذه الديمقراطية .
ومن ذاك اليوم بدأت أتساءل (ماذا لو لم تكن مشكلتنا الحقيقة (الشيطانة فرنسا) ماذا لو لم نكن فهمنا حقيقة أين يتحه العالم، هل دولة مالي وجيشها عاجزان أن يحموا هذه الدولة، حتي نبكي ونتباكى لترجع فرنسا لتؤدي المهمة؟ ربما نحن الأفارقة داخليا عندنا مشكلة مع التحرر وتدبير أمورنا، 500 سنة من الإستعمار ربما سلبت منا الرغبة في التحرر ونتمني أن يفعله بدلنا غيرنا، لأننا طورنا حاسة(حب التبعية للغير).
لنفهم ما أحاول ذكره أدعوكم لشئ من السياسة المقارنة.
١- دولة كمبوديا، -ربما أغلبنا لا نعلم أنها كانت مستعمرة فرنسية سابقة - وكانت اللغة الرسمية فيها الفرنسية قبل الاستقلال منذ 1863,استقلت كمبوديا عام 1953 أول ما فعلت اجتمع مثقفوها واتفقوا علي أنه طالما تبقي اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية، فلن يتحقق الإستقلال الحقيقي، مسحوا اللغة الفرنسية من بكرة أبيها، وفِي الحال اخترعوا حروفا تعبر بها عن اللغة الوطنية التي أصبحت بعد ذلك (لغة كمير) وهي لغة كمبوديا.
وبعدها اتفقوا علي أن يصنعوا لهم عملة محلية بدلا من العملة الإستعمارية التي هي(BCA) banque de colonie d'Asie- وتسمي محليا ب(piastre)بياستر.
لكن مع الاستقلال وفقط بعد سنتين رموا هذه العملة (بياستر)
1955بدلوها بعملة محلية اسمها(RIEL) ورمزها الدولي هو(KHR)،
٢- دولة لاووس(هي أيضا نفس ماذكرت عن كمبوديا مستعمرة فرنسية ) منذ 1899، استقلت 1949, بدلت اللغة الفرنسية ب(لغة لاو،واللغة الثانية الصينية).
أما العملة بدلت العملة الفرنسية(ب لاك) فقط بعد 5 سنين من الإستقلال .
٣- دولة فيتنام(طبق نفس ماذكرت عن البقية )
استقلت 1954 من فرنسا،بدلوا العملة ب(دونغ). واللغة ب(لغة فيتنامية).
٤- خذ لك مثال سوريا-ولبنان دولتان مستعمراتان من قبل فرنسا(لكن في يومنا هذا لاالفرنسية لغة رسمية فيهما، ولا العملة فرنك لفرنسا هي عملة الدولتين) استقلت عام 1944 ومع 1946 هذه الدول بدلت عملتها ب(ليرا السوري. ليرا اللبناني).
ورفضت هذه الدول الخضوع التام لفرنسا، بشكل بسيط غيروا لغتهم، وصنعوا لهم عملة خاصة. يا أخ الأفريقي بعد كل هذه المقارنات تقرأ لرجل مثل ماكي سال(رئيس سنغال) و الحسن وترا (رئيس ساحل العاج) يقول لك لا علاقة لعملة فرنك سيفا مع هيمنة فرنسا علي دولنا وتخلفنا الإقتصادي! ثم نبحث لنا عدوا في فرنسا، عدونا الذي يمنعنا من التحرر هو هؤلاء. لا هناك أنقي وأشد من كل ماذكرت هو من ناحية (التحرر اللغوي من فرنسا)
أرجع مجددا إلي مالي في عام 1992( ألفا عمر كوناري) مع تنصيبه رئيسا لمالي، يعاد انتخابه مجددا ب 95% من الأصوات 1997، بعد ولايتين في نهاية 2002 ، لا يمكنه ولاية ثالثة تداول السلطة بطريقة سلمية وتنازل(ديمقراطية). مع بداية 2003 عين مباشرة رئيسا للجنة الأفريقية، بالمناسبة حاول جاهدا ليجعل (لغة سواحلي لغة لكل القارة) ولم ينجح.
المذهل في هذا الرئيس!! أن هذا الرئيس الرائع (كوناري) عضو في مجلس الأمانة العامة العليا للفرنكفونية في يومنا هذا. هل تعرفون ما مهمة هذا المجلس للأمانة؟ هو مجلس مكون عام 1984 وأعضاءه و ممثليه فقط من رؤساء دول وحكومات سابقين في مستعمرات فرنسية سابقة، (دول أفريقية الفرنكوفونية) لمتابعة تطور اللغة الفرنسية في مستعمراتها السابقة. وليس هو (كوناري) وحده عضو، هناك قائمة طويلة لرؤساء سابقين عضو في مجلس هذه الأمانة العامة، مثلا رئيس سنغال السابق عبدوا ديوف ، قاسم عتيم رئيس موريتيوس السابق،ووو. وهناك رؤساء ووزاء سابقين في قائمة الانتظار لم تقبلهم فرنسا بعد.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;