عندما أعود بالذاكرة إلى يوم ٦ أكتوبر ٢٠١٢، وهو تاريخ لن يُمحى من ذاكرتي ما دمت حيا، أشتاط غضبا. إن هذا اليوم شهد مشهداً من أسوأ المشاهد السياسية التي مرت على تاريخ مصر، بل هو نكسة من نكسات التاريخ المصري. وفي يوم ٦ أكتوبر عام ٢٠١٢ إبان حكم المعزول محمد مرسي وجماعته الإرهابية قام مرسي بالإحتفال بنصر أكتوبر في استاد القاهرة وبحضور قتلة الرئيس الشهيد/ محمد أنور السادات بدعوة من الرئيس المعزول شخصيا، وعلى رأسهم عبود الزمر وطارق الزمر وعاصم عبد الماجد وزمرة كبيرة من الإرهابيين الذين أنهكوا الدولة المصرية إرهابا وعنفا. هل يمكن أن يخطر على قلب أو عقل بشر أن يحدث هذا الفجور في دولة أو حتى شبه دولة؟!.. هل يُعقل أن يتم دعوة قتلة الرئيس بطل حرب أكتوبر في إحتفالات أكتوبر؟!.. كلما مرت على ذهني، مجرد المرور، هذه النكسة السياسية في تاريخ مصر أشعر بالإستياء والغضب الشديد، لكنني سرعان ما أشعر بإرتياح نفسي وضميري لمشاركتي في ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ضد هؤلاء الطواغيت رؤوس الإرهاب والعنف في مصر والعالم كله.
وبنظرة مقارنة بسيطة، فكلما تابعت مؤتمراً من مؤتمرات الشباب السنوية، التي تداوم الدولة المصرية حالياّ على عقدها بحضور الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، بغية خلق حوار مجتمعي بين الدولة المصرية، على أعلى مستويات تمثيلها، وبين شباب مصر وكذلك من أجل تأهيلهم لإستلام دفة قيادة البلاد في المستقبل، أشعر بالفرق الرهيب الفرق بين وضعية الدولة الحالية وحالة اللادولة خلال فترة حكم الجماعة لمصر. وحتى إن عدت بالذاكرة لجميع مؤتمرات مرسي والجماعة في الإستاد، ولا أعلم لماذا كان الإصرار على إختيارهم لاستاد القاهرة بشكل دائم، ومنهم كذلك ما سمي بمؤتمر دعم سوريا والذي عُقد في يونيو ٢٠١٢ لدعم إخوانهم من إرهابيي سوريا وإعلان مرسي دعمه للجهاد في سوريا، فإنك ستلاحظ أن معظم المدعوين إن لم يكن كل الحاضرين يغلب على أشكالهم الطابع الإرهابي أو كما يوصفونه هم بالطابع الإسلامي كنوع من الإقصاء لمن ليس منهم، وهو ما يوضح تماما طبيعة هذه التنظيمات فهي لا تعترف بمن ليس منهم. ولكن على النقيض تماما، ففي مؤتمرات الشباب السنوية التي تنظمها الدولة المصرية حاليا فإنك تستطيع القول أن هناك تنوع واضح في تمثيل الشباب والذي يغلب عليه الطابع المدني ويمثل قطاعات وفئات مختلفة من الشباب المصري. بالطبع لا نستطيع القول بأنه يمثل كل قطاعات الشباب المصري، ولكن على الأقل ليس ممثلاٌ لفصيل واحد كما كان يحدث من قبل.
لن ندفن رؤوسنا في الرمل كالنعام، فالعمل الجاد على حل الأزمات لن يبدأ نهائيا إلا بعد الإعتراف بالأزمة ودراستها بشكل جيد، ثم دراسة حلول ناجعة والبدء في تنفيذها. ومن هنا، لا يجب التقليل من معاناة المواطن المصري الإقتصادية خلال الأعوام الماضية وخلال تطبيق حزمة من قرارات الإصلاح الإقتصادي الضرورية والتي تماست بشكلٍ واضح مع حياة واحتياجات المواطن اليومية. كما أن هناك مشكلات إجتماعية وأخلاقية وثقافية وتعليمية في المجتمع المصري تحتاج إلى دراسات مستفيضة ومتعمقة للوقوف على أسبابها وخلق حلول لها، وجزء كبير من هذه الدراسات للمشكلات الإقتصادية والإجتماعية هو ما يحدث في مصر حاليا من مؤتمرات سنوية للشباب لخلق حوار مجتمعي ومناقشة حلول مبدعة خارج الصندوق لمشكلات المجتمع المصري وخاصة مشكلات الشباب الذين يمثلون المستقبل كما يشكلون القطاع الأكبر من هذا المجتمع. إن الفرق بين وضع الدولة وحالة اللادولة لا يحتاج جهد كبير لاستنتاجه واستخلاصه وهو تماما الفرق بين البناء والتغيير بالانطلاق والإبداع وبين التدمير والتخريب بالإرهاب والعنف. لكن لا توجد دولة بدون مشكلات ولا توجد مشكلة أو أزمة في الدنيا بدون حلول وعلاج طالما تم التعامل معها منذ البداية بشكلٍ علمي مدروس.