الأخلاق ساءت في مجتمعنا

الأخلاق ساءت في مجتمعنا

ساءت الأخلاق في مجتمعنا بدرجة لم نكن نتصورها أو نعتقد أننا سوف نصل اليها يوما ما , أو علي الأقل بالصورة التي نراها عليها اليوم . الناس في بلدنا تغيروا كثيرا للأسوأ خلال السنوات الأخيرة وكأن هناك من أخرجنا من عالمنا الذي كنا فيه وأخذنا الي عالم آخر عكسه تماما . ما حدث ويحدث يتجاوز الشعور بالاحباط الي الشعور بالصدمة العنيفة حول ما يمكن أن يحمله هذا التدهور والانحدار الأخلاقي من نتائج وتداعيات . ومن الطبيعي هنا أن نتساءل : لماذا كل هذا الذي حدث ؟ وهل كان السبب فيه هو سياسات الانفتاح الاقتصادي والثقافي العشوائي التي بدأها السادات واستمرت مع من جاءوا بعده ؟ هل هو بسبب تردي التعليم وعجز المدرسة عن أدائها لدورها التربوي والتنويري خلال مراحل التنشئة المبكرة لأجيال متعاقبة من الشباب ؟ هل لأن الثقافة الدينية التي نصدرها للمجتمع ركزت أكثر علي شكليات التدين ولم تذهب الي الجوهر الأهم في حياة الناس والمجتمع وهو المتعلق بالعلاقات الانسانية وأصول المعاملات ؟ هل هو بسبب الفوارق الشنيعة في توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء بكل ما يتولد عن هذه الفوارق من افرازات أخلاقية سلبية وغير سوية ؟ هل لانفتاح الناس بشكل هائل علي وسائل التواصل الاجتماعي وتشبعهم بالرسائل الخبيثة المنقولة اليهم عبرها ويصعب عليهم تبينها علي حقيقتها ؟ هل هو لغياب دور الأسرة في تربية الأبناء وتصحيح مفاهيمهم عن الحياة بما يؤكد علي الجوانب الخيرة فيها ؟ هل حدث الانحراف بسبب جموح التطلعات بما يتجاوز حدود القدرات والامكانات المتاحة لمعظم الناس ؟ هل لغياب القدوة والمثل الأعلي في حياة الناس خلافا لما كان عليه الحال في الماضي ؟ هل لأن الوصولية والانتهازية والنفاق أصبحوا جواز المرور الي تحقيق الأهداف دون حاجة للتعب أو لبذل الجهد ؟ هل لأن ضعف القانون هو الذي ساعدج علي انتشار الفساد واغراء الفاسدين بالتمادي ؟ هل لأن نظرة الناس الي الحياة أخذت منحي آخر حتي أنه لم يعد للقيم والانسانيات دور كبير فيها ؟ هل لأن صعوبة الأحوال المعيشية بالنسبة لقطاعات عريضة من الناس هي التي تدفعهم دفعا الي الانحراف حتي يعيشوا كغيرهم من القادرين ؟ هل , هل , هل ؟ اذن من أين يجب أن تكون البداية الي الحل : هل من الأسرة ؟ أم من المدرسة ؟ أم من الدولة ؟ أم من المسجد والكنيسة ؟ أم من الأجهزة المسئولة عن الثقافة والتوعية الفكرية ؟ أم من الاعلام كصانع للرأي العام ؟ أم من ممارسة المجتمع لدوره في الرقابة علي وسائل التواصل الاجتماعي ؟ أم باحداث تغيير جذري شامل في نمط السياسات الاقتصادية والاجتماعية ؟ أم بالتحرك بالتوازي علي كل هذه المسارات ؟ قد يكون هذا صعبا الي حد المستحيل , ولكن اليأس وترك الأمور تمضي علي حالها قد يضعنا أمام كارثة مجتمعية وشيكة لا يعلم مداها الا الله . المهمة ثقيلة ومضنية ولكنها ليست ميئوسا منها تماما اذا عرفنا من أين نبدأ وكيف نبدأ .

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;