هل نستطيع القول إن ظاهرة التعصب الرياضى صارت ثقافة عامة تنتشر فى مجتمعاتنا العربية، وأن التقليل من أنصار الفريق الآخر صار مصدر قوة؟ نعم يحدث ذلك وبكثرة فى مجتمعاتنا العربية، سيخرج علينا أحدهم ليقول وما الجديد فى ذلك، دائما ما كان الانحياز للفرق موجودا، ودائما ما كان المنتصر يطلق الصيحات والشعارات الحماسية لاستفزاز المهزوم، ولكن فى رأيى هناك تغيرات خطيرة حدثت فى ذلك الموضوع، فنحن نتبنى مفهوما حديثا للثقافة الرياضية التى يجب أن نقوم بنشرها للجميع حيث تعد ممارسة الأنشطة الرياضية " أسلوب حياة شامل " أى أننا نتعاطف ونشجع من نريد، ولاكن بأسلوب حضارى واعى، فظاهرة التعصب ظاهرة قديمة وليست حديثة، ولكن الجديد فى الأمر هو قصدية الإهانة والأذى، من قبل كان المتعصب لا يحمل فى داخله قصد الأذية، كان مقصده الرئيسى مساندة فريقة والتعبير عن فرحته، أما الآن فقد صار المقصد الأساسى من التعصب هو الشماتة فى المهزوم وإظهاره بمظهر الفاشل الذى لا يستحق الفوز، كلامى ليس مقصورا على مباريات كرة القدم فقط، أو ما يحدث فى الاحتفالات والتجمعات التى تلازم المباريات الهامه، بل الأمر أكبر من ذلك، فقد تحول التعصب فى مباريات كرة القدم إلى الصراعات والمشاحنات التى لم تسلم منا الأسر أو العائلات أو أصدقاء العمل، وصار إخفاق فريق أحدنا فرصة ذهبية ليعلن الآخرين "شماتتهم"، سيقول لى أحدهم إن الشماتة معروفة منذ قديم، سأقول له نعم ولكن إعلانها بهذه الصورة هو الجديد فى الأمر، بالطبع ساعدت وسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا وتوابعها فى تفاقم هذه الظاهرة، التى جعلت التعصب والانحياز الأعمى ثقافة سائدة، وجعلت الإهانة للأخر مباحة، فلم نعد نحترم الأخرين فى شيء، وصارت قوتنا مستمدة من ضعفهم وفوزنا قائم على هزيمتهم، وحياتنا أساسها موتهم، للأسف كل ما نعيشه يحتاج مراجعة، نحتاج أن نضبط أنفسنا، وأن نحدد مؤشراتنا، وأن نحتفل ونفرح لا أن نؤذى ونشمت، فهل هذا صعب؟