أكد وزير الإعلام اللبنانى ملحم الرياشى، أن الإعلام له دور استراتيجى فى التصدى لأفكار الإرهاب ومقاومتها، من خلال تحرير العقول حتى لا يقع الشباب العربى فى براثن التطرف.. مشيدا فى هذا الصدد بالجهود التى تبذلها مصر فى مجال مكافحة الإرهاب واصفا هذه الجهود بـ "الممتازة". وأضاف الوزير "الرياشى" فى حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن مصر تبذل جهودا كبيرة فى التصدى للجماعات الإرهابية، مستعينة فى هذا الأمر بقوة عسكرية وأمنية قادرة، وجيش محل احترام كبير للغاية.
وقال: "الجيش المصرى هو ما تبقى لنا من جيوش فى العالم العربى، ويجب أن ننظر كلنا إليه نظرة الأمل بعد انهيار معظم الجيوش العربية، وأعتقد أن هذا إنجاز لمصر". وأشار إلى أن مهمة الإعلام فى مجال التصدى لأفكار التطرف والتشدد، لا يمكن القيام بها بصورة ارتجالية، ولن تتم إلا من خلال فريق متخصص يضع استراتيجية كبرى للإعلام العربي. وأوضح أن جامعة الدول العربية عليها مسؤولية كبرى فى هذا الموضوع بالغ الخطورة، ويجب أن تضطلع بدورها فى هذا الأمر بالعمل على تفعيل مجالس الثقافة والتربية والإعلام، ووضع استراتيجية إعلامية للعالم العربى من شأنها إيجاد التواصل بصورة حديثة مع الشباب العربى، وإنشاء فكر جديد يحول بين الشباب وبين المتطرفين الذين يقومون على غسل الأدمغة بأفكار الإرهاب.
وقال "إن الدعامة الأساسية لهذه الاستراتيجية العربية - التى يجب أن يتم التأسيس لها للتصدى لأفكار الإرهاب - هى خلق إعلام تربوى يمزج بين الجانبين التربوى والترفيهى فى آن واحد" . ولفت وزير الإعلام اللبنانى إلى أن حل مشكلة الإرهاب فى العالم العربى، بصورة جذرية، يتطلب رؤية تقوم على معالجة أسباب الإرهاب فى المقام الأول، وألا يكون الأمر قاصرا فقط على قمع النتائج.. داعيا إلى عقد ورشة عمل عربية حقيقية تقوم عليها الدول الأساسية المعنية بهذا الموضوع، مثل مصر ولبنان ودول الخليج العربى وغيرها، للتعاون على مستوى شامل يتضمن إنشاء مناهج دراسية وتعليمية على أسس جديدة، تجعل لدى الطلاب القدرة والحماس على مكافحة الإرهاب والنفور والابتعاد عن منطق الإرهاب ككل، وعدم اللجوء إليه فى أى حالة من الحالات.
وأضاف أن مكافحة غسل الأدمغة بأفكار الإرهاب "تحتاج إلى مسحوق من نوع آخر يتمثل فى التربية القويمة والصحيحة التى تمتلك شجاعة مختلفة".. مؤكدا أن من بين أهم أركان استراتيجية التصدى لأفكار التطرف، تقديم أعمال فنية ودرامية وبرامج إذاعية وغيرها، تركز على إزالة الأسباب التى تدفع الشاب إلى الإرهاب، والقيمة الفكرية التى تكشف هشاشة مثل هذه الأفكار القائمة على الغش والخداع وغسل الأدمغة، وذلك على غرار عدد من الأعمال الدرامية المصرية التى كانت تقدم فى السنوات الماضية.
وأثنى وزير الإعلام اللبنانى على جهود المملكة العربية السعودية فى هذا المجال، مؤكدا أنها تقوم فى الوقت الحالى بنهضة كبيرة لإحياء الاعتدال. وفيما يتعلق بملف تشكيل الحكومة فى لبنان، أعرب الوزير عن اعتقاده بأنه لن تكون هناك حكومة فى المدى المنظور، مشيرا إلى أن العقبات أمام تشكيل الحكومة ليست فى حجم التمثيل المسيحى أو الدرزى أو غيرهما، وإنما هناك عقدة واحدة تتمثل فى غياب الدعم الأساسى لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريرى، لمنطق تشكيل حكومة فى لبنان.
وأوضح أن تشكيل الحكومة يجب أن يعطى كل كتلة نيابية حقها ، لتأمين توافق وطنى، وأن يتم تمثيل كل كتلة وفق منطق التوازن السياسى والحجم الانتخابى لها، وليس أن يتم تمثيلها مرتين أو أقل من مرة، وهذه هى المشكلة والعقبة الحقيقية التى يجب أن يتم النظر إليها وحلها.
وحذر الرياشى من خطورة الإتيان بحكومة "من لون سياسى واحد".. مؤكدا أنها ستعنى بالضرورة مشكلة كبيرة فى لبنان. وأكد أن المصالحة المسيحية بين حزب القوات اللبنانية، والتيار الوطنى الحر، قائمة وباقية وذلك على المستوى الشعبى وعلى مستوى قاعدة الهرم الجماهيرى، وأن هناك حرصا كبيرا فى لبنان على بقاء وتماسك هذه المصالحة، وذلك على الرغم من التباين السياسى الكبير بين قيادة "القوات" و"التيار".
وأضاف أن هناك حرصا بشكل استراتيجى على المصالحة أيضا بين القوات والتيار، لدى رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، والرئيس ميشال عون، فضلا عن أن هذا الأمر كان محل اهتمام بالغ من قبل البطريرك المارونى بشاره بطرس الراعى (بطريرك الموارنة فى لبنان) الذى حذر من مغبة وتداعيات المساس بهذه المصالحة واعتبرها بمثابة خط أحمر لا يجوز بأى حال من الأحوال تجاوزه، وذلك خلال جلسة ثلاثية ضمت الوزير الرياشى والنائب إبراهيم كنعان القيادى بالتيار الوطنى الحر.
وأشار إلى أن الواقعية وقراءة المشهد اللبنانى بصورة أمينة ودقيقة، تقتضى القول إن تشكيل الحكومة لا غضاضة فى أن يجمع بين الكفاءة والطائفية فى وقت واحد، لأن المكونات اللبنانية بطبيعتها تقوم على التعددية الطائفية.. مؤكدا أن النجاح والكفاءة غير قاصرين على طائفة ما وحدها.
وقال وزير الإعلام اللبنانى إنه استطاع أن يحقق رؤيته بأن تتحول وزارة الإعلام فى لبنان، إلى وزارة للتواصل والحوار، وإعادة هيكلتها ، مشيرا إلى أنه فى هذا الإطار استحدث دوائر جديدة بحيث تصبح الوزارة وسيطا للتواصل بين المواطن والمسؤول، وتهتم بالمشاكل الحياتية للمواطنين اللبنانيين، فضلا عن استحداث دائرة "الحوار" والتى تستهدف إنشاء علاقة للتواصل بين الجميع، خاصة المختلفين سياسيا ودينيا ومذهبيا.
وأضاف أن عمل دائرة الحوار فى الوزارة لن يكون قاصرا على الشأن الداخلى اللبنانى فحسب، وإنما يستهدف أن تكون بيروت ملتقى الحوارات الأخرى الجامعة لكل المعنيين بأى مشكلة أو صراع فى العالم، ومنصة التواصل فيما بينهم لحل الأزمات الإقليمية والدولية، مع استثناء الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى من هذا الأمر، لأن لبنان دولة معنية بهذا الصراع وتقف فيه إلى جانب الحق الفلسطينى ولا تستطيع أن تكون على مسافة واحدة بين الطرفين.
وأكد وزير الإعلام اللبنانى أن الإعلام الرسمى العربى له دور استراتيجى فى لبنان والمنطقة العربية، بما يتضمنه من كفاءات ونخب إعلامية قادرة، غير أنه يحتاج إلى إدارة متخصصة تقوم على الكفاءة، حتى يستطيع أن يستعيد حضوره وقوته كإعلام للشعوب وليس إعلاما للمسؤولين الرسميين.. مشيدا فى هذا الصدد بدور الوكالة الوطنية للإعلام فى لبنان (وكالة الأنباء الرسمية) والتى تعد الوسيلة الإعلامية الأكثر دقة ومصداقية فى تقديم المعلومات عن لبنان.